دخـول المـرأة معترك الحياة التنظيمية والإدارية، وحق التصويت والترشح في المجالس البلدية والشورى، ومساهمتها باتخاذ القرارات المصيرية في بناء الوطن جاء بتوجيه واضح من خادم الحرمين الشريفين، ليجعل المرأة أمام واجباتها، لكي تحقق ما هو حري بتطورها ورقيها بالمجتمع نحو الأفضل، ولتكتمل منظومة الشورى بشقيها الرجالي والنسائي.

وليس غريباً أن تكون المرأة في بلادنا عاملة ناجحة، ومدربة على القيادة بامتياز، فقد عهد عنها تميزها في أي مجال تجد ذاتها فيه، من خلال المساهمة مع الرجل أو تصديها للعمل بمفردها. فالسياق التاريخي ينقل لنا عطاء المرأة ونشاطها في السابق والحاضر، في المزرعة والبئر والرعي وتربية المال وحفظه، والبيع والشراء في السوق بطريقة مميزة، نظراً لما عهد عنها من حرص وعناية بما يوكل إليها من مهام، فهن شقائق الرجال، ولا ضير من تصديها لكل عمل من شأنه أن يخدم أسرتها ومجتمعها على حد سواء.

قرار دخول المرأة في مجال مجلس الشورى والمجالس البلدية يحمل بين طياته تصوراً أشمل لدور المرأة في بناء الحركة التشاورية واتخاذ القرار، لأن من سيدخل مجلس الشورى من النساء وكذلك المجالس البلدية سيعيد دورها في المجتمع، لا سيما في مجال الأسرة والطفل واحتياجات المجتمع من القرارات المهمة التي لا يمكن أن تكون ناجعة ما لم يكن للمرأة دور واضح فيها.

فمن يعود إلى تصريحات بعض القائمين على شأن الانتخابات البلدية قبل صدور أمر خادم الحرمين الشريفين يدرك أن هناك من كان يحاول إقصاء المرأة وهضم حقوقها من خلال التنويه بأن الفرصة لم تحن بعد، إلى أن جاء من ينتصر لها ويجعل أمنيتها واقعاً ملموساً في مجال تمثيلها في هذه المجالس.

كما أن هناك تداخلاً أو خلطاً ما في فهم رؤيتي (مساواة المرأة بالرجل) و(حقوق المرأة) لا سيما في مجالات وأدوار الأنثى في المجتمع، فمن الأهمية بمكان تغليب فكرة أو ضرورة أن تأخذ المرأة حقوقها كاملة غير منقوصة، مع أهمية الابتعاد عن تجشم عناء الاجتهاد في أمر مساواتها بالرجل، نظراً لوجود الفارق الواضح في التكوين والبناء والسلوك بين الرجل والمرأة الذي لا يمكن لنا تجاوزه، وإن أيقنا بداهة بأن العقل هو المعيار السليم في بناء المقارنة، ولنأخذ من الجميع ذكراً وأنثى ما يفيد، مع نبذ أي فكرة تؤصل للهيمنة أو التسلط أو الاستحواذ على الآخر تحت أي ذريعة.