أقاموا سباقاً لسرعة جري الحمير في مدينة مغربية منذ أسابيع، وفي مدينة أردنية مسابقة لأجمل ماعز، وعندنا (مزايين) الإبل، كما كان للديوك في الأحساء تزاين (دون دجاجها)، مسكينة هذه الدجاجة مطلوبة مذمومة، ومهانة حتى في الأمثال الشعبية رغم المعارك الاقتصادية من أجلها ومنتجاتها، وأشعر بالسعادة حين أشاهد أخبار الاهتمام بالحيوان وتقديره ولاسيما إذا ارتفع مستوى هذا التقدير إلى تكريمه ورد الاعتبار له بمسابقات الجري والجمال في العيون والقوام ومقومات جمالية مساندة، ويغمرني ارتياح نسبي يُطمئن على توفر قدر من الرأفة بهذه البهائم كريمة العطاء، سخية الحياء جمة الوقار، تخدم دون ملل وكلل، وتعمل لنا بلا منة ومحاسبة، لم يحدث أن ذكّرتنا يوماً بجهودها تجاهنا وتفانيها معنا، تعمل بصمت وصبر حتى إن بعضها يضرب المثل بصبرها وقيلت في تحملها الحكم والأشعار، ومع هذا كله لا تعدم من يصمها بالجهل والعناد والغباء، ألم تسمع من يقول: أعند من بغل وأحقد من جمل وأغبى من دجاجة؟ نعم لا يوجد مخلوق على البسيطة ملائكي الصفات والخصائص، فمن يعيب على هذه الحيوانات في بعض شأنها ألم يلتفت إلى بعض شأنه ويحكم؟! قد أكون أذكى من الدجاجة (قلت قد) ولكنها قد تكون أكثر لطفاً ورحمة مع صغارها، وأكرم بعطائها، وأدق التزاماً بنواميس الحياة!! أجل: فنحن قد نسهر إلى بعد منتصف الليل وهي تنام - حسب ألطاف الطبيعة التي سخرها الخالق - مبكراً وتصحو مبكراً لتبيض وتعمل وتربي الصغار وترقد على بيض يضم آخرين لم يروا النور بعد، فهي في جهاد من الفجر إلى الليل، هي مثال لكائنات تعطي ونبخسها، تكرمنا ونجافيها، تجاهد للبقاء ونتولاها بالسواطير، تتابع الساعة ودورة الحياة اليومية ونحن من يعكسها، ثم نقول (الدجاجة الصقعاء) أي الغبية الغافلة الجاهلة الحمقاء، إلى آخر أوصاف ونعوت أرى معها انه من حقها أن تنتصر لنفسها لنفي كل هذه التهم والافتراءات، لو أراد الدجاج أن يلقننا درساً فماذا سيفعل؟ يمكن أن يضرب عن التلاقح والتبييض وعن الطعام وينتحر جماعياً بدعوى أنفلونزا الدجاج، أو تبتكر أي إجراء يظهر قيمتها ومدى حاجتنا الملحَة لها، كدعوة ثلة من الدواجن والحيوانات المنتجة لتنضوي تحت لوائها في حركة احتجاجية على ظلم البشر واحتقارهم لمن يكرمهم، وبالتأكيد سيحتج آدميون ممن يكرمون بعض الحيوانات على هذه الفكرة عبر مهرجانات ومسابقات بزعم أنهم لم يقصروا، ولكن الدجاجة العزيزة وعها فريق من الضأن والأبقار والأوز ورهط من الضبان سيردون على الاحتجاج: بأن من أقاموا تلك البرامج الاحتفالية للحيوان ربما لأنهم لم يلتفتوا يوماً لمشاعر أخيهم الإنسان، أو أنهم جعلوه بدرجة أدنى من الحيوان، غير أني سأنتصر لأخي الإنسان وأرد بقولي: (يا معشر البهائم إن دنيا الإنسان لا زالت ولله الحمد على شيء من الخير).