مثل أي شخص آخر فقد مرت علي أسقام وآلام كثيرة، وهذا لا مفر منه في هذه الدنيا، وأحد الأسباب هو الجلسة الطويلة على الكرسي، وهذه -أيضاً- من حقائق الحياة المعاصرة التي يصعب تفاديها تماماً، والجلسة المطولة على الكرسي تسبب أمراضاً لا أول لها ولا آخر، تبدأ من الطفيفة مثل الآلام وتتدرج إلى زيادة الوزن والأمراض الخطيرة المتعلقة بذلك، وفي حالتي فقد سببت لي ألماً في أسفل الظهر، وظل معي الألم فترة طويلة وأنا أحاول علاجه بشتى الطرق، وركزت بالذات على تمارين رياضية معينة تركز على تمرين ومط عضلات أسفل الظهر، وخففت هذه التمارين من الألم قليلاً ولكنه لم يشفَ نهائياً، إلى أن جربتُ الحجامة، والحجامة معروفة، وهي من الطب النبوي، فقال عليه الصلاة والسلام في حديثٍ صحيح: «الشفاء في ثلاثة: في شرطة محجم أو شربة عسل، أو كية بنار، وأنا أنهى أمتي عن الكي»، وهو عليه الصلاة والسلام لا ينطق عن الهوى، فهذا الحديث كأنه أتى من مصمم الجسم البشري نفسه سبحانه، وقد قال في حديثٍ صحيحٍ آخر «خير ما تداويتم به الحجامة»، وقد قرأت لقاءً مع أحد الأطباء الاستشاريين وهو أيضاً يمارس الحجم وأفاد أنها أدت إلى تحسن واضح في وظائف الكبد ومرض السكر وعلاج ضغط الدم المرتفع والصداع النصفي وعلاج بعض الأمراض الجلدية والربو، إضافة إلى تحسنات ملحوظة في الأطفال الذين يعانون من شلل مخي، وكذلك الشلل النصفي وشلل الوجه. غير هذا فإنها تعالج زيادة الكوليسترول والنقرس والخمول وتحسين كريات الدم الحمراء البيضاء والصفائح الدموية وأمراض النساء والولادة والكثير غير ذلك! وقد نشر موقع سي إن إن عام 2004 اكتشافاً علمياً جديداً يفيد أن الحجامة تعالج أحد الأمراض المعدية الشهيرة والمعروف باسم عدوى المكورات العنقودية، وذلك بالتخفيف من الحديد في الدم وهو ما تتغذى عليه البكتيريا هذه، وهذا بالضبط ما يفعله أحد الأدوية الذي يكافح مرض الملاريا أيضاً.
والحقيقة أني لم أجربها لألم الظهر بل لأمرٍ آخر، وكانت إحدى المناطق التي قصدها الحجام هي الظهر، وبعد انتهاء الجلسة وجدت أن الألم اختفى تماماً ولله الحمد، ليس بشكلٍ تدريجي بل فوراً، وهي مفاجأة أسعدتني بعد أن عانيت سنيناً من هذا الألم، وإنما كان السبب العضوي الرئيسي الذي ذهبت من أجله هو برودة شديدة ومستمرة كنت أشعر بها في القدمين، ووجدت أن الحجامة أزالت تلك البرودة تماماً بحمد الله.
ولمن تساءل عن الألم فالحجامة لا تؤلم إلا شيئاً بسيطاً جداً لا يُذكَر، شبيه بقلع شعيرات صغيرة من الجلد، وربما أخف من ذلك.
وطريقتها أن توضع أكواب صغيرة على مواضع معينة وتُفرغ من الهواء مما يسحب الجلد والدم تجاه الكوب ويخدر تلك المنطقة، ثم تُرفع الأكواب ويحدث المعالج شقوقاً صغيرة ثم يضع الأكواب المفرغة من الهواء لتسحب الدم الفاسد، وعندما سحب الحجام الدم من رأسي ذات مرة خرج الدم أسوداً متخثراً مثل القار أو القطران الأسود! أي فاسداً ميتاً.
وعندما تُخرج الدم الفاسد من جسمك فإن الجسم يبدأ في إنتاج خلايا دموية جديدة قوية، مما ينعش الدورة الدموية وينظفها.
وهذا يختلف عن التبرع بالدم طبعاً، فالتبرع يجعلك تُخرج دماً سليماً، بينما الحجامة تُخرج الدم الفاسد الذي يجلس ساكناً لفترات طويلة ليضرك ويسبب الآلام.
والحجامة الوقائية يستحب عملها في أيام 17 أو 19 أو 21 من الشهر، أما العلاجية ففي أي وقت.
أي شيء يحتويه الطب النبوي فطبقه «وأنت مغمّض» كما يقول العامة، ومن تجربتي فأنصح بها وبشدة حتى لو لم تكن تعاني شيئاً، ذلك أن درهم وقاية خيرٌ من قنطار علاج.