التقيته ذات ظهيرة هائماً على وجهه في شوارع المنطقة الصناعية على إثر تعرض سيارته لحادث سير - أنجاه الله منه برحمته - وقد أخذ منه التعب كل مأخذ فما بين شمس لاهبة لم تراعِ كبر سنه ونظام مرور يحتاج للمراجعة والتقييم ارتسمت على شفتيه أسئلة فهمتها وأدركت مغزاها لكنني تجاهلتها عن عمد - ليس لأن الجدران لها آذان فقد أصيبت تلك الجدران بالصمم أمام تأوهاته وحسراته - لكن لأنه ليس لدي ما يمكن أن يخفف من حيرته ولوعته سوى محاولة تغيير الموضوع عن مساره بينما هو يستميت من أجل أن يخرج ما في نفسه من هموم لو كبتها أكثر من ذلك لقتلته وبعد إلحاح منه على الحديث عن معاناته بادرته بسؤال خفف عنه الحمل قليلاً « ما الذي تريده بالضبط يا عمَّاه؟؟» وما الذي يمكنني القيام به لمساعدتك؟؟ عندها التقط أنفاسه على عجل وبدأ يحدثني عن نظام المرور الجديد وعن معاناته مع شركات التأمين عندما تعرض لحادث سير وكان الخطأ على الطرف الآخر بنسبة 100% فحضر رجال المرور وتم تحرير محضر بذلك - إلى هنا والأمر طبيعي - وتم توجيهه لمعارض السيارات لتقدير التلفيات الناتجة عن الحادث فذهب يغذ الخطى متوجهاً لثلاث معارض تم اختيارها من قبل إدارة المرور كمعارض معتمدة لتقييم التلفيات وتقديرها - وهنا أيضاً يبدو الأمر طبيعياً بل ومنطقياً جداً - لكن المصيبة التي ألجمته وجعلته يقف حائراً مشدوهاً هي أنه حصل على متوسط سعر تم اعتماده من المرور بناء على خطابات مصدقة من تلك المعارض وتحويله لشركة التأمين لصرف المبلغ فجاء هنا إلى المنطقة الصناعية لإصلاح سيارته ليكتشف أن قيمة ما حصل عليه من التأمين أقل وبكثير من نصف تكلفة الإصلاح الفعلية لسيارته الجديدة ذات الموديل الحديث مما اضطره للاستدانة وإكمال المبلغ المطلوب وكان من عظم مصيبته أن التسعيرة التي حصل عليها من قبل المعارض كانت قليلة جداً إذ لو طلب سيارة مماثلة لسيارته بذات سعر التقدير لما وجدها في تلك المعارض لكنهم (الشريطية)!!! - على حد قوله -، عندها أحسست أنه يجب علي مغادرة المكان فوراً حتى لا تذرف عيناي أمامه لكنه أمسك بي وسألني « هل لديك بقية من فضول لأكمل لك القصة؟؟ « فنظرت إلى عقارب ساعتي محتجاً بضيق الوقت وأنه يجب علي اللحاق بورشة مجاورة لإصلاح سيارتي قبل أن تغلق المنطقة الصناعية أبوابها لأذان صلاة العصر ثم غادرت المكان لكن ذلك الموقف لم يغادر مخيلتي وهنا أرجو من سعادة مدير عام المرور إعاة النظر في مسألة إسناد تقدير التلفيات لمعارض السيارات وإسنادها للورش الصناعية ومحلات قطع الغيار فهي التي تستطيع تحديد التكلفة الفعلية لإصلاح السيارة التي تعرضت للتلف أما المعارض فلن تستطيع ذلك كما أنه من الواجب عدم حصر تقدير التلفيات على معارض معينة في حال تم البقاء على النظام الحالي دون تعديل خاصة وأن جميع تلك المعارض العاملة في السوق حاصلة على تراخيص لمزاولة المهنة وحتى لا يكون هناك ظلم لمعارض على حساب أخرى ولكي لا تبقى المجاملات والمحاباة والعلاقات الشخصية سيد الموقف والمعيار الأساسي للاختيار خاصة ونحن في سوق مفتوح ومستهدف من لدن المستثمرين المحليين والأجانب - بالمناسبة لماذا كل العاملين في بيع وشراء السيارات في المعارض غير سعوديين؟؟ هل عجزت الإدارة العامة للمرور عن فرض نظام السعودة وتمريره؟؟ وأين وزارة العمل التي تطالب بسعودة المحلات الصغيرة التي بالكاد تكفي أصحابها وتنسى المعارض ذات الموارد المرتفعة؟؟ مجرد تساؤل فقط - كما أرى أنه لا بد من استثناء السيارات التي لم يمضِ على سنة صنعها أكثر من ثلاث سنوات وإسنادها للشركة المصنعة للسيارة وبالتالي سيكون التأمين مفيداً ومجدياً ولن تفقد السيارة قيمتها بعد نزولها للأسواق بوقت قليل نتيجة حادث بسيط حيث سيلجأ صاحبها لإصلاحها في إحدى الورش المتواضعة حسب قيمة ما وصله من التأمين ولكي لا يثقل كاهله بمصاريف أكثر من ذلك وعندها سيشعر بالغبن وهذا ما نهانا عنه الإسلام وبقيت نقطة هامة وهي لماذا لا يتم افتتاح فرع للمرور في جميع معارض المملكة مهمته نقل ملكية السيارة فقط أسوة بمنطقة الرياض؟؟ أليس في ذلك تخفيفاً على الناس وموظفي المرور في كل منطقة؟؟ ثم إن تعذر افتتاح فرع للمرور في المعارض فلماذا لا يتم إسناد مهمة إنجاز معاملات نقل الملكيات السيارات لمكاتب تعقيب معتمدة بدلاً من إسنادها لمعقبين أفراد؟؟ ولماذا لا يتم وضع تسعيرة محددة وثابتة ومعقولة لعمولة المعرض عند بيعه لكل سيارة؟؟ خاصة وأن هناك معارض تستغل المشتري وتضاعف العمولة التي قد تتجاوز أكثر من ألفي ريال لاسيما إن كان هذا المشتري قد اشترى السيارة بنظام التقسيط.
هي مجرد أمنيات منها ما رأيته على محيا ذلك العم المسن ومنها ما خطر ببالي أثناء كتابة هذا الموضوع فأحببت أن أنقلها لمن يهمه في الإدارة العامة للمرور علهم يراعوا ذلك رأفة بالناس فلا يشقوا عليهم فمصيبة واحدة كافية ولا حاجة لمصيبتين أيها المرور.
والله يتولى الصالحين.
الجوف - عضو الجمعية السعودية للإعلام والاتصال
aarreeff@hotmail.com