|
إن نظرة جديدة لما يعنيه الازدهار بالنسبة إلى الأفراد والمجتمعات آخذة بالسيطرة على أنحاء من عالم الأعمال وهي تشمل علم النفس الإيجابي واقتصاديات الرفاه، والعلوم العصبية، والتسويق.
وتقوم مؤشرات الازدهار الجديدة على غرار «مؤشر الكوكب السعيد» (Happy Planet Index) و»مؤشر التقدم الحقيقي» (Genuine Progress Indicator) باختبار الرابط بين الثروات والنمو والرفاه في الوقت الذي لم يعد فيه إجمالي الناتج المحلي لإحدى الدول أفضل مقياسٍ لجودة الحياة. فبيانات «مؤشر الكوكب السعيد» مثلاً، تشير إلى ازدياد «سنوات الحياة السعيدة» بنسبة لا تتعدى الـ15% على الرغم من النمو الاقتصادي المهم الذي يشهده الغرب منذ العام 1961. وتظهر النتائج الصادرة عن الأكاديميين ومراكز الدراسات والبحوث أيضاً أنه متى تخطى الدخل مستوى محدّد حققه منذ فترة طويلة الغرب، يمسي جزء بسيط من الرفاه الشخصي مرتبط بالدخل. وبدلاً من ذلك، بعض أفضل الطرق لتعزيز نوعية الحياة يكمن في التواصل مع الأصدقاء والأسرة والمجتمع الخاص بالفرد المعني، والقيام بنشاطات جسدية والسعي خلف تحقيق الأهداف.
وفي السياق ذاته، بدأ السياسيون في وضع أطرٍ محددةٍ لسياساتهم تقوم على الرفاه والمجتمع، بدلاً من الثروات والفردية. وفي العام 2009، طلب الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي من الخبير الاقتصادي في «جامعة كولومبيا» (Columbia University) والحائز على جائزة نوبل جوزيف ستيغليتز تولي مراجعة السياسات المرتبطة بهذه المسائل. وأما في بريطانيا، فقد وكّل رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كامرون «مكتب الإحصاء الوطني في المملكة المتحدة» مهمة قياس الرفاه على الصعيد الوطني.
وإنّ مثل هذه الإشارات المتأتية عن الحكومات والمؤسسات غير الحكومية على حد سواء هي التي تضع الضغوط على الشركات لتطوير أعمال تتمتع بمصداقية أكبر، وتتخطى مفهوم الاستهلاك، وتضع الرفاه في محور اهتمامها.
وفي الآونة الأخيرة، تحدّث أحد عملائي وهو من أبرز الرؤساء التنفيذيين في بريطانيا، إيان تشيشاير من متاجر سلسلة التجزئة «كينغ فيشر» (Kingfisher)، عن الحاجة إلى رأسمالية جديدة تُولّي الرفاهية على النمو. ويذكر أنّ تشيشاير هو واحد من بين عدد من الرؤساء التنفيذيين في بريطانيا وأماكن أخرى في العالم الذين يبذلون جهوداً مضنيةً خلف الكواليس لإدراك كيفية العمل على تطوير نماذج أعمالهم بطريقةٍ توفّر فيها منتجاتهم الدعم للعملاء والعمال والمجتمع ككل.
والآن، يبدو أنّ حركة الرفاه على استعداد للقيام بالخطوة التالية ألا وهي تحويل النظرية إلى ممارسة عن طريق الاختبار والابتكار.
(يعمل جولز بيك مع الشركات على الابتكار الاستراتيجي كشريك مؤسس في «فلوريشينغ انتربرايز» (Flourishing Enterprise)، كما يشغل منصب الوصي على مراكز الدراسات والبحوث «ذا نيو إيكونوميكس فاونديشن» (New Economics Foundation) و»ريس بوبليكا» (ResPublica)، ويترأس «مجموعة الاستدامة» (Sustainability Group) لدى شركة «ادلمان» (Edelman). تولّى في وقتٍ سابقٍ إدارة «مجموعة سياسة جودة الحياة» (Quality of Life Policy Group) لرئيس الوزراء ديفيد كامرون).