نسعى لتحقيق كل أمر فيه عزتكم وكرامتكم ومصلحتكم.
التحديث المتوازن المتفق مع قيمنا الإسلامية؛ مطلب مهم.
الوصول إلى التنمية الشاملة؛ يتطلب مشاركة أوسع للمرأة.
أمامكم رسالة سامية، وأمانة كبيرة، وأنتم جديرون بحملها.
بهذه اللغة الأبوية السامية، أخذ خادم الحرمين الشريفين الملك (عبد الله بن عبد العزيز)- أيده الله بنصره- يخاطب شعبه من تحت قبة مجلس الشورى ظهيرة يوم الأحد الماضي.
عزة الشعوب وكرامتها ومصلحتها، تتحقق بقرارات حكيمة، وبخطوات طموحة، وجريئة، وشجاعة.
حفلت الأعوام الخمسة الفارطة، بالكثير من قرارات ملكية متوازنة، وخطوات إصلاحية شجاعة، لم يوقفها خوف، أو يئدها خور أو تردد.
القرار الملكي الذي أعلن عنه (عبد الله بن عبد العزيز) من منبر مجلس الشورى يوم الأحد الماضي، والذي يعطي المرأة السعودية حقها في عضوية المجلس، وفي الانتساب للمجالس البلدية ناخبة ومترشحة، هو واحد من هذه القرارات الإصلاحية العظيمة، التي تدفع بالشعب السعودي إلى الدخول في التاريخ المعاصر، وتجعل المملكة في واجهة العالم؛ بعد أن أصبحت ضمن مجموعة العشرين الكبار ، وبعد أن نجحت بفضل الله، ثم بفعل حزمة القرارات الذي أصدرها الملك المفدى بعد عودته من رحلته العلاجية، في تجاوز محنة (الجحيم العربي)، وليس الربيع العربي، فالأوطان العربية المفتتة والممزقة قبلاً، تزداد تفتتاً وتمزقاً على أيدي أبنائها الجوعى والمقهورين، ومن تحالف معهم من الحالمين بربيع عربي قادم، يمكن أن يخضر ويزهر، تحت أقدام الغاضبين، وتحت عجلات الدبابات، وعلى فوهات البنادق..!
كنت واحداً من أبناء الشعب السعودي، الذي تعلقت أنظاره بالشاشة الفضية وهو يرى الملك المفدى يخطب، ويسمعه وهو ينصف الشعب كله وليس المرأة وحدها.
رحت أردد مع الكثيرين والكثيرات، الذين لم تسعهم الفرحة بعد صدور قرار الملك في أحقية المرأة بمجلس الشورى والمجالس البلدية وأقول: شكراً والدنا وقائدنا المفدى الملك المحبوب (عبد الله بن عبد العزيز). شكراً (أبا الشعب عبد الله)، فبين وقت وآخر، نجد أنفسنا أمام قرارات إصلاحية جديدة ومفيدة، وندخل في إجراءات تغييرية نحو الأفضل.
إن قرار الملك فيما يخص المرأة في هذه البلاد، أثلج الصدور حقيقة، ذلك أن إشراك المرأة في رسم سياسة بلدها، وتوليها مهام إدارية وقيادية وشورية وغيرها، هو حق مستحق لنصف المجتمع السعودي، إذ لا يصح أن يظل هذا المجتمع النابه الناهض، كسيحاً وناقصاً إلى الأبد، فلا يرى إلا بعين واحدة، ولا يسير إلا برجل واحدة، وأن يدخل الألفية الثالثة، ونصفه عاطل ومعطل، بينما يتفرغ النصف الآخر؛ للتفنن في الوصاية عليه.
إن وجود المرأة في مجلس الشورى، وفي المجالس البلدية، وفي عموميات الأندية الأدبية، وفي مجالات العمل المختلفة، هو وجود تحتمه الحركية الاجتماعية المعاصرة التي لا مفر منها، وتتطلبه الحياة العامة لكل المجتمع، وهو لا يعني أن المرأة موجودة فقط من أجل المرأة، وأنها موكولة بقضايا المرأة وحدها.
إن المرأة وقد نالت حقها في المشاركة السياسية والعملية، يجب أن تأخذ دورها من أجل خدمة وطنها ومجتمعها رجالاً ونساءً، وأن تسهم في رسم سياسة بلدها، وتبدع في صياغة مستقبل أبنائه وبناته على حد سواء، وأن تعمل في اتجاه الحصول على المزيد من الأدوار التي تستحقها جنباً إلى جنب مع الرجل؛ بلغة جمعية، وليس لغة أنثوية منفصلة عن محيطها العام.
إذا جاءت المرأة إلى مجلس الشورى والمجالس البلدية وعموميات الأندية الأدبية؛ وهي تتحدث عن المرأة فقط، فسوف تعود بنفسها إلى المربع الأول، الذي كانت تنادي منه بالحصول على هذه الأدوار المهمة التي حققها لها القرار الملكي في مجلس الشورى، وإذا لم تستغل المرأة حضورها القادم في المشهد السياسي والاجتماعي والثقافي، من أجل الشراكة مع الرجل في الهم العام وقضايا الوطن، فهي بكل تأكيد، سوف تبقى تحت رحمة السائق الأجنبي، والخيّاطة الأجنبية، والطاهية الأجنبية، وبائع ملابسها الأجنبي، والوصي غير الأجنبي، ولن تشعر بالتغيير الذي كانت تحلم به، لأنها هي لم تتغير بما فيه الكفاية، وهذا يعني أن قرار الدولة بإشراكها في الحياة السياسية والثقافية والاجتماعية، قرار متقدم عليها، وهي متأخرة عنه إلى أمد ربما يطول.
المرأة نصف المجتمع، والنساء شقائق الرجال، وكثير من قرارات الدولة وتوجهاتها الإصلاحية والتحديثية في السنوات الأخيرة- وخاصة في عهد رائد الإصلاح (الملك عبد الله بن عبد العزيز) حفظه الله- تكشف عن تقدم صانع القرار، وتأخر المعني بالقرار..! وهذه مفارقة نأمل أن تتجاوزها المرأة السعودية، فتثبت أنها في مستوى ما أعطيت من حق، هذا إذا أرادت أن تنال المزيد من الحقوق في الحياة العامة لدولتها ومجتمعها.
ألم يقل (أبو الشعب الملك عبد الله) حفظه الله؛ وهو يخاطب أبناءه من منبر الشورى: (أمامكم رسالة سامية، وأمانة كبيرة، وأنتم جديرون بحملها)..؟
نعم.. نعم.. أمام كل منا في هذه البلاد العزيزة، رسالة سامية، وأمانة كبيرة، والكل منا جدير بحمل هذه الرسالة وأدائها على الوجه الذي يدعم وحدتنا الوطنية، ويحفظ أمننا، ويعزز استقرارنا، ويسهم في توفير المزيد من الهناء والرخاء لنا ولأجيالنا القادمة.
انتبهن.. أيتها المواطنات القادمات إلى الشورى، ومجالس البلديات والعموميات الأدبية: أمامكن رسالة سامية، وأمانة كبيرة، وأنتن جديرات بحملها.
بوركت (أبو الشعب عبد الله)، وعشت لأبنائك وبناتك في وطن العز والكرامة: (المملكة العربية السعودية).
assahm@maktoob.com