يتناول هذا المقال موضوع مشورة النساء في الإسلام معتمداً في ذلك على القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة وما ورد عن الخلفاء الراشدين والصحابة رضي الله عنهم أجمعين وفهم علماء الإسلام الأئمة المقتدى بهم. وتكمن أهمية المقال في موضوعه وفي المعتنى به. فأما موضوعه، الشورى، فهو النصيحة ويعادلها في الأهمية والمعنى، والدين النصيحة. وأما المعتنى به فالمرأة المسلمة، والنساء شقائق الرجال، وقد عدل الله عز وجل بين المؤمنين والمؤمنات فيما لهم من الحقوق وما عليهم من الواجبات، ومن المتقرر لدى كل منصف أن الإسلام أكرم المرأة، وجعل لها المنزلة اللائقة بها، فهي الأم المربية، والأخت الناصحة، والزوجة الصالحة، والبنت المباركة، ولها الأجر العظيم عند قيامها بما وجب عليها من حقوق شرعية، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خُلَّةٌ وَلاَ شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ البقرة254، فجاء هذا المقال مبيناً ما لهن من الحقوق وما عليهن من الواجبات تجاه دينهن وأمتهن وأوطانهن.
أما تقسيم مباحث هذا الموضوع، مشورة النساء في الإسلام، فقد قسمته إلى عشرة مباحث؛ أوردت في المبحث الأول ما تيسر من الأخبار والآثار العامة الواردة في مشورة النساء، وألحقت به في المبحث الثاني ما عُرف به عدد من فضليات الصحابيات من العقل والرأي اللذين كانا مدعاة لاستشارة النبي صلى الله عليه وسلم لهن وسار على ذلك الخلفاء الراشدون وأكابر الصحابة -رضوان الله تعالى عليهم- من بعده. ثم أفردت بالذكر تلك الآثار الواردة في مشورة النساء جامعاً كل جملة منها على حدة؛ بدءاً في المبحث الثالث باستشارة النساء في مسائل السياسة والقضايا العامة، ثم في المبحث الرابع ما ورد في استشارتهن في أمور الدين والدعوة إلى الله عز وجل، ثم المبحث الخامس في استشارتهن فيما يتعلق بالمغازي والقضايا العسكرية، ثم المبحث السادس فيما ورد في استشارتهن في قضايا الأسرة والبيت. وبعد ذلك أوردت ما ورد في استشارة النساء في أمور أكثر التصاقاً بهن مثل استشارتهن فيما يتعلق بأمور النساء وذلك في المبحث السابع، ويرتبط بذلك تمثيل المرأة للنساء أمام النبي صلى الله عليه وسلم لسؤاله عن الأحكام الشرعية وما يتنزل به الوحي بخصوصهن وكذا لسؤاله بصفته إماماً للمسلمين عن الأحكام والحقوق والواجبات التي لهن أو عليهن، وذكرت بعد ذلك في المبحث الثامن استشارة المرأة فيما يتعلق بحياتها الخاصة. وأما ما يعارض ذلك من النصوص المشتهرة الواردة في رد مشورة النساء فجلها ضعيف مردود، كما سيتبين، وإنما جمعته في المبحث التاسع لبيان ضعفه. وأخيراً في نهاية المقال عرضت في المبحث العاشر للمرأة وعضويتها في مجلس الشورى في المملكة العربية السعودية في ضوء النصوص القرآنية والأحاديث والآثار الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام رضوان الله تعالى عليهم أجمعين.
المبحث الأول: أدلة عامة على مشورة النساء
قال تعالى: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْر} (159) سورة آل عمران، ومن عموم المشاورة أنها تشمل الرجال والنساء معاً. وقد اختلف المفسرون في جمع المذكر، مثل صيغة «وشاورهم،» إن ورد في القرآن الكريم هل يشمل الرجال والنساء أم لا؟
فالشيخ محمد الأمين الشنقيطي (ت: 1393 رحمه الله) قدم قرينة على خروج هذه الآية من الخلاف، طبقاً لمنهجه في «إيضاح القرآن بالقرآن» حين بين أن الأمر بالاستغفار الوارد في آية المشاورة يشمل الرجال والنساء، بصريح قوله تعالى: فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ (19) سورة محمد. وشمول أحد الأوامر الواردة في آية المشاورة يقضي بشمول الأوامر الأخرى لهن بدلالة الاقتران والتعاطف.
ونفس الشيء ينطبق على آية الشورى؛ فإذا كان النساء داخلات بلا خلاف في تلك الصفات التي امتدح بها الخالق سبحانه عباده المؤمنين من الاستجابة لله، وإقام الصلاة، والإنفاق في سبيل الله، فتلك قرينة قوية على دخولهن في الصفة الرابعة وهي الشورى:
وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ (38) سورة الشورى. والذي عليه جمهور الأصوليين أن النساء يدخلن في الجمع المضاف إلى «الناس،» وما لا يتبين فيه لفظ التذكير والتأنيث كـ»أدوات الشرط.»
وبالنظر في السنة السياسية، نجد ما يدعم عموم المشاورة للنساء والرجال على حد السواء. فإذا كان العلماء -رحمهم الله- قد اختلفوا في شمول جمع المذكر للنساء، فإنهم لم يختلفوا في دخولهن تحت مدلول لفظ «الناس» مثل حديث «أشيروا علي...،» وحديث الأذان أن النبي صلى الله عليه وسلم «استشار الناس،» وهو أكثر ما استعمل في أحاديث المشاورة.
وفي تصحيح أم المؤمنين أم سلمة لجاريتها دليل على ذلك، فعن أم سلمة -رضي الله عنها- قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «أيها الناس،» فقلت للجارية: استأخري عني، قالت: إنما دعا الرجال ولم يدع النساء، فقلت: «إني من الناس.»
قال ابن حزم (ت: 456 رحمه الله) أنه لما «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مبعوثاً للرجال والنساء بعثاً متساوياً، وكان خطاب الله تعالى وخطاب نبيه خطاباً واحداً لم يجز أن يخص بشيء من ذلك الرجال دون النساء إلا بنص أو إجماع لأن ذلك تخصيص للظاهر، وهذا غير جائز.»
وحين تذكر كتب السياسة الشرعية شروط أهل الشورى فإنها لا تُخرج منها النساء. فقد نص الماوردي (ت: 450 رحمه الله) على «أن كل من صح أن يفتي في الشرع جاز أن يشاوره القاضي في الأحكام، فتعتبر فيه شروط المفتي ولا تعتبر فيه شروط القاضي، فيجوز أن يشاور الأعمى والعبد والمرأة.»
ومن ذلك ما ذكره عبد الرحمن الشيزري (ت: 590 رحمه الله) في النهج المسلوك في سياسة الملوك من أنه ينبغي أن يجتمع في أهل الشورى سبعة شروط: أحدها الفطنة، والثاني الأمانة، والثالث الصدق، والرابع السلامة من التحاسد والتنافس، والخامس السلامة من العداوة والشحناء، والسادس السلامة من الأهواء، والسابع أن يكونوا من الكبراء أهل التجارب. وجميع هذه الشروط تنطبق على النساء كما تنطبق على الرجال. وقد أفرد المالقي
(ت: 783 رحمه الله) باباً في التدبير والرأي والمشاورة والمذاكرة وما يلحق بذلك، ولم يورد نصاً يمنع من مشاورة النساء والأخذ برأيهن.
كما أنه لم يرد نص قاطع أو مانع صريح في القرآن أو السنة على منع استشارة النساء، بل إن شواهد النصوص كما سيأتي تفصيله تبين بكل وضوح أن استشارتهن مستحسنة.
المبحث الثاني: نساء ذوات رأي وعقل
اتصف الكثير من الصحابيات بالرأي والعقل والعلم والصدق وحسن المشورة، وفي مقدمتهن أمهات المؤمنين-رضي الله تعالى عنهن أجمعين- ، فكانت خديجة -رضي الله عنها- وزيرة صدق. وكذلك كانت عائشة بنت أبي بكر الصديق -رضي الله عنهما-، قال عطاء بن أبي رباح (ت: 114 رحمه الله): «كانت عائشة أفقه الناس وأعلم الناس وأحسن الناس رأياً في العامة،» وقال هشام بن عروة عن أبيه: «ما رأيت أحداً أعلم بفقه ولا بطب ولا بشعر من عائشة،» وقال الزهري (ت: 125 رحمه الله): «لو جمع علم عائشة إلى علم جميع العالمين المؤمنين وعلم جميع النساء لكان علم عائشة أفضل.»
وفي ترجمة هند بنت عتبة القرشية الهاشمية امرأة أبي سفيان بن حرب وأم معاوية -رضي الله عنهم- أنها كانت امرأة لها نفس وأنفة ورأي وعقل. وكذلك أسماء بنت يزيد بن السكن الأنصارية -رضي الله عنها- كانت من المبايعات، وكانت من ذوات العقل والدين. وأم الدرداء زوجة أبي الدرداء -رضي الله عنهما-، يقال اسمها خيرة بنت أبي حدرد الأسلمي، كانت من فضليات النساء وعاقلاتهن وذوات الرأي منهن. ومما ورد في ترجمة فاطمة بنت قيس بن خالد القرشية الفهرية، أخت الضحاك بن قيس، أنها كانت ذات جمال وعقل. وهذه الصفات التي تحلى بها الصحابيات -رضي الله عنهن- كانت مدعاة لاستشارتهن وتقديمهن في الرأي، فقد كانت الشفاء بنت عبدالله القرشية العدوية من عاقلات الناس وفضلياتهن، وكان عمر يقدمها في الرأي ويرضاها.
ولو تتبعنا كتب التاريخ والسير لوجدنا أمثلة لا حصر لها لنساء كان لهن الدور الإيجابي المؤثر في المجتمع والدولة، ولو أمعنا النظر في نساء المسلمات اليوم وما يتحلى به الكثير منهن من علم وتجارب تشمل غالب مناحي الحياة من تعليم واقتصاد وصحة وغيرها لأيقنّا أن باستطاعتهن إبداء الرأي والمشورة في الكثير من القضايا الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والشرعية فيما يعود بالنفع على المسلمين.
المبحث الثالث: استشارة النساء في مسائل
السياسة والقضايا العامة
فاضت كتب السنة والسيرة بروايات ومواقف تدل على عناية النبي عليه الصلاة والسلام بمشورة النساء وقبول رأيهن، واستمر الحال مع أصحابه من بعده الذين اهتدوا بهديه واستنوا بسنته في الأخذ برأي أمهات المؤمنين وغيرهن من الصحابيات -رضي الله تعالى عنهم أجمعين-، ومن ذلك: عن الزيادي قال: حدثنا حماد بن زيد عن هشام عن الحسن قال: كان النبي صلى الله عليه وآله يستشير حتى المرأة فتشير عليه بالشيء فيأخذ به.
وسواء كان رأي الصحابيات -رضي الله تعالى عنهن- بالقول أو الفعل فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأخذ به، فعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: إن كانت المرأة لتجير على المؤمنين فيجوز. وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: إن المرأة لتأخذ للقوم يعني تجير على المسلمين. قال الترمذي: وفي الباب عن أم هانئ، وهذا حديث حسن غريب، وسألت محمداً فقال هذا حديث صحيح. وعن أم هانئ -رضي الله عنها- أنها قالت أجرت رجلين من أحمائي، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: «قد أمنا من أمنت.» قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح والعمل على هذا عند أهل العلم، أجازوا أمان المرأة. وهذه الروايات تدل على الأخذ برأي المرأة الذي هو فعلها، وسيأتي تفصيل القصة في مبحث استشارة النساء في القضايا العسكرية.
وقد سار الصحابة على هدي النبي صلى الله عليه وسلم في مشورة النساء، فكان أبو بكر وعمر يستشيران عائشة وحفصة -رضي الله عنهم أجمعين- في بعض أمور المسلمين ولا سيما ما كان من أمر النساء وعلمن فيه خبراً عن المصطفى صلى الله عليه وسلم، وكذا غيرهم من الصحابة - رضي الله عنهم-. ومن الآثار الواردة في هذا ما رواه البيهقي عن الإمام ابن سيرين (ت: 110 رحمه الله) قال: «كان عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- يستشير حتى إنه كان يستشير المرأة، وربما أبصر في قولها الشيء فيأخذ به.»
وعن محمد بن لبيد -رضي الله عنه- قال: «كانت عائشة تفتي في عهد عمر وعثمان -رضي الله عنهم- إلى أن ماتت رحمها الله. وكان الأكابر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يرسلان إليها فيسألانها عن السنن.» وعن أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- قال: «ما أشكل علينا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حديث قط فسألنا عائشة فوجدنا عندها منه علماً.» فكان الصحابة يستشيرونها ويسألونها عما أشكل عليهم في أمر دينهم. وقد ألف الإمام بدر الدين الزركشي (ت: 794 رحمه الله) كتاباً بعنوان: الإجابة لإيراد ما استدركته عائشة على الصحابة، وهو كتاب مشهور مطبوع ومحقق. وقال أبو الضحى عن مسروق رأيت مشيخة من أصحاب رسول الله صلى عليه وسلم الأكابر يسألون عائشة عن الفرائض. وعن صالح بن كيسان (ت: 130-140 رحمه الله) وغيره أن عائشة -رضي الله عنها- جعلت تقول «إن عثمان قتل مظلوماً، وأنا أدعوكم إلى الطلب بدمه، وإعادة الأمر شورى.» وهذا النص الأخير فيه دلالة صريحة على المشاركة المباشرة للنساء في أمر الشورى، بل ودعوتهن إليه.
ومما يؤكد هذا ويبين عدم بُعد الصحابيات -رضي الله عنهن- عن وقائع الشورى ما أورده أبو عمر ابن عبد البر قال: وفي بيت فاطمة بنت قيس بن خالد القرشية -رضي الله عنها- اجتمع أهل الشورى لما قتل عمر -رضي الله عنه-.
ولم يكن كبار الصحابة يستنكفون عن استشارة النساء، فلما استُخلف عمر كان أول ما تكلم به عزل خالد بن الوليد وكتب إلى أبي عبيدة -رضي الله عنهم- بتأميره عليه. فلما ذكر ذلك أبو عبيدة لخالد قال أنظرني استشر في أمري ففعل أبو عبيدة، فدخل خالد على أخته فاطمة بنت الوليد وكانت عند الحارث بن هشام فأشارت عليه، فقبّل رأسها.
ومثال آخر في ذلك يرويه ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: دخلت على حفصة ونوساتها تنطف، قلت: قد كان من أمر الناس ما ترين فلم يجعل لي من الأمر شيء، قالت الحق فإنهم ينتظرونك، وأخشى أن يكون في احتباسك عنهم فرقة، فلم تدعه حتى ذهب.» قال الحافظ ابن حجر (ت: 852 رحمه الله): فشاور ابن عمر أخته في التوجه إليهم أو عدمه، فأشارت إليه باللحاق بهم خشية أن ينشأ في غيبته اختلاف يفضي إلى استمرار الفتنة.
وكانت الصحابيات -رضي الله عنهن- يبدين رأيهن ويشرن بما يرونه الحق على من جاء من الخلفاء بعد عهد الخلفاء الراشدين -رضي الله عنهم-. روى عبد الخالق بن زيد بن واقد قال حدثني أبي أن عبد الملك بن مروان حدثهم قال كنت أجالس بريرة بالمدينة قبل أن ألي هذا الأمر فكانت تقول لي يا عبد الملك إني أرى فيك خصالاً وإنك لخليق أن تلي هذا الأمر فاحذر الدماء فإني سمعت الرسول صلى الله عليه وسلم يقول إن الرجل يدفع عن باب الجنة بعد أن ينظر إليها بملء محجمة، من دم يريقه من مسلم من غير حق.
وزيادة على ما سبق فإن الصحابيات كن يبادرن بالمشورة في أمر السياسة العامة، فهذا ابن عمر -رضي الله عنهما- يقول: «دخلت علي حفصة فقالت أعلمت أن أباك غير مستخلف، قال قلت ما كان ليفعل، قالت إنه فاعل، فحلفت أني أكلمه في ذلك.»
يتبين لنا من فعل حفصة -رضي الله عنها- في الحديث السابق وما سبقه من الأحاديث أنه ينبغي على نساء المسلمات اليوم أن يبادرن بإبداء رأيهن ويشرن على أقربائهن وأوليائهن وأولياء أمور المسلمين بما يرون فيه الخير والمصلحة والنفع لأمر النساء خاصة وللمسلمين عامة، كما كان فعل الصحابيات -رضي الله عنهن- اللاتي لم يُقصّرن في دورهن في إبداء المشورة والاهتمام بالمصالح العامة للمسلمين.
المبحث الرابع: استشارة النساء
في أمور الدين والدعوة إلى الله
لم تقتصر استشارة النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام للنساء على القضايا العامة، بل كانوا يستشيرونهن في أمور الدين وفيما يتعلق بالدعوة إلى الله وتبليغ شرعه وأحكامه، سواء بالاستشارة المباشرة لهن أو فيما ينقلنه ويروينه عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك. قال الإمام الشوكاني (ت: 1255 رحمه الله): «لم ينقل عن أحد من العلماء بأنه رد خبر امرأة لكونها امرأة، فكم من سنة قد تلقتها الأمة بالقبول من امرأة واحدة من الصحابة. وهذا لا ينكره من له أدنى نصيب من علم السنة.»
وأما استشارة النساء في الأمر العارض فأكثر من أن تُحصر، ومن ذلك مشورة أم المؤمنين خديجة -رضي الله عنها- على النبي صلى الله عليه وسلم أول ما نزل عليه الوحي، فإنه لما رجع إليها يرجف فؤاده ويقول: «زملوني، زملوني،» طمأنته خديجة -رضي الله عنها-وقالت: «كلا والله، لا يخزيك الله أبداً، إنك لتصل الرحم، وتحمل الكَلّ، وتكسي المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الدهر،» ثم أشارت عليه بالذهاب لورقة بن نوفل لمعرفته بالإنجيل.
وأشهر ما يروى في ذلك مشورة أم سلمة -رضي الله عنها- على النبي صلى الله عليه وسلم في التحلل من العمرة في قصة صلح الحديبية، وهي من الصور الرائعة للشورى في السيرة النبوية، ففي حديث صلح الحديبية عن عروة بن الزبير عن المسور بن مخرمة ومروان يصدق كل واحد منهما حديث صاحبه قالا: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم زمن الحديبية حتى كانوا ببعض الطريق... قال: فلما فرغ من قضية الكتاب قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: «قوموا فانحروا، ثم احلقوا.» قال: فوالله ما قام منهم رجل، حتى قال ذلك ثلاث مرات، فلما لم يقم منهم أحد دخل على أم سلمة، فذكر لها ما لقي من الناس، فقالت أم سلمة -رضي الله عنها-: يا نبي الله أتحب ذلك؟ اخرج لا تكلم أحداً منهم كلمة حتى تنحر بدنك وتدعو حالقك فيحلقك، فخرج فلم يكلم أحداً منهم حتى فعل ذلك؛ نحر بدنه ودعا حالقه فحلقه، فلما رأوا ذلك قاموا فنحروا، وجعل بعضهم يحلق بعضاً، حتى كاد بعضهم يقتل بعضاً غماً.
ومما أُثر في استفتاء النساء والأخذ برأيهن إذا عُرف اختصاصهن في أمر من الأمور الدينية فضلاً عن الأمور الدنيوية ما ذكره عبيد الله بن عبد الله بن عتبة «أن أباه كتب إلى عمر بن عبد الله بن الأرقم الزهري يأمره أن يدخل على سبيعة بنت الحارث الأسلمية -رضي الله عنها- فيسألها عن حديثها وعن ما قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم حين استفتته.»
ومما يدل على حسن رأي النساء الصحابيات -رضي الله عنهن- وحسن تدبيرهن، ما رُوي عن إحداهن وفيه دلالة على سرعة بديهتها برأي قطعت خلافاً وقع بين بعض الصحابة -رضي الله عنهم- في حجة الوداع؛ فعن أم الفضل لبابة بنت الحارث -رضي الله عنها- أن أناساً من الصحابة تمادوا -أي تجادلوا واختلفوا- عندها يوم عرفة في صوم النبي صلى الله عليه وسلم، فقال بعضهم: هو صائم، وقال بعضهم: ليس بصائم، فأرسلت له بقدح لبن وهو واقف على بعير فشربه. فتبين أن الرسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن صائماً يوم عرفة، وعلم ذلك برؤيته يشرب اللبن الذي أرسلته أم الفضل -رضي الله عنها- إليه. قال الحافظ ابن حجر (ت: 852 رحمه الله): «وفيه البحث والاجتهاد في حياته صلى الله عليه وسلم، والمناظرة في العلم بين الرجال والنساء.» وهذا يدل على أن النساء كن يشاركن الرجال في تحقيق المسائل بالمناظرة والمحاورة فيما يلزم من أحكام الدين، والوقوف على سنة سيد المرسلين، مع الالتزام بالضوابط والآداب الشرعية كالحجاب واجتناب الخلوة وعندئذ يمكن الاستفادة من المرأة في نشر العلم والدعوة وبذل النصيحة وتقديم المشورة اقتداءً بفعل الصحابيات ومن بعدهن من النساء الصالحات اللاتي نشرن العلم في عصرهن.
بل كان الرسول صلى الله عليه وسلم يسأل ويستفسر حتى من الخادمة في منزله وفيه استحثاث لها على المشاركة في همومه عليه السلام ما يؤدي إلى نتائج محمودة، فقد أخرج أبو بكر بن أبي شيبة والطبراني من طريق أبي نعيم عن حفصة ولفظه عن أمها خولة، وكانت خادم الرسول صلى الله عليه وسلم، أن جرواً دخل البيت فدخل تحت السرير ومكث النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثا لا ينزل عليه الوحي، فقال: «يا خولة ما حدث في بيت رسول الله، جبريل لا يأتيني!» فقلت والله ما علمت، فأخذ برده فلبسه وخرج، فقلت لو هيأت البيت فكنسته فإذا بجرو ميت فأخذته فألقيته، فجاء الرسول صلى الله عليه وسلم ترعد لحيته، وكان إذا أتاه الوحي أخذته الرعدة، فقال: «يا خولة دثريني،» فأنزل الله تعالى
وَالضُّحَى وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى (1) سورة الضحى.
وخير ما كانت تشير به الصحابيات -رضي الله عنهن- على أزواجهن دخول الإسلام ومفارقة الشرك. فهذه أم سليم -رضي الله عنها- لما خطبها أبو طلحة قالت: «والله ما مثلك يا أبا طلحة يرد، ولكنك رجل كافر، وأنا امرأة مسلمة، ولا يحل لي أن أتزوجك فإن تسلم فذاك مهري، وما أسألك غيره،» قال ثابت -رحمه الله-: «فما سمعت بامرأة قط كانت أكرم مهراً من أم سليم -رضي الله عنها-.»
وتلك أم حكيم بنت الحارث -رضي الله عنها- زوج عكرمة بن أبي جهل -رضي الله عنه-، فإنها أسلمت يوم الفتح، ولما علمت أن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بقتل عكرمة ذهبت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وطلبت منه الأمان لزوجها فأعطاها ذلك، فكان عكرمة قد فر إلى اليمن، فخرجت في طلبه فأدركته وقد ركب سفينة فنادته «يا ابن عم، هذا أمان معي من رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن تُسلم وتقبل أمانَ رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنا زوجتك، وإلا انقطعت العصمة بيني وبينك.» فهذا يدل على حرصها على إسلام زوجها ومشورتها عليه باعتناق الإسلام والرجوع معها إلى مكة مسلماً، ويتولى الولاء والبراء لديها أنها له إذا دخل الإسلام وإلا انقطعت الصلة بينهما إذا بقي على الكفر، فما كان منه إلا أن أسلم وحسن إسلامه، وقيل إنه استشهد في معركة اليرموك.
وفي استشارة النبي صلى الله عليه وسلم لبريرة -رضي الله عنها- في قصة الإفك دليل على أن المرأة ذات رأي واطلاع ووجهة نظر قد تخفى على عقلاء الرجال، فقد مر على النبي صلى الله عليه وسلم موقف شديد في قصة الإفك التي روجها المنافقون، ووقع فيها من وقع من الصحابة -رضي الله عنهم أجمعين-، فاتهموا زوراً وبهتاناً أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- في عرضها. فلما تأخر الوحي استشار النبي صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب، وأسامة بن زيد، وبريرة مولاة عائشة. قال الحافظ ابن حجر (ت: 852 رحمه الله): «سؤاله صلى الله عليه وسلم بريرة عن حال عائشة وجوابها ببراءتها واعتماد النبي صلى الله عليه وسلم على قولها حتى خطب فاستعذر من عبدالله بن أُبيّ، وكذلك سؤاله من زينب بنت جحش عن حال عائشة وجوابها ببراءتها أيضاً، وقول عائشة في حق زينب: هي التي كانت تساميني، فعصمها الله بالورع.»
كل ما سبق من الروايات يؤكد مكانة النساء وأهمية الاستنارة برأيهن حتى في أكثر الأمور أهمية كأمر انقطاع الوحي أو ما يتعلق بقضايا خطيرة وشائكة تتعلق بحياة النبي صلى الله عليه وسلم كقصة الإفك، ولا يقتصر الأمر على ذلك بل يتعداه لبعض الحالات الصعبة كحال الحرب وأثناء المعارك، كما يتبين في الروايات التالية.
المبحث الخامس: استشارة النساء
في القضايا العسكرية
ساق الله تعالى لنا العبر والمواعظ في أخبار من سبقنا من الأمم، ومنها ذكر مشاورة ملكة سبأ لقومها في شأن ما أرسل لها نبي الله سليمان عليه الصلاة والسلام، قال تعالى: قَالَتْ يَا أَيُّهَا المَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ (32) سورة النمل، فأعادوا المشاورة لها، قال تعالى: قَالُوا نَحْنُ أُوْلُوا قُوَّةٍ وَأُولُوا بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ (33) سورة النمل، فكانت امرأة عاقلة حازمة فأشارت عليهم بأنه لا قبل لهم بسليمان وجنوده، وختمت بما هو خير قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (44) سورة النمل. وقد علق ابن عاشور رحمه الله على هذه الآية بقوله «يُستروح من سياق هذه الآية حُسن الشورى.»
وقد أخذ النبي صلى الله عليه وسلم بمشورة بعض نساء الصحابة -رضي الله عنهم أجمعين-، وأكرمهن بالاستجابة لما يشرن به عليه أو يطلبنه منه تقديراً لمكانتهن وسابقتهن في الإسلام؛ فقد روى البخاري في صحيحة عن أم هانئ ابنة أبي طالب -رضي الله عنها- قالت: ذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفتح فوجدته يغتسل وفاطمة ابنته تستره، فسلمت عليه، فقال: «من هذه ؟» فقلت: أنا أم هانئ بنت أبي طالب، فقال: «مرحباً بأم هانئ،» فلما فرغ من غسله قام فصلى ثمان ركعات ملتحفاً بثوب واحد. فقلت: يا رسول الله زعم ابن أمي عليّ أنه قاتل رجلاً قد أجرته، فلان ابن هبيرة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قد أجرنا من أجرت يا أم هانئ.» وقد بوب البخاري (ت: 256 رحمه الله) على هذا الحديث بقوله: باب أمان النساء وجوارهن، من كتاب الجزية والموادعة. وقال ابن المنذر (ت: 318 رحمه الله): «أجمع أهل العلم على جواز أمان المرأة، وانفرد ابن الماجشون فقال: لا يجوز.»
وقد انتهج عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- هدي النبي صلى الله عليه وسلم في استشارة النساء، فرُوي أنه سمع امرأة وهي تقول:
تطاول هذا الليل واسودّ جانبه
وأرّقني إذ لا حبيب ألاعبه
فلولا الذي فوق السماوات عرشه
لزُعزع من هذا السرير جوانبه
فأصبح عمر -رضي الله عنه- فأرسل إليها فقال: أنت القائلة كذا وكذا؟ قالت: نعم. قال: لمَ؟ قالت: أجهزت زوجي في هذه البعوث.
فسأل حفصة، كم تصبر المرأة من زوجها؟ فقالت ستة أشهر، فكان عمر بعد ذلك يقفل بعوثه لستة أشهر، وفي رواية ثلاثة أشهر أو أربعة أشهر.
ولم تكن مشاركة الصحابيات بالرأي والمشورة، بل كن يشاركن مشاركة فعلية يبدين خلالها آرائهن، فهذه هند بنت عتبة القرشية الهاشمية -رضي الله عنها- شهدت اليرموك وحرضت على قتال الروم مع زوجها أبي سفيان -رضي الله عنه-.
وكان للخنساء بنت عمرو السلمية الشاعرة المشهورة رأي ومشورة ونصح في الحروب، فهؤلاء أبناؤها يتبعون رأيها، ويقول أولهم في ذلك:
يا إخوتي إن العجوز الناصحة
قد نصحتنا إذ دعتنا البارحة
بمقالة ذات بيان واضحة
وإنما تلقون عند الصابحة
من آل ساسان كلاباً نابحة
وقال الآخر:
إن العجوز ذات حزم وجلد
قد أمرتنا بالسداد والرشد
نصيحة منها وبراً بالولد
فباكروا الحرب حماة في العدد
ولابنيها الآخرين شعر في ذلك.
المبحث السادس: استشارة النساء في القضايا المتعلقة بالبيت والقضايا العائلية
ذكر الله تعالى مشاورة المرأة في القرآن الكريم في عدة مواضع منها مشاورة الزوج لزوجته في فطام ولديهما قبل تمام الحولين، قال تعالى: فَإِنْ أَرَادَا فِصَالاً عَن تَرَاضٍ مِّنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا (233) سورة البقرة، ومما ورد في القرآن كذلك مشورة أخت موسى عليه السلام على بيت فرعون بمن يرضعه لهم، قال تعالى: إِذْ تَمْشِي أُخْتُكَ فَتَقُولُ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى مَن يَكْفُلُهُ فَرَجَعْنَاكَ إِلَى أُمِّكَ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ (40) سورة طه.
وورد في قصة موسى عليه السلام المشورة في المعاملات حيث أشارت ابنة الرجل الصالح على أبيها بقولها كما في قوله تعالى: قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ (26) سورة القصص.
وأما السنة النبوية فورد فيها ما يدل على أن الصحابيات كن يُستشرن ويُعمل برأيهن، وكن يُشرن بالرأي السديد لأقاربهن في الأمور العائلية. وتصل استشارة المرأة، مع إمضاء رأيها، إلى أمر الحدود في القتل فمع ما جرت عليه عادة العرب وانتشر عنهم من عدم الأخذ برأي المرأة في القضايا الكبيرة كالتي تتعلق بالدماء والقتل والثأر، إلا أن النبي صلى الله عليه وسلم بين أنه يحق للمرأة أن تعفو عن القاتل الذي وجب عليه القصاص إن كان المقتول من أوليائها. فعن عائشة -رضي الله عنها- عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «على المقتتلين أن ينحجزوا الأول فالأول، وإن كانت امرأة.» قال أبو داود: بلغني أن عفو النساء في القتل جائز إذا كانت إحدى الأولياء. وبلغني عن أبي عبيد في قوله: ‹أن ينحجزوا› ‹يكفوا عن القود.› وقال الخطابي: وقد اختلف الناس في عفو النساء، فقال أكثر أهل العلم عفو النساء عن الدم جائز كعفو الرجال.
وكان الصحابيات -رضي الله عنهن- يشرن على أقاربهن بما فيه خير من الناحية الاجتماعية مما يوافق الشرع والسنة النبوية، فلما أراد عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- ألا يتزوج، أشارت عليه أخته حفصة أم المؤمنين فقالت: «تزوج، فإن ولد لك ولد فعاش بعدك دعا لك،» فاستجاب لمشورتها وتزوج، ورزق بأبناء.
وورد الأمر بمشاورة الأم في نكاح ابنتها، فقد جاء الحديث عن عبدالله بن عمر -رضي الله عنه- أنه خطب إلى نسيب له بنته وكان هوى أم المرأة في ابن عمر -رضي الله عنهما-، وكان هوى أبيها في يتيم له. قال فزوّجها الأب يتيمه ذلك، فجاءت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «آمروا النساء في بناتهن.» قال الخطابي (ت: 388 رحمه الله): «أي استأذنوهن وشاوروهن، وهو أمر استحباب من جهة استطابة أنفسهن، وحسن المعاشرة معهن، لأن في ذلك بقاء للصحبة بين البنت وزوجها إذا كان برضا الأم، خوفاً من وقوع الوحشة بينهما إذا لم يكن برضاها، إذ البنات إلى الأمهات أميل، وفي سماع قولهن أرغب، ولأن المرأة ربما علمت من حال ابنتها الخافي عن أبيها أمراً لا يصلح معه النكاح من علة تكون بها، أو آفة تمنع من وفاء حقوق النكاح.» ومثله الحديث الذي يرويه أبو برزة الأسلمي حول قصة خطبة جليبيب، وفيه: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجل من الأنصار: «زوجني ابنتك،» فقال: نعم وكرامة يا رسول الله، ونعم عيني. قال: «إني لست أريدها لنفسي،» قال: فلمن يا رسول الله؟ قال: لجليبيب.» قال: فقال يا رسول الله، أشاور أمها... .» الحديث. فدلت هذه الأحاديث على أن الشورى في تزويج البنت تكون ثلاثية بين البنت وأمها وأبيها.
وكل هذا الأخبار تدل على عناية السلف الصالح -رحمهم الله- باستشارة النساء، وأخذ رأيهن وفق ما لديهن من علم وخبرة في التدبير والحفاظ على أواصر القربى، وهذا دليل على تكريم الإسلام للمرأة، فكانت المرأة عندهم مثالاً للرأي السديد، والمشورة الناصحة إذا وفقت للعلم الشرعي والخوف من الله تعالى عند نصح الآخرين والإشارة عليهم وإرشادهم لفعل الخير.
ولو التزم الناس بهذا الهدي النبوي مع غيره من النصوص الواردة في بناء الأسرة وتدبير أمورها لتجنب الناس الكثير من المشاكل والخلافات التي تقع ويتكرر حدوثها مع الأسف عند عدم الاعتبار برأي المرأة، وهي الأعلم بما يناسبها ويناسب ابنتها ويلبي حاجاتها ورغباتها، فإذا انضاف إلى ذلك حرص ولي أمر المرأة على ما ينفعها كان بناء الأسرة مستقيماً ومتيناً، ولَمَا رأينا نِسَب الطلاق في ازدياد كما هو الحال في كثير من بلاد المسلمين اليوم، والله المستعان.
المبحث السابع: استشارة النساء فيما يتعلق بأمورهن، وتمثيل المرأة للنساء
مهما بلغ الرجال من العلم والمعرفة والدين تبقى أمور تتعلق بالنساء لا بد أن يكون لهن من يمثلهن فيها ويبين متطلباتهن وحاجاتهن التي تختلف بمقتضى الفطرة عن حاجات الرجال، وكان النبي عليه الصلاة والسلام يعتني بمن يمثل النساء بل ويشيد بهن لما يرى من العقل وحسن الرأي، ومن أشهر ما ورد في ذلك ما رُوي عن أسماء بنت يزيد بن السكن الأنصارية أنها أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت إني رسول من ورائي من جماعة نساء المسلمين كلهن يقلن بقولي وعلى مثل رأيي أن الله تعالى بعثك إلى الرجال والنساء... فلما فرغت من مقالتها التفت رسول الله صلى الله عليه وسلم بوجهه إلى أصحابه فقال هل سمعتم مقالة امرأة أحسن سؤالاً عن دينها من هذه. فقالوا بلى والله يا رسول الله... الحديث. وعند ابن الأثير فيما رواه مسلم بن عبيد أنها أتت النبي صلى الله عليه وسلم وهو بين أصحابه فقالت بأبي وأمي أنت يا رسول الله أنا وافدة النساء إليك.
وكان النساء يتشاورن فيما بينهم ويتناقشن فيما لهن من الحقوق في الدين والمجتمع ويوصلن أصواتهن إلى النبي صلى الله عليه وسلم بصفته رسول الله ولكونه إمام المسلمين، فعن أسماء بنت عميس -رضي الله عنها- أنها لما رجعت من الحبشة معها زوجها جعفر بن أبي طالب -رضي الله عنهم- دخلت على نساء النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: هل نزل فينا شيء من القرآن؟ قلن: لا. فأتت الرسول صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، إن النساء لفي خيبة وخسار، قال: «ومم ذلك؟» قالت: لأنهن لا يذكرن بالخير كما يذكر الرجال. فأنزل الله تعالى: «إن المسلمين والمسلمات... .» وروى عكرمة مولى ابن عباس -رضي الله عنهما- عن أم عمارة الأنصارية -رضي الله عنها-، واسمها نسيبة بنت كعب بن عمرو، أنها أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت ما أرى كل شيء إلا للرجال وما أرى النساء يذكرن، فنزلت هذه الآية إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ.... (35) سورة الأحزاب.
قال ابن عاشور (ت: 1393 رحمه الله) في تفسير هذه الآية: «ليعلموا أن الشريعة لا تختص بالرجال، لا كما كان معظم شريعة التوراة خاصاً بالرجال.»
المبحث الثامن: استشارة المرأة فيما يخصها
وأما استشارة المرأة فيما يتعلق بشؤونها الشخصية كحقوقها المالية والاجتماعية خاصة ما يتعلق بالنكاح من قبول ورد وبالطلاق فورد فيه العديد من الأدلة.
ابتداءً، أمر النبي صلى الله عليه وسلم بمشاورة المرأة قبل نكاحها، فقال عليه الصلاة والسلام: «لا تنكح الأيم حتى تستأمر، ولا البكر حتى تستأذن» قالوا: يا رسول الله، كيف إذنها؟ قال: «أن تسكت.» وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الأيم أحق بنفسها من وليها والبكر تستأذن في نفسها وإذنها صماتها.» وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت قلت يا رسول الله أتُستأمر النساء في أبضاعهن؟ قال: «إن البكر تُستأمر فتستحي فتسكت وإذنها سكوتها.» قال ابن الأثير (ت: 606 رحمه الله): «إنما قال في حق الأيم تستأمر، وفي حق البكر تستأذن لأن الاستئمار طلب الأمر من قِبَلها، وأمرها لا يكون إلا بنطق، وأما الاستئذان فهو طلب الإذن، وقد يعلم إذنها بسكوتها، لأن السكوت من أمارات الرضى.»
واليتيمة كذلك تستشار، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تُستأمر اليتيمة في نفسها وصمتها إقرارها.»
وأما ما يتعلق بتخييرها في النكاح بعد وقوعه دون رضاها بين إمضائه وردِّه؛ فقد ورد عن الخنساء بنت خدام الأنصارية أن أباها زوجها وهي بنت فكرهت ذلك فأتت الرسول صلى الله عليه وسلم فرد نكاحها، وفي رواية أنه قال «أمرك بيدك،» وهذا في الرد.
وأما استشارتها لأخذ رأيها وإمضائه إن قبلت ففيه من مرسل أبي قلابة قال سبى النبي صلى الله عليه وسلم جويرية -رضي الله عنها-، يعني وتزوجها، فجاءه أبوها فقال إن بنتي لا يسبى مثلها فخل سبيلها فقال أرأيت إن خيرتها أليس قد أحسنت! قال بلى. فأتاها أبوها فذكر لها ذلك، فقالت اخترت الله ورسوله، وسنده صحيح. ولعل من المناسب هنا ذكر القصة التي ترويها أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أن فتاة دخلت عليها فقالت: إن أبي زوجني من ابن أخيه ليرفعَ بي خسيستَه وأنا كارهة، فقالت عائشة -رضي الله عنها-: اجلسي حتى يأتي رسول الله صلى الله عنه وسلم، فجاء رسول صلى الله عليه وسلم فأخبرته، فأرسل إلى أبيها فدعاه، فجعل الأمر إليها. فقالت: «يا رسول الله، قد أجزت ما صنع أبي، ولكن أردت أن تعلم النساء أن ليس للآباء من الأمر شيء،» وفي رواية: «أردت أن أعلم هل للنساء من الأمر شيء أم لا؟»
وعن أبي بكر بن محمد أن رجلاً من الأنصار يقال له أنيس بن قتادة زوج خنساء بنت خدام الأنصارية -رضي الله عنها- فقتل عنها يوم أحد، فأنكحها أبوها رجلاً فجاءت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت إن أبي أنكحني رجلاً وإن عم ولدي أحب إلي منه، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم أمرها إليها.
وهنالك حديث عام في تخييرها وجعل الأمر بيدها وهو حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- أن جارية أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت أن أباها زوجها وهي كارهة، فخيَّرها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وكما تستشار المرأة في أمر النكاح قبل وبعد وقوعه، فإنها تستشار في الطلاق والفرقة؛ ومن ذلك مشورة النبي صلى الله علية وسلم لعائشة -رضي الله عنها- في تخييره لها بين المقام معه أو فراقها عنه؛ فعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: أتاني نبي الله صلى الله عليه وسلم فقال: «إني سأعرض عليك أمراً، فلا عليك أن تعجلي حتى تشاوري أبويك.» فقلت: وما هذا الأمر؟ قالت: فتلا علي: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا وَإِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا سورة الأحزاب (28) (29).
قالت: فقلت وفي أي ذلك تأمرني أن أشاور أبوي؟! بل أريد الله ورسوله والدار الآخرة، فسر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم وأعجبه.
ويندرج في أحكام تخيير المرأة تخييرها بعد إسلامها بالبقاء مع زوجها أو فراقه في حال عدم إسلامه، فقد روى عبد الله بن يزيد الخطمي قال أسلمت امرأة من أهل الحيرة ولم يسلم زوجها فكتب فيها عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- «أن خيروها فإن شاءت فارقته وإن شاءت قرَّت عنده.»
ويستفاد من أحاديث استئذان البنت عند تزويجها أنه يفرق بين البكر والثيب، فالثيب لا بد من صريح إذنها عند تزويجها، ويكفي السكوت من البكر، وصمتها إقرارها، نظراً لصغر سنها وحيائها، والسكوت من أمارات الرضى.
وبالنظر في عقود الزواج البردية التي وردت في كتاب حقوق المرأة في البرديات العربية نجد أنه لا يكاد يخلو عقد من الإشارة إلى أن المرأة البالغ تلي نفسها ومالها.
ففي الوثيقة (6) من القرن الثالث: «... وهي إذ ذاك امرأة بكر بالغ تلي نفسها ومالها.»
وفي الوثيقة (7) من القرن الثالث أيضاً: «... وهي يومئذ بكر بالغ، صحيحة العقل والبدن، جايزة الأمر لها وعليها.»
وفي الوثيقة (11) من القرن الرابع: «حيث خطبها إلى نفسها، وهي يومئذ امرأة بالغ أيم، تلي أمرها.»
وفي الوثيقة (14) من القرن الخامس: «وهي ذات يومئذ بنت بكر بالغ، صحيحة البدن كاملة العقل جايزة الأمر.»
وجميع تلك الوثائق تدل على أن الأمر الذي سار عليه المسلمون وتعارفوا عليه حتى القرن الخامس، واستمر الأمر بعد ذلك كذلك، أن المرأة البالغ العاقل تلي أمر نفسها في الأمور الاجتماعية كالنكاح، وفي الأمور المالية كالبيع والشراء والإجارة وغيرها.
إنّ منع المرأة من أن تلي أمرها بنفسها يؤدي إلى ضياع الكثير من حقوقها الاجتماعية والمالية التي أعطاها لها الشارع، وحيث يغلب الطمع في هذا الزمان على بعض الرجال فيتجنّون على حقوق النساء ويسطون عليها، يحسن أن يتاح للنساء أن يلين أمر أنفسهن كما كان عليه حال سلفنا الصالح رحمهم الله.
المبحث التاسع: ما جاء في ردّ مشورة النساء
فيما سبق ذكر لشيء مما تيسّر حول مشورة النساء وضوابطها الشرعية، وقبل الختام أنبه إلى بعض الأحاديث التي لا تصح، ويستدل بها بعض من يرفض الأخذ بمشورة النساء.
فمن تلك الأحاديث حديث «شاوروهن وخالفوهن،» وهو حديث مشهور على ألسنة بعض الناس، وهو خبر باطل منكر، سنداً ومتناً، ولفظاً ومعنى. قال الإمام العراقي (ت: 806 رحمه الله): «هكذا اشتهر على الألسنة وليس بحديث.» وقال الإمام السخاوي (ت: 902 رحمه الله): «لم أره مرفوعاً... ثم إن معنى الحديث ليس صحيحاً على إطلاقه، لثبوت مشورته صلى الله عنه وسلم لزوجته أم سلمة -رضي الله عنها- حين أشارت عليه بأن ينحر أمام الصحابة في صلح الحديبية، حتى يتابعوه في ذلك، وصار دليلاً على استشارة المرأة الفاضلة.» وقال الإمام السيوطي (ت: 911 رحمه الله): «باطل لا أصل له.» وقال العجلوني
(ت: 1162 رحمه الله): «وقد استشار النبي صلى الله عليه وسلم أم سلمة في صلح الحديبية، فصار دليلاً لاستشارة المرأة الفاضلة، ولفضل أم سلمة ووفور عقلها.» وأورده الشيخ الألباني (ت: 1420 رحمه الله) في سلسلة الأحاديث الضعيفة، وقال: «لا أصل له مرفوعاً.»
وعن أنس مرفوعاً بمعنى قريب من هذا بلفظ أورده الفتني (ت: 986 رحمه الله): «لا يفعلن أحدكم أمراً حتى يستشير، فإن لم يجد من يستشيره فليستشر امرأة، ثم ليخالفها فإن في خلافها البركة،» وفي سنده عيسى ضعيف جداً.
وقد أورد ابن عبد الهادي (ت: 744 رحمه الله) حديث: «أخروهن من حيث أخرهن الله عز وجل،» ضمن الأحاديث التي يذكرها بعض الفقهاء أو الأصوليين أو المحدثين محتجاً به أو غير محتج به مما ليس له إسناد، أو له إسناد ولا يحتج بمثله النقاد من أهل العلم.
ومما يستدل به من رد استشارة النساء حديث: «إذا كان أمراؤكم خياركم وأغنياؤكم سمحاءكم وأموركم شورى بينكم فظهر الأرض خير لكم من بطنها، وإذا كان أمراؤكم شراركم وأغنياؤكم بخلاءكم وأموركم إلى نسائكم فبطن الأرض خير لكم من ظهرها.» قال أبو عيسى الترمذي: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث صالح المري، وصالح المري في حديثه غرائب ينفرد بها لا يتابع عليها، وهو رجل صالح.
وكذلك مثل حديث «هلكت الرجال حين أطاعت النساء.»
ومن تلك الأحاديث المردودة أيضاً ما روي عن زيد بن ثابت -رضي الله عنه-: «طاعة المرأة ندامة،» وفي لفظ من رواية عائشة -رضي الله عنها-: «طاعة النساء ندامة». قال النووي: هذان حديثان لا يصحان. أما حديث زيد ففيه عنبسة، قال يحيى: ليس بشيء، وقال ابن حبان: هو صاحب أشياء موضوعة. وأما حديث عائشة فقال العقيلي: محمد بن سليمان يحدث عن هشام بواطيل لا أصل لها، منها هذا الحديث.
وإضافة إلى تلك الأحاديث المردودة استندوا إلى حديث رواه البخاري ومسلم عن أبي بكرة قال: «لما بلغ النبي صلى الله عليه وسلم أن فارسًا مَلّكُوا ابنةَ كسرى قال: لن يفلح قوم وَلَّوْا أمرهم امرأة.» وقد اختلف أهل العلم في حدود ولاية المرأة، وبالغ بعض العوام مبالغة شديدة في منع المرأة من كل ما يمكن أن تقوم به أو تشير به، فمنعوها استناداً إلى هذا الحديث عن كل أمر يمكن أن تتولاه أو رأي يمكن أن تبديه، وربما غلب عليهم نوازع اجتماعية ألبسوها لباس الدين. والذي يظهر أن هذا الحديث حكاية حال لما آل إليه أمر أكاسرة الفرس. والحاصل أن الوسطية هي الحق في هذا الأمر، كما هي الحق في كل أمر من أمور العقيدة والعبادة والسلوك والمعاملة.
المبحث العاشر: المرأة والشورى
في المملكة العربية السعودية
تنص المادة الرابعة من نظام مجلس الشورى على أنه يشترط في عضو مجلس الشورى ما يلي:
أ - أن يكون سعودي الجنسية بالأصل والمنشأ.
ب - أن يكون من المشهود لهم بالصلاح والكفاية.
ج - ألا يقل عمره عن ثلاثين سنة.
ولم ينص نظام مجلس الشورى ولا اللائحة الداخلية لمجلس الشورى على ما يمنع من أن تكون المرأة عضواً في المجلس. ولكن في لقاء لرئيس مجلس الشورى السعودي السابق الشيخ محمد بن إبراهيم ابن جبير (ت: 1422 رحمه الله) سألته الدكتورة فايزة بنت أحمد أخضر عن حكم الشرع في المشاركة النسائية في مجلس الشورى خاصة وأن وجودها للإفادة برأيها عن موضوعات تخصها هام جداً فهي أقدر من الرجل بمعرفة ظروفها ومتطلباتها علماً بأن حضورها لم يتناف مع الشرعية والتقاليد؟
فأكد الشيخ ابن جبير أن المرأة نصف المجتمع وتتمتع بالرأي والفكر ولا سيما في هذا الوقت الذي انتشر فيه التعليم وبلغت المرأة فيه شأناً بعيداً وحملت أعلى المؤهلات وشاركت في الأعمال الإدارية والفنية والاجتماعية، والمرأة أصبحت قادرة أن تبدي رأيها في كل ما يعرض عليها وهذا أمر مسلم به. ثم ذكر أنهم في مجلس الشورى وعندما كانوا يدرسون أحد المواضيع الخاصة المتعلقة بالمرأة... استدعى عددا من السيدات العاملات المؤهلات من ذوات الخبرة وطرح الموضوع الذي أحيل إلى مجلس الشورى في عدة جلسات مع السيدات واستمع أعضاء مجلس لجنة الشؤون التعليمية إلى آرائهن ودونت آراؤهن في محاضر الجلسات وضمنت في قرار اللجنة التعليمية الذي عرض على مجلس الشورى فكان رأي هؤلاء النسوة موضع التقدير والاحترام واطلع أعضاء المجلس عليه وكان من المصادر التي اعتمد عليها أعضاء المجلس في إصدار القرار. وقد تمت الموافقة على إنشاء «لجنة وطنية عليا دائمة» متخصصة في شؤون المرأة تتشكل من نساء مؤهلات في مختلف التخصصات، وتعمل على إعداد لائحة لعمل المرأة تراعي خصوصية المجتمع السعودي. وستكون هذه اللجنة تابعة لمجلس الشورى كلجنة استشارية يستعين المجلس برأيها عندما تكون القضية المطروحة أمامه للنقاش تخص المرأة. وستدعى عضوات اللجنة «مستشارات شؤون المرأة»، ويقوم مجلس الشورى بتسمية عضواتها، ولن تكون اللجنة مستقلة عن رئيس مجلس الشورى بل ستتبع له في كل شؤونها.
فالذي يظهر من خلال النصوص الشرعية أنه قد حان الأوان لأن تكون هنالك مشاركة أكثر فاعلية في الدورة القادمة لمجلس الشورى، يتسنى من خلالها للنساء المؤهلات أن يكن عضوات في المجلس. والذي ظهر الآن ولله الحمد خاصة في لقاء خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز يحفظه الله وكلمته التي تحدث بها في اجتماعه بأعضاء مجلس الشورى وتوجيهاته الحكيمة التي تواكب تقدم المجتمع وتسعى لكماله بما يوافق الكتاب والسنة أنه سيكون في الدورة القادمة لمجلس الشورى مشاركة كاملة للمرأة.
وفق الله تعالى خادم الحرمين الشريفين لما يحبه ويرضاه، ونفع الله هذا البلد المبارك بما يحمله هذا الخير من مبشرات.
* عضو هيئة التدريس بقسم السنة وعلومها
كلية أصول الدين بالرياض - جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية