اختلفت التجربة الانتخابية للمجالس البلدية للدورة الثانية عن الدورة الأولى بشكل واضح أدركه الجميع من حيث الشكل والمضمون، ولعل ذلك يعود إلى أمور كثيرة أهمها في رأيي أمرين الأول يعود إلى إدارة الانتخابات ولجانها المتخصصة، وهي إدارة وطنية كما صرح بذلك صاحب السمو الملكي الأمير منصور بن متعب بن عبدالعزيز، فكان النجاح واضحا في المراحل المتعددة للعملية الانتخابية، فما قبل يوم الاقتراع كانت الضوابط والتعليمات واضحة للجميع واستخدمت وسائل إعلامية مناسبة في ذلك، وأثناء الاقتراع كان التنظيم جيدا وطريقة التنفيذ سهلة، والشفافية واضحة والمرشحون متابعين ما يجري أمامهم مما يعطيهم الطمأنينة والثقة بنزاهة النتائج، وصولا للمرحلة الأخيرة لفتح صناديق الاقتراع والفرز وإعلان النتائج، الأمر الثاني اتضح إدراك غالبية الناخبين لأهمية نتائج الانتخابات، واستفادوا من التجربة الانتخابية السابقة الشيء الكثير.
هذه العوامل وغيرها أعطت شكلا ومضمونا لهذه الدورة يختلف عن الدورة الأولى، فمن حيث الشكل لم نشاهد المقار الانتخابية الملفتة للنظر ولا إقامة الولائم المتكلفة ولا الأمسيات أو الندوات المصاحبة لذلك والتي تستجدي الناخب وتؤثر في قراره الانتخابي، ولم نر الحملات الإعلامية المكثفة وما تؤديه من هالة إعلامية مؤثرة، ولم نقرأ قوائم ذهبية ورسائل نصية تشيد بهذا أو ذاك، فظهرت فائدة التنسيق مع هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات لرصد الرسائل ومتابعتها. أما من حيث المضمون أصبح التنظيم وتقسيم العمل واضحا، وتواجد أعداد مناسبة من الموظفين المدركين للأعمال المسندة لهم، القادرين على شرح وتبسيط التعليمات للناخبين لديهم الصلاحية المناسبة لتنفيذ الضوابط، وأضيف لهم مختصون في القانون يمكن الرجوع لهم عند الحاجة، لم نعد نشاهد المرشح يستقبل الناخبين ويستجديهم ويحرجهم ويؤثر فيهم مما رفع الحرج عن الناخبين وأعطاهم حرية أكثر للاختيار، فقد خصص للمرشحين مكان مناسب يمكنهم من خلاله المتابعة الحقيقية لمجريات العملية الانتخابية.
انتهت العملية الانتخابية وظهرت النتائج، وطبيعة الحال سيكون الكلام عنها كثيرا يقتنع فيها البعض ويخالفهم آخرون، وظهر معها دروس مستفادة، وفي المستقبل سوف تتكرر الانتخابات ولا شك أن المسئولين يتابعون كل ذلك، ويرحبون في المقترحات والملاحظات التي ترد من المواطنين المشاركين في المسئولية، فهل سيكون هناك موقع إلكتروني مخصص لاستقبال من أراد أن يقدم مقترحا أو يورد ملاحظة تساهم في تحقيق ما يسعى له المسئولون، ونشر هذا الموقع بكل الوسائل الإعلامية المتاحة حتى يتعرف عليه المواطنون، وهل سيكون هناك توعية إعلامية تهدف لغرس القيم الوطنية، فالوطن للجميع والعمل من أجله ليس من أجل مصالح معينة تخص فرداً أو جماعة بعينها، ونشر ثقافة الاختيار للأفضل من قبل الجهات المعنية، وهل بالإمكان إعداد دراسات ميدانية لتقييم الواقع والمأمول من الانتخابات السابقة يمكن أن تبنى عليها قرارات وطنية.
حفظ الله الوطن وأدام أمنه.