أمسك محبرة قلمه وألقى بها بعيداً عنه فتناثرت قطرات الحبر الأسود على أوراقه ناصعة البياض فتلوثت الأوراق بها واختلف تلوثها حسب قربها من المحبرة وكأنه بفعله هذا يعلن عن تشتت أفكاره وعدم قدرته على مجاراة ما يدور حوله.
فقد عاش سبعين عاماً كاملة منها خمسون عاماً عمل من خلالها كاتباً ينثر بقلمه أفكاره ويحاور كل من يقرأ له مثقفاً كان أم من عامة الشعب، لكنه لاحظ أخيراً أن ما يكتبه لا أحد يقرؤه وعلى الرغم من ذلك يجادلونه فيما يكتب يريدونه أن يكون معهم يميل إلى صفهم ويمجد أفكارهم، فلما رفض هاجموه وشوهوا بأساليبهم الحديثة شخصيته الكاتبة فأحس أنه طعن طعنة الموت فلم يكن يتخيل أن يكونوا في حدتهم وجرأتهم إلى حد الوصول إلى تسفيه ما كتبه، لقد كان وقع الصدمة عليه شديداً جعله ينطوي على نفسه رافضاً كل ما كتب فلم يجد غير محبرته ليسكب مدادها على أوراق طالما كتب عليها بهذا المداد كتابات رفعه بها قراؤه إلى مصاف العظماء.
مدارس الرياض للبنين والبنات
sherifelatrbi1967@yahoo.com