(بدأت بوادر جنون ابني بالانغلاق على نفسه وإهمال دروسه وأسرته. ثم خرج علينا بقصص مخيفة عن أجهزة تصنت تراقبه على مدار الساعة وأقمار صناعية ترصد كل تحركاته وأناس ينصحونه بإعادة الجامعة ثلاث مرات حتى يجهز نفسه لمهام قدرية من بينها تحرير فلسطين وإسبانيا وإعادة الأمة إلى رشدها.. وآخر ما خرج به علينا أنهم أبلغوه بالنبوة.
عرضناه على طبيب نفسي فقال إنها حالة فصام في بدايتها ويجب إخضاعه للعلاج فوراً بتلقي إبر وأدوية. المشكلة أنه يرفض ذلك وهو من القوة والعناد مما يستحيل معه فرض العلاج عليه، ما الحل؟).
نصحته بالاتصال بمستشفى الصحة النفسية.. ضحك بمرارة وقال: اتصلت بهم مراراً من أجل أخيه الذي يعاني من حالة متقدمة من نفس المرض فرفضوا استلامه لعدم وجود سرير. وعندما هاجمني وأسال دمي وأصبح يهدد بالقتل أسرته والممرض الذي يعطيه الإبرة اتصلت بالشرطة فقبضت عليه وسلمناه رسمياً للمستشفى. وبعد شهرين أعادوه لنا على أساس أنه تماثل للشفاء وهو لا يزال على حاله، ولازلنا نعاني يومياً إلى درجة أنني خصصت عمالاً لتقييده وإعطائه الإبرة بالقوة. واليوم أصبحت مصيبتي مصيبتين، والطبيب يحذر من تدهور الحالة إلى أن تصبح ميئوساً منها كما حدث مع أخيه إن لم يبدأ علاجه فوراً. ماذا أفعل؟).
في بلدان العالم المتقدمة وكثير من الدول النامية لا يحتاج الأمر إلى أكثر من اتصال هاتفي بالمستشفى أو تقديم طلب لإدارتها ليأتي فريق يتولى نقل المريض حيث يبقى إلى أن يتعافى بدرجة تسمح بخروجه إلى المجتمع وعودته إلى أسرته. وعندنا مستشفى بجدة عمره أكثر من نصف قرن لا يتجاوز عدد أسرته المائة سرير في مدينة يزيد سكانها عن الثلاثة ملايين نسمة. ترى كم من المواطنين تأخر علاجهم حتى تفاقمت الحالة وخسرناهم بسبب عدم توفر الخدمة الطبية النفسية المناسبة في الوقت المناسب؟ الله المستعان يا وزارة الصحة وحسبنا الله ونعم الوكيل.
Kbatarfi@gmail.com