في صحيفتكم العدد رقم 14235 يوم الاثنين الموافق 19-09-2011حذّر عضو مجلس الشورى المهندس محمد القويحص وفق معلومات مؤكدة حسبَ قوله!! تعرّض الطلاب المبتعثون لمحاولات تنصير إلخ ما قاله. وفي عددكم رقم 14237 يوم الأربعاء الموافق 21-09-2011 كان للجزيرة رأيٌ في آثار الابتعاث وانعكاساته الإيجابية وقد أثلجت صدري كعادتها، وفي عددكم رقم 14238 الموافق يوم الخميس 22-09-2011 كتب الأخ محمد آل الشيخ في زاويته (شيءٌ من) مقالاً تحت عنوان مزايدات عضو مجلس شورى تضمنَ ردّاً على ما قاله المهندس محمد القويحص.
عندما أتيتُ إلى نيوزلندا لدراسة اللغة الإنجليزية في 02-08-2011 الموافق للثاني من شهر رمضان المبارك انتابني شعورٌ بالخوف من أن أشاهد بعيني بعضاً مما يقوله الناس عن الطلاب المبتعثين وأخلاقياتهم ولا شكّ أنّ كثرة الحديث عن الطلاب المبتعثين في الآونة الأخيرة تجعلُ الإنسان في حيرةٍ من أمره.
ولكني بعد أن عاشرتُهم سأذكُرُ لكم ما رأيتهُ بعيني لا ما سمعتهُ بأُذني. لقد رأيت ُما يُفرِحُ النفس ويُبهجُ القلب وما يُجبِرُكَ على الفخرِ بهم، في شهر رمضان المبارك ومع قسوة الشتاء وتقلّب الأجواء وطولِ فترة الصيام وعناء الدراسة إلا أنّي لم أر طالباً واحداً منهم أفطر يوماً من دون عذرٍ شرعي ومن دون استشارة أحد علمائنا الأفاضل، ومع اختلاف أنسابهم وتوجهاتهم ومذاهبهم الفقهية إلا أنهم اصطفّوا في الصلاة خلف طالبٍ واحد، منهم من يقصُرُ الصلاة ومنهم من يُتِمُّها ولا يُثرِّب بعضهم على بعض، رأيتُ طلاباً يُعبّرون في حياتهم وسلوكياتهم عن روح الشعب ويحملون في دواخلهم اللحمة الوطنية.
رأيتُ طلاباً كانت البعثة بالنسبة لهم معركة يتعلّمون فيها الواقع الذي يعيشون فيه وكيف يفهمون هذا الواقع بشكل شامل، لقد كانت البعثة مدرسة يتربّى فيها الطالب على التعرّف على دوره بصورة صحيحة وفي كل يومٍ يمارسون نقداً ذاتياً بلا مجاملة على أنفسهم لأنّهم لا يستطيعون الهرب منها أو الكذبَ عليها.
إنّ الطلاب المبتعثين لديهم شعور نابع من وجدانهم بأنّهم مسؤولون عن مستقبل الوطن، ولديهم إيمانٌ راسخ بالحفاظ على دينهم بلا رقابة ولا قسر.
إنّ الطلاب المبتعثين عندما اكتسبوا الحرية بمعناها العام من البيئة الاجتماعية التي يشاركونها حياتها كانوا على وعي ٍكامل بأنّها وسيلة لا غاية لذاتها، وهم مع ذلك على درجة كافية من الثقافة وضبط النفس.
حتى أصبحوا مضربَ المثل في أخلاقهم العالية وصفاتهم الحسنة وحُبِّ الناس لهم، إنّ طلابنا المبتعثين سيكونون عاملاّ حاسماً بإذن الله في التقدم الثقافي والفني والخلقي، إنّ كل مظاهر حياتنا اليومية ومؤسساتنا الاجتماعية إنما هي نتيجة وأثر من آثار العلم.
يجب على الناس أن يحذروا من استعمال الأفكار المسبقة الجاهزة فالاعتماد على الواقع الملموس وحده يكوّن الفكرة السليمة.
عندما نُشكّك في أخلاقيات طلابنا المبتعثين فإننا بذلك نُهينُ كرامتهم وليس أشدّ على الإنسان من أن تهان كرامته!! إنّهم بحاجة إلى الدعم المعنوي والعدالة في إنصافهم والوعي بالمسؤولية تجاههم.
إنّ الابتعاث مرحلة جديرة بالاهتمام وهي تعتبر نقلة نوعية في تاريخ الدولة السعودية الثالثة، شكر الله لخادم الحرمين الشريفين ولولي عهده الأمين والنائب الثاني جهودهم وبارك فيهم وأتمّ عليهم الصحة والعافية.. والله أعلم.
تركي بن سعد بن محمد البواردي
نيوزلندا - نابيير
t7-77@live.com