الجميع يعرف أن المملكة العربية السعودية خاصة ودول الخليج العربي تتعرض لهجمة إعلامية شرسة، ومثلما أنشأ نظام الملالي في إيران خلايا نائمة في الدول العربية جاهزة لتنفيذ العمليات الإرهابية حينما يطلب منها فإن النظام أقام شبكة إعلامية قوامها محطات فضائية وصحف موزَّعة على البلدان التي أصبح لإيران نفوذ سياسي وموطئ قدم فيها، سواء في لبنان أو في العراق وحتى في الكويت، فضلاً عن العواصم الأوروبية التي تتسامح في إعطاء تراخيص إعلامية تلفزيونية أو صحفية بحجة حرية الرأي، إضافة إلى ما هو موجود داخل إيران، التي تبث وتنشر موادها الإعلامية باللغتين العربية والإنجليزية.
حرب إعلامية شرسة تتجاوز كل المعايير الأخلاقية والمهنية، وعبر خطاب إعلامي طائفي انتشرت المحطات الفضائية المموَّلة من نظام ملالي طهران، وبأدوات تحمل وثائق عربية من أصول إيرانية، أو ممن يتبعون الهوى الطائفي، وكثير منهم تم شراؤهم بالمال. هذا الانتشار الطائفي السرطاني الذي يسعى إلى تحقيق أهداف سياسية، ويخلط بين الخطاب الطائفي والسياسي المنحرف، لم يتوقف لدى المحطات التقليدية المستهدَفَة، التي كانت تعمل في دول الخليج العربي ولبنان والعراق وسوريا، بل تعداه إلى السودان ومصر، واستُهِلَّ ذلك بإنشاء مراكز بحثية لترويج فكر ولاية الفقيه حتى قبل ثورة 25 يناير؛ إذ ظهر مركز يافا للدراسات السياسية في القاهرة، الذي يساوي بين أخطار إسرائيل ودول الخليج العربي.
هذا المناخ الإعلامي المسموم كنا قد حذَّرنا منه منذ سنوات، وطلبنا أن يُتاح للإعلاميين والصحفيين الخليجيين القيام بدورهم للتصدي لهذا السرطان الذي ينتشر في جسم الأمة دون أن نفعل شيئاً لاستئصاله، ولأنه يستهدف الفكر والعقل وتشكيل الوجدان الوطني فإنه أخطر السرطانات. قلنا اهتموا بإعلاميي الخليج العربي، بمن فيهم السعوديون، الذين يمتلكون من القدرة والخبرة الشيء الكثير، وأفضل من ذلك المسؤولية الوطنية والثقافية التي لا يشك فيها أحدٌ، إلا أن الوضع لا يزال على حاله؛ إذ لا يزال الإعلاميون والصحفيون المؤلَّفة قلوبهم من العرب وغيرهم مقدَّمون على نظرائهم السعوديين رغم تميز السعوديين.
الصحفي السعودي محروم من المعلومة الصحيحة السريعة؛ فحتى المؤتمرات واللقاءات الصحفية التي نادراً ما تُعقد يُفضَّل فيها الصحفي الأجنبي عربياً أو غيره على السعودي، وإذا ما حاول الكاتب أو الصحفي السعودي الحصول على المعلومة يعجز عن الوصول إليها، ولا يُرَدُّ على مكالماته الهاتفية، في حين تُرسَل المعلومة للمؤلفة قلوبهم مع (ظرف) في نهاية كل عام أو حتى في المناسبات الاحتفالية.
ابن الوطن يريد خدمة وطنه فتُسَدُّ الأبواب في وجهه، والمؤلفة قلوبهم تُفتح الأبواب والأدراج لهم؛ ولهذا لا نزال غير قادرين على مواجهة الحرب الشرسة الحاقدة على بلادنا من المحطات الطائفية والعدائية؛ لأن أدوات الصحفي والكاتب السعودي معطَّلة.
jaser@al-jazirah.com.sa