بعد دخول السعوديات مجلس الشورى والمجالس البلدية ما الذي سيتغير في خريطة النساء في السعودية؟
القرار التاريخي غير المستغرب على قائد مبادر مثل الملك عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله ورعاه- والذي أقر فيه حق المرأة بعضوية أعلى مجلسين سياسيين شعبيين لا يفوقهما إلا مجلس الوزراء وهو مالا تغفل عنه أحلام النساء!.. هو قرار يعلن ميلاداً جديداً وحقبة متوالية من حقب تطور المرأة السعودية.. وهو ليس غاية في ذاته بل هو وسيلة؛ إذ إن العمل السياسي الشعبي هو عمل ونشاط يبذله العضو المنتسب له لتحسين عيش المواطنين ولتقديم المشورة والمقترح الذي يتكامل مع بقية مؤسسات الدولة لمنح الحياة الكريمة لكل مواطن مهما كان جنسه أو اتجاهه أو مذهبه أو منطقته أو قبيلته، لأن الأصل في مثل هذه الأنشطة والتمثيل أنها ذات مساس بالعمل المؤسسي المدني والذي يجعل من كل المواطنين على درجة سواء بالوطنية ومن ثم بالحقوق والواجبات.
دخول المرأة لمثل هذه المجالس بداية حقيقية لتحسين أوضاع ملايين النساء اللاتي لا يحلمن بمقعد شوري أو حقيبة وزارية وهن السواد الأعم، ملايين النساء ينظرن لسيدات المجالس القادمات بأنهن المتحدث الرسمي عن قضاياهن. وهذا صحيح والمرأة التي لا تتبنى قضايا المهمشات وتعتبر ذلك من الانتقاص في حقها لا تستحق مقعد سياسي شعبي بل هي بحاجة إلى كرسي مخملي في برج عاجي!.
في مرحلتنا الأولى نحتاج المرأة التي تستهدف تحسين وضع المهمشات والسعي لإنصاف المستضعفات بإصدار القوانين الشخصية التي هي تدوين للشريعة الإسلامية حتى يسهل تنفيذها من الجهات المختصة..
لا يضير المرأة أن تتحدث في كل شيء وأي شيء وأن تكون عضو فاعل وناصح أمين في كل ما تخبره من شئون الحياة العتمة لأنها جزء فاعل في الحياة، لكن الذي يضير أن ترى بعض النساء أن تبني قضايا المهمشات هو نقيصة تقلل من مكانتهن ودورهن السياسي. العمل السياسي ليس هدفاً في حد ذاته مع أنه لاشك تعبير مهم يرمز للاعتراف بأهلية المرأة في وطنها، لكن هذا سيتجاوزه الناس ويعتادون عليه ويصبح الأهم هو ماذا تغير في خريطة المرأة الاجتماعية والاقتصادية والحقوقية على مستوى الطبقات الدنيا والوسطى لأن هاتين الشريحتين تعاني بشكل كبير من غياب القوانين الشخصية التي تعطي للمرأة عزتها وكرامتها، مازالت نساء محرومات من الأطفال ومحرومات من إدخال أبنائهن المدارس بسبب تعنت الأزواج وعدم وجود نصوص وعقوبات واضحة تنفذ بعيداً عن ردهات المحاكم وحبالها الطويلة ووجهات نظر القضاة التي تحكمها ثقافتهم ومدى سعة اطلاعهم.
متفائلة بأن العشر السنوات المقبلة ستكون سنوات تحولية بالنسبة للمرأة السعودية وذلك بفضل الله سبحانه ثم بفضل قائد هذه البلاد المباركة، ثم بفضل العمل النسوي الوطني الفاعل في المشاركة السياسية التي نترقبها ونخايلها مثلما يخايل الصحراوي الودق فاللهم أجعله مطراً صيباً مباركاً طيباً يسقي الأرض وينبت الزرع الطيب.
f.f.alotaibi@hotmail.com