|
الجزيرة – ماجد إبراهيم:
كشفت وزارة العمل لـ»الجزيرة» عن حزمة من المبادرات تنوي إطلاقها تباعاً خلال الأسابيع القادمة، تعنى بحماية الأجور وتطوير خدمة التوظيف للسعوديين من خلال افتتاح مراكز توظيف نموذجية بالإضافة إلى مبادرة أخرى تهدف إلى تضييق الفجوة بين أجور العمالة الوافدة والعمالة السعودية، وأكدت الوزارة على أنها ماضية في العمل على إطلاق مشروعها الضخم المتمثل في المرصد الوطني للقوى العاملة، الذي ستجمع فيه كل البيانات عن القوى العاملة السعودية بتفصيلات دقيقة حول المؤهلات والمهارات والخبرات لمن هو على رأس وظيفة أو من هو طالب عمل، بحيث تشمل هذه البيانات التوزيع الجغرافي لطالبي العمل في مناطق المملكة وكذلك أعداد وتخصصات السعوديين في مراحل التعليم المختلفة العام والجامعي والمهني والتقني.
حرمان المنشآت المخالفة من تسهيلات الحكومة
وأوضح لـ»الجزيرة» وكيل وزارة العمل للشئون العمالية أحمد الحميدان أن الوزارة تعتبر هذه المبادرات روافد أساسية لضبط سوق العمل ودعم برنامج نطاقات، مشيراً إلى اكتمال بعضها وقرب إطلاقها خلال الأسابيع القادمة فيما لازالت بعض من هذه المبادرات قيد الدراسة، وعن تفاصيل هذه المبادرات قال الحميدان: «إحدى المبادرات تعنى بحماية الأجور بحيث يتم توثيق كافة الأجور للعاملين في سوق العمل عبر الأنظمة البنكية، حيث ستساعد هذه المبادرة على ضبط المشاكل المتعلقة بتأخير الأجور ومعرفة المتلاعبين في ذلك بشكل فوري وبرصد تاريخي يحدد عدد المخالفات بهذا الإطار ومدى جدية المنشأة في تحقيق سجل نظيف خالي من الأخطاء أو تسيبها واستمرار إصرارها على التهاون في تطبيق نظام العمل، كما ستساعد على معرفة الأجور الحقيقية في السوق ومنع التلاعب في مسيرات رواتب العاملين وذلك النوع السيئ من الاتفاقات التي للأسف ينفذها قله من السعوديين من الطرفين (أصحاب العمل وطالبي العمل) دون القيام بعمل حقيقي للعامل السعودي يساعد على تدريب وتأهيل السعوديين للانخراط في سوق العمل وتقدير قيمة مضافة له»، وأضاف الحميدان: «هناك مبادرة أخرى تعنى بتطوير خدمة التوظيف للسعوديين من خلال افتتاح مراكز توظيف نموذجية تقوم بتقديم خدمات قياس الميول والإرشاد المهني وتوجيه طالبي العمل للفرص الوظيفية المتاحة ومساعدتهم في فهم واستيعاب سوق العمل وأنظمته وكيفية التقدم للوظائف، وسترى هذه المراكز النور في غضون أسابيع قلية. كما أن هناك مبادرات أخرى منها ما هو مرتبط بربط نسب التوطين في المنشآت العاملة في سوق العمل بالمشاريع التي تطرح للمنافسة من قبل الدولة و بالخدمات التي تقدمها، بمعنى أن المنشاة التي حققت نسب توطين مرتفعة ستحصل على ميزة نسبية وأولوية في تلك المشاريع وستحرم المنشآت التي لم تلتزم بنسب التوطين من الخدمات التي تقدمها الجهات الحكومية وشبه الحكومية، وبشكل عام ستعمل وزارة العمل على تكييف كل ما تستفيد منه المنشأة العاملة في سوق العمل بالمملكة لتزيد من فرص استفادتها من المناخ الاقتصادي الجيد في المملكة ومن الخدمات التي تقدمها الدولة سواء كانت خدمات أساسية أو قروض أو إعانات، ستكيفها لتكون ميزة لتلك المنشأة التي ساهمت ونجحت في التوطين وعقوبة لمن لم تساهم»
المرصد الوطني للقوى العاملة
وأشار الحميدان إلى مبادرات أخرى تعتزم الوزارة إطلاقها قائلاً: «هناك مبادرات عديدة أخرى مثل تعميم الفحص المهني لكل من يعمل على أرض المملكة، ومبادرة مرتبطة بتضييق الفجوة بين أجور العمالة الوافدة والعمالة السعودية والتي تجعل العامل الوافد يتمتع بميزة نسبية على العامل السعودي بسبب انخفاض أجور العمالة الوافدة، وأود أن أشير أيضا إلى مبادرة هامة ومشروع ضخم هو المرصد الوطني للقوى العاملة، هذا المرصد ستجمع فيه كل البيانات عن القوى العاملة السعودية وبتفصيلات دقيقة حول المؤهلات والمهارات والخبرات لمن هو على رأس وظيفة أو من هو طالب عمل، وستشمل التوزيع الجغرافي لطالبي العمل في مناطق المملكة وكذلك أعداد وتخصصات السعوديين في مراحل التعليم المختلفة العام والجامعي والمهني والتقني. وبالتأكيد سيكون لهذه البيانات فوائد كبرى في التخطيط للقوى العاملة في سوق العمل ورصد دقيق للوضع الراهن والمستقبلي يمكن الوزارة من ترجمته إلى برامج عمل لاستيعاب هذه الأعداد سنويا. كما أن المرصد سيتعامل أيضا مع العملة الوافدة بنفس الصورة ويحدد تركيبتها ومدى توفر القوى العاملة الوطنية التي يمكن إحلالها مكانها. وسيكون من الفوائد الهامة أيضا توفير جسر للتواصل السريع والآلي بين طلاب العمل وأصحاب العمل وفقا للمهن والتخصصات المطلوبة ووفقا لمواقع تلك الوظائف المتاحة كما سيساعد على التخطيط المناطقي للقوى العاملة وتوفير بيانات للمشاريع التجارية المستقبلة تستطيع من خلالها تحديد أي الأماكن أنسب لإنشائها. وأضيف على كل ما تقدم أن المرصد سيوفر معلومات عن التاريخ الوظيفي للعامل السعودي ستتاح لصاحب العمل ليتمكن الاختيار بطريقة علمية وسريعة وكذلك تحدد لنا معدلات الدوران الوظيفي للعاملين السعوديين وتحديد أولئك الجادين في الوصول إلى العمل والالتزام والاستمرار فيه وأولئك الذين يختارون التعطل بإرادتهم، هناك جهد كبير جدا على هذا الصعيد نتأمل أن تكون نتائجه ذات فوائد عظيمة لسوق العمل».
100 ألف شركة ومليون عملية إلكترونية
وعن مدى تجاوب المنشآت في القطاع الخاص مع برنامج «نطاقات» قال الحميدان: «المؤشرات طيبة فعلى سبيل المثال الخدمات الإلكترونية التي بدأت الوزارة بالتحول إليها تدريجيا رغبة في تحسين خدماتها واستجابة لمعطيات برنامج نطاقات تشهد إقبالاً كبير من منشآت سوق العمل فخلال شهر من إطلاق خدمة التسجيل الإلكتروني من خلال موقع وزارة العمل، سجل حوالي 100 ألف منشأة ونفذت خدمات الوزارة الآلية خلال الأشهر الماضية حوالي المليون عملية وتم زيارة موقع نطاقات في موقع الوزارة حوالي 200 ألف زيارة. كما أننا نلحظ الكثير من الجهد من قبل منشآت السوق في تحديث بياناتها وإعادة ترتيب أوراقها ومعلوماتها استعداداً للمرحلة المقبلة. نحن ننظر إلى كل هذه الأمور بتفاؤل مكررين دعوتنا للجميع للانخراط مع الوزارة في هذا الجهد الوطني، ومع ذلك أعتقد أنه من المبكر جداً الحكم على التجاوب، ولكننا نعتقد في وزارة العمل أننا نجحنا في التمهيد للبرنامج بشكل جيد من خلال الحملة الإعلامية التعريفية بشتى صورها من إطلاق موقع مخصص لنطاقات وزيارات ميدانية لقطاع الأعمال في أغلب مناطق المملكة، وكذلك الحملة الإعلامية في كافة وسائل الإعلام المقروء والمرئي. وحقيقة نحن نلمس بوضوح تقبلاً من سوق العمل للبرنامج، والجميل أن هذا التقبل يتم عن قناعة بواقعيته وبعدالته ومنطقيته وشفافيته، ولا أخفيك أن هذا كان أحد أهداف الوزارة في الأصل لقناعتنا بأن أي برنامج لا تستمد تفاصيله من واقع السوق ويراعي في فرضياته آلية عمل السوق ومصالح الأطراف المتضادة لن يخرج بنتيجة منطقية تقنع بعدالتها جميع الأطراف، وسيقابل بالكثير من الرفض ومحاولات الالتفاف. ووزارة العمل تنظر إلى أصحاب الأعمال كشركاء ولذلك نحن لا نسعى للعقوبة كهدف بل ننظر لها كإصلاح لممارسة مرفوضة في سوق العمل لا تخدم الصالح العام ونحرص على دعم الجميع لأننا على قناعة تامة أن الجميع حريص على المصلحة العامة بقدر حرصنا، كما أنهم حريصون على أعمالهم وينتظرون برنامجا يحقق مصالح الجميع بواقعيه ودون إغراق عاطفي ربما يستمر بعض الوقت ولكنه بالتأكيد لا يستمر كل الوقت، كما أود أن أضيف أننا لا نعتبر برنامج نطاقات برنامجاً يخدم نسب التوطين فقط بل برنامجاً لضبط السوق وتصحيح معلوماته ودقتها ويساعد أولئك الذين أخذوا مسالة التوطين كهدف إستراتيجي لهم في سوق العمل ويحقق لهم تميزاً عن الآخرين الذين لم يعيروا عملية التوطيما تستحق من اهتمام، ومن هذا المنظور فهو برنامج مفيد لمن حقق ويقول له شكراً ويحفز من لازال يعمل على التوطين ويعاقب فقط من يتخلف. ونطاقات خرج بفكر مختلف استمد مكوناته من فكرته الأساسية وتسلح بآراء من هم في السوق ويعرفون تفاصيله ودقائق الأمور فيه، فحن لم نعتد برأينا ونعتبر أننا على فهم ودراية أكثر من الآخرين ونطلق قواعد من بروجنا العاجية (كما كنا نتهم) بل تواصلنا مع الجميع وقاد معالي الوزير هذا الجهد من خلال أكثر من 30 ورشة عمل شارك فيها الكثير من رجال الأعمال بجهدهم وآرائهم، وقد كان لذلك الأثر الكبير في تحسين وتطوير آليات البرنامج وزيادة واقعيتها وملامستها المباشرة لحقائق السوق».
تفاؤل بعدم معاقبة المنشآت
وفي رده على سؤال حول الحجم التقديري للمنشآت المتوقع تعرضها لعقوبات «نطاقات»، أكد الحميدان أنه من الصعب حالياً توقع عدد المنشآت التي ستتعرض للعقوبات، وأضاف: «نحن نراقب تجاوباً مع البرنامج ونعتقد أن الجميع بدأ في التحرك ونتمنى أن نصل للموعد المحدد ولا يكون هناك أي منشأة ستتعرض للعقوبة، فكل يوم يحدث الكثير ونحن متفائلون بأن يحقق البرنامج الهدف الذي نسعى من خلاله لتحقيقه، وأن يحقق أيضا أصحاب المنشآت أهدافهم في تحركهم نحو التعديل ونخرج نحن وهم وطلاب العمل رابحين، في الدراسات والتحاليل المعمقة للسوق التي سبقت برنامج نطاقات، حرصت الوزارة على الواقعية في تحديد نسب التوطين من خلال عدد من المعايير كان أحدها ما حققه السوق فعليا في الخمس سنوات الماضية، وطبقت عدد آخر من المحددات مثل حجم المنشأة وتفصيل أوسع للأنشطة يراعي التجانس بين النشاطات التجارية في السوق. هذه الأعمال مجتمعة كانت أساسا للشكل النهائي لخريطة نسب التوطين في نطاقات التي أيضا وضعت الوزارة برنامجا زمنيا لتطبيقها يراعي حاجة السوق للتعرف على آليات البرنامج ثم يبدأ بإجراء التعديلات اللازمة. الوزارة أعلنت عن فترة ثلاثة أشهر تقريبا لتطلع المنشآت على البرنامج وتبدأ باتخاذ ما يلزم من خطوات، ثم أطلقت البرنامج في 12 شوال مع تأجيل لتطبيق العقوبات حتى أول محرم 1433 هـ لمن هم في النطاق الأحمر وإلى الأول من ربيع الأول لمن هم في النطاق الأصفر، وكل هذه الترتيبات الزمنية تهدف إلى إعطاء الفرصة الكافية لجميع المنشآت للتعامل مع البرنامج».
التعديلات على «نطاقات» قادمة ولكن بشرط!
الكثير من الملاحظات الموجهة إلى وزارة العمل على برنامج نطاقات والمطالبات بتعديلات عدة على البرنامج، يؤكد الحميدان على انفتاح الوزارة تجاهها، ويضيف: «بالتأكيد سيطرأ تعديل، والوزارة تعتبر أن المرونة من مميزات البرنامج إضافة للواقعية والمنطقية والشفافية والعدالة، والوزارة أيضاً منفتحة لأي أطروحات تهدف إلى تطوير البرنامج وزيادة قوة الثوابت التي بني عليها، ولكنها في نفس الوقت تعتقد أن هذه الأطروحات لا بُد وأن تنطلق من دراسات علمية دقيقة وواقعية تقنع الوزارة عملياً وبنفس الطريقة التي بنت عليها نتائج أعمالها وخرجت منها ببرنامج نطاقات. فمعالي الوزير شخصياً أعلن في أكثر من لقاء أنه سيستمر في تطوير البرنامج سواء بنتائج نلمسها نحن من السوق ونقوم بتحليلها ونعتقد أنها تستوجب تعديل البرنامج أو بأطروحات من السوق نفسه تثبت الحاجة إلى التعديل هنا أو هناك ولكن بما لا يخل بالأهداف النهائية للبرنامج»، وعن النيّة لزيادة عدد النشاطات بحسب تقسيم نطاقات والبالغة 41 نشاطاً، لمراعاة اختلاف النسب المطلوبة من السعودة، قال الحميدان: «كما ذكرت سابقا فإن معالي الوزير أعلن في أكثر من لقاء أنه سيستمر في تطوير البرنامج ويعتبر أن برنامج نطاقات مرن ويستجيب للتعديل متى ما دعت الحاجة، ومتى كان هذا التعديل يحقق الصالح العام، ولكن ما نؤكد عليه أن التعديل لن يحدث إلا بعد إجراء دراسة علمية تؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن المبررات التي دعت إليها ضرورية وأنها لا تتعارض مع مبادئ البرنامج وهدفه الأساسي المتمثل في تحفيز التوطين في منشآت القطاع الخاص» وأكد الحميدان أن هناك مخططاً مستقبلياً محدد الملامح لنطاقات وأن المنشآت التي لا ينطبق عليها البرنامج حالياً بسبب العدد المحدود لعامليها سيأتي قريباً تدرج زمني مناسب لإلحاقها بشرائح البرنامج وفقاً للمراقبة التي تقوم بها للسوق، مشيراً إلى أن الوزارة تنبّه إلى أن مثل هذه المحاولات التي تهدف إلى الالتفاف على أهداف التوطين سيكون مصيرها الفشل مؤكداً على أن الوزارة تستغرب وبعد كل هذه الواقعية والمنطقية في التعامل مع سوق العمل أن يستمر البعض في مثل هذه المحاولات.