نحن نعيش هذه الأيام ذكرى عزيزة على قلب كل سعودي ألا وهي الذكرى الواحدة والثمانين لاكتمال تأسيس وتوحيد المملكة العربية السعودية على يد المغفور له بإذن الله الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود يسانده رجال مخلصون له ومؤمنون بهمته لتوحيد هذه البلاد. ومن هؤلاء الرجال الشيخ سلطان بن محمد بن سلطان بن علي بن عضيب من العفالق أهل الخبراء القدماء. الذي ولد في رياض الخبراء بالقصيم عام 1312هـ.

نشأ وترعرع هو وأخوه الأكبر سليمان في كنف والدهم في مزرعتهم السلطانية في رياض الخبراء. وكان والده محمد بن سلطان حينها مكلفا بإمارة «الخبراء» ورياض الخبراء وتوابعها. وقد توفي والده عام 1320هـ.

وبعدها تولت تربيته والدته عائشة بنت ثويني الثنيان بعد وفاة والدته، إلا أن القدر المحتوم لم يمهلها طويلاً إذ توفيت عام 1425هـ. وبعدها انتقل وشقيقته إلى رعاية أخوه الأكبر سليمان بن محمد بن سلطان الذي تولى إمارة الخبراء عام 1327هـ فاستفاد من قربه من أخيه بكسب خبرة في الإمارة والتعامل مع الناس.

تعليمه

تلقى سلطان المحمد تعليمه الأولي لمبادئ القراءة والكتابة على يد الشيخ محمد الناصر الوهيبي إمام جامع رياض الخبراء في حينها وكذلك أخذ جزءاً من تعليمه على يد الشيخ منصور بن رشيد الجمعة والشيخ عبد الله بن بليهد، حتى حذق في القراءة والكتابة وحفظ أصول الدين من فقه وتوحيد وغيرها من الكتب الدينية وفي شبابه كان يعمل في الزراعة والفلاحة ومرافقاً لأخيه سليمان.

وعانى كما عانى غيره من الأهالي في ذلك الوقت من شظف العيش من جوع وفقر ومرض وخوف وذلك قبل استتباب الأمن في هذا الوطن بقيادة الراحل الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود (طيب الله ثراه) الذي بذل الجهد الجهيد والغالي والرخيص لتوحيد المملكة العربية السعودية وإعادة الأمن لها ثم السعي لتطورها وتقدمها، وبفضل الله تحقق له ذلك قبل وفاته مع جنود ورجال مخلصين من أبناء هذا البلد (عليهم رحمة الله أجمعين). ولما رأى فيه أخوه سليمان من النجابة والذكاء والقيادة كلفه بالكثير من المهمات في داخل البلدة وخارجها وكان توفيقه فيها مدعاة لأنه يعرف ويشتهر بين الحكام والأهالي.

غزواته

شارك سلطان المحمد بن سلطان مع الملك عبد العزيز في كثير من الغزوات لتوحيد المملكة. فكان قائداً لـ»غزو» رياض الخبراء والخبراء ويمثلهم أمام الملك عبد العزيز.

ومن الغزوات التي شارك فيها: فتح الأحساء الأولى 1329هـ، وغزوة عفاس بالجنوب وحائل بالشمال والنير والترابي وجراب وغيرها. إمارته لهجرة الذيبية:

في البداية تم تكليفه بإمارة هجرة الذيبية عام 1355هـ وقد وفق في القضاء على الفتن والمشاكل التي كانت هناك.

وفي عام 1357هـ كلفه أخوه سليمان بإمارة تبوك وكلف سلطان بإمارة «الخبراء» وقد كانت تسمى الإمارة بإمارة الخبراء وتشمل رياض الخبراء وتوابعها ومزارعها، حيث لم تفصل الإمارة إلا في التسعينات الهجرية واستمر في الإمارة حتى عام 1381هـ. وكان مثالاً للتفاني والاجتهاد وتنفيذ الأوامر وحسن التعامل وحل المشاكل التي تواجهه باقتدار وإنجاز وحاز على رضا رؤسائه والأهالي.

أعماله

خلال فترة تكليفه من 1357 - 1381هـ كانت فترة تحول كبيرة للمجتمع السعودي فخلال هذه الفترة تحقق الأمن تماماً وظهر البترول في شرق المملكة وابتدأ التطور في المتجمع السعودي في جميع المجالات الأمنية والتعليمية والمعيشية وطرق المواصلات والنهضة الشاملة بفضل الله أولاً ثم بجود المؤسس الملك عبد العزيز الذي لا تزال مآثره وأفضاله باقية.

وخلال هذه الفترة تحققت زيارة الملك سعود لرياض الخبراء والخبراء في الأعوام 74 - 77 - 1381هـ حيث كان في استقباله والوفود المرافقة له وعملت الاحتفالات احتفاءً به.

ولقد بذل الشيخ سلطان المحمد جهوداً مضنية تكللت بفضل الله وتوفيقه وجهود المسؤولين وتعاون الأهالي والأولى بجلب وإدخال الآلات الحديثة إلى هذه البلدان، وكان بدايتها بأن أحضر من الحجاز 14 مكينة لاستخراج المياه من الآبار بديلاً للسواني وكان له الأثر الكبير على الأهالي للتعرف على هذه التقنية الجديدة عليهم التي أعجبتهم وصاروا يبحثون عنها في كل الاتجاهات، وقد كان لابنه الأستاذ حسن بن سلطان (محافظ رياض الخبراء حالياً) دور كبير في هذا الشأن ومن بعد هذا أرسله والده مرة أخرى لمقابلة الشيخ الوزير عبد الله السليمان الحمدان والشيخ محمد بن مانع مدير المعارف في ذلك الوقت في عام 1367هـ للمطالبة بفتح مدرسة ابتدائية في رياض الخبراء وتحقق له ما يريد وأنشئت المدرسة عام 1368هـ ثم بعدها بعام واحد افتتحت مدرسة الخبراء الابتدائية ثم مدرستي النفيد والسحابين, كما أن لجهود الشيخ سلطان دوراً كبيراً، في افتتاح المدرسة العسكرية 1375هـ التي خرجت العديد من القيادات العسكرية الذين لهم دور فاعل ومؤثر في الجيش السعودي ولعل أبرزهم معالي الفريق الأول حسين بن عبد الله القبيّل رئيس الأركان العامة، وكذلك تابع فتح المحكمة الشرعية وكان ذلك 1375هـ وتعيين أئمة للمساجد وهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر خلال تلك الفترة.

صفاته

جمع رحمه الله صفات ومزايا فريدة أهلته للإمارة ولقيادة بلدته ومجتمعه فاتصف بالذكاء والدهاء والحنكة والحكمة والحمية والنبل والجود والكرم، والخبرة والممارسة مع التجارب أكسبته ود الناس واحترامهم لمعرفته بخصال الناس ومقاصدهم ومواجهة المشاكل ووضع الحلول الناجعة. وحين تقاعد من عمله عام 1381هـ تفرغ لأعماله الخاصة وخاصة حبه للزراعة وفلاحة الأرض وكان في مزرعته السلطانية مقيماً معززاً مكرماً يزوره الملوك والأمراء والوزراء والوجهاء والأعيان والأهالي من داخل المنطقة وخارجها وكان مجلسه عامراً مفتوحاً لاستقبالهم ومساعدة صاحب الحاجة. وكانوا يأنسون بحديثه وخبرته وتوجيهاته حتى توفي عام 1407 عن عمر يناهر 95 عاماً رحمه الله رحمة واسعة وجميع موتى المسلمين.

أولاده

رزقه الله الكثير من الأولاد والبنات ولكن قدر الله أخذ أكثرهم وذلك نتيجة للجوع والأمراض وغيرها.

ولكن الله خلف عليه بأبناء وبنات بررة منهم:

الشيخ محمد (رحمه الله) الذي خدم في الدولة وكان آخرها مسؤولاً كبيراً في مالية بريدة.

الأستاذ حسن وهو محافظ رياض الخبراء حالياً منذ عام 1398 الذي كان له جهود موفقة وغير خافية في الوقوف بجانب والده والاستفاده من خبراته وتوجيهاته، وحيث كان يعتمد عليه كثيرا في مراجعة الأمراء والوزراء لتحقيق مطالب الأهالي.

فجزاه الله خيراً ومتعه بالصحة والعافية. وقد تفضل مشكوراً بإمدادي بمعظم مادة هذا المقال اللواء عبد الله وهو يعمل الآن مساعد قائد القوات البحرية. الأستاذ عبد العزيز والذي يعمل في وزارة الخارجية.

والله الموفق