* باستثناء من استنكر مضاعفة الغرامات المالية على المخالفين، أشدّ ما أخشاه أن يكون كل من استنكر، أو انتقد، أو اعترض على نظام (ساهر) بأي أسلوب قد أوقع نفسه في إثم كبير، فاستعداء الجمهور، وبخاصة فئة الشباب على القانون، أو إثارتهم يفضي إلى مفاسد كبيرة، والسكوت عن الفوضى المرورية قبل تطبيق هذه النظام، والانتهاكات الكبيرة لقائدي السيارات، والتجاوز على ممتلكات الآخرين، وتعريض أنفس الآخرين للخطر يتطلب وقفة صادقة يعوّل على رجال الدين، والمعلمين،
والمثقفين التصدي لها، لا أن نقف عثرة في طريق من يسن العقوبات والقوانين الصارمة تجاه أي عابث، أو مستهتر يهدد أمن المجتمع وموارده، رغم أننا حينما نخرج من هذه البلاد ونعود إليها، ونلحظ الانضباط نعود لنقد أنفسنا، ونجلد ذواتنا، ونلقي باللائمة على المسؤولين والقائمين على هذا القطاع، لكن يبدو أن هناك شخصيات همها كسب (صوت الجماهير)، منتهزة ردة الفعل من أي تغيير، أو تجديد، أو تطوير، أو تحديث تمر بها مؤسسات هذه البلاد على اختلافها، معتقدة هذه الشخصيات المبجّلة أن هذه الأصوات وجلبتها قاعدة صلبة، يتكأ عليها، ولا يستغني عنها طلاب الشهرة. صحيح أنني واحد ممن تمنى عند البدء بتطبيقه بهذه الصورة الحازمة إسقاط الغرامات السابقة عن المواطنين، وبخاصة ذوي الدخل المحدود، ومنحهم فرصة البدء بسلوك جديد في فن القيادة، ولا يزال أمل هذه الفئة المسكينة كبيرا برجل الأمن الأول، سمو (وزير الداخلية) بالتفاتة منه، كعادته من أبناء شعبه الأوفياء.
* قد لا نحتاج إلى رصد بعض الإحصائيات، وانحسار الحوادث المرورية، كما ورد في التقرير الوارد من الإدارة العامة للمرور، ولا أيضا ما أشارت إليه بعض القيادات الأمنية من ضبط بعض جرائم السرقات من خلال (ساهر). والتي من خلالها زادت قناعة الفئة الواعية من الشعب، وليس الفوضويون بأهمية تطبيق الأنظمة، والأخذ بالتقنيات التي أسهمت في الحد من الكوارث البشرية. نعم لا نحتاج إلى إحصائية، لأن الممارسات الخاطئة، والحوادث المفجعة نشاهده صباح مساء، والمخالفات داخل الأحياء، وفي الشوارع الفرعية، وتجاوز إشارات المرور يرصدها أي سالك لطرق في هذه البلاد.
* لا أشك أن كثيرا ممن تناول هذه النظام بشيء من التحامل كتب له زيارة مستشفياتنا، ووقف على ضحايا الحوادث، سواء كان لقريب، أو صديق، ومنهم من رُزئ بفقد حبيب له جراء هذه الحوادث، وربما زار أحدهم مستشفيات النقاهة، ووقف على ذوي الإعاقات المستديمة، ممن يرثى لحالهم. فأين أولئك المتباكون على حال المستهترين بالنظام من التباكي على هذه الفئات المقعدة، أو شبه المقعدة؟ أيّهم أولى بالزكاة هذه الفئة التي انقطعت بها السبل؟ أم أولئك المتسببون؟.
* وإذا تجاوزنا الخسائر البشرية، والتفتنا إلى الأثر الاقتصادي الذي تحدثه هذه المخالفات، فيكفي إلقاء نظرة إلى (ورش السيارات) المتناثرة، لنقف بموضوعية على حجم الخسائر الذي يستنزف اقتصادنا، ويثقل كواهل أسرنا، للنظر إلى حجم إنفاقنا على الأدوية لمعالجة ضحايا الحوادث، لننظر حجم التالف من مرافقنا، بسبب ذلك.فهل يليق بإنسان عاقل - يرى بأم عينيه ما كنا فيه قبل تطبيق هذا النظام وما أصبحنا عليه - أن يقف مع الفوضى؟
dr_alawees@hotmail.com