قلت لكم في المقالة السابقة التي تناولت فيها ديوان الشاعرة المبدعة (فتاة نجد) أنني سأتناول لاحقاً الكتاب الذي وصلني مع الديوان الذي لا يقل إبداعاً (تحقيقياً) عنه ولاسيما وأنه يبحث عن شاعر تاه الرواة في تحديد موطنه وأطلقوا عليه شاعر الصمان - الإقليم الشاسع - في الوقت الذي كان فيه (ذو الرمة) يقبع في بلدة اسمها (عودة سدير)، أو جماز أو النخلين والتي لحسن حظ التاريخ وحظ المؤرخين أيضاً أن تلك البلدة لم تزل مأهولة للآن وماثلة للعيان، ويقطنها قوم من خيار عوائل أقليم سدير إن لم نقل من خيار (أهل نجد) والذين حافظوا على مساجدها القديمة وأسوارها الدارسة وقصر غيلان (اللغز)، ولعل من حظ هذه البلدة أن ينبغ أحد أبنائها الثقاة ليؤرخ لها من جديد ألا وهو المؤرخ النسابة، الدكتور عبدالعزيز بن محمد الفيصل في مؤلفه الموسوم (عودة سدير) ثم أردفه لاحقاً بمؤلف جميل بعنوان (معجم عودة سدير) فكفى ووفى. ولكن.
ولأن (المرء ينشأ على ما كان والده مثل االغصون عليها ينشأ الورق) فقد خرج من عباءة أستاذنا القدير الدكتور عبدالعزيز الفيصل أحد أنجاله النجباء ليكمل مسيرته البحثية التاريخية وليتناول (بشكل خاص) آثار هذه البلدة الخالدة في كتاب رائع أسماه (عودة سدير مستودع الأسرار).
وأعني بذلك الزميل النبيل الرائع حقاً محمد بن عبدالعزيز الفيصل المحاضر - الآن في كلية اللغة العربية بقسم الادب بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية والحائز على جائزة تكريمية من قبل منظمة اليونسكو العالمية عام (2006م) لجهوده البحثية.
وكتاب محمد الفيصل (عودة سدير) يحتوي على مواضيع شتى بدءاً من تراث وتاريخ المنطقة والحياة فيها، وأبرز المعالم الطبيعية في العودة، ثم يتناول نواحيها كسوق (المشاطة ودريب الشريف والعبادية وقارة الزبير وأساطير غيلان (اللغز)!
الموغل في (أدب التاريخ) ثم يتعقب شاعرها الأقدم (ذي الرمة) وهو ينطلق منها نحو(صحصحان) الصمان العظيم.
بقيت إشارة لابد منها ونحن نتحدث عن هذا الكتاب الا وهي رسالة شكر من صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض وجهها إلى زميلنا المؤلف نظير إهدائه النسخة الأولى من هذا الكتاب الهام وهو هام فعلاً وجدير بالقراءة.