تقارير هيئة الأمم المتحدة الأخيرة حول التهريب وأخطاره تشير إلى تزايد هذه الظاهرة لا سيما في مناطق لا تزال تشهد الصراعات والتحولات، مما يرشح استفحال هذه الممارسات المحظورة التي يصعب تلافي الكثير من أضرارها.
فالمُهرِّب صفة لمن يمتهن نقل أو ترويج أيّ سلعة نادرة، أو غير مصرح بتداولها في أي بلد من البلاد، وهي عادة ما ترد في قاموسنا العربي فضلاً عن وجودها عالمياً، حتى أنها ولتطور وسائل ممارسيها باتت خطراً تحذر منه الجهات الأمنية والمؤسسات العالمية على نحو منظمة الأمم المتحدة في مجال محاربة الترويج والاتجار غير المشروع بالسلع والأشخاص.
وحينما ننظر إليها كممارسة واقعية لا يمكن لنا تجاهلها، ندرك أننا في مواجهة ظاهرة غير سوية، ذات أسلوب مرفوض في أعراف إقليمية ودولية كثيرة. فقد جاء لفظها من (المَهْرَبِ)، أو ارتكاب (الهَرَبْ)، لنعرف ببساطة أنها من قبيل المطاردة للهارب أو الهاربين بأمر ما، وهذا ما يعزز كونها من قبيل السلوك الخاطئ.
ومن المهربات القديمة التي كانت ذائعة الصيت «السجائر» حينما كانت تهرب بشكل غير منتظم وبأسعار مرتفعة جداً، وكذلك تهريب السلاح والذخيرة وإن كان ينظر إلى هذه السمة من التهريب بطريقة خاصة كونها توسم بمعاني الرجولة، حيث يعكس هذا الشعور بتهريب البنادق والذخيرة على قلته ومحدودية أخطاره ولع العربي بالسلاح واقتنائه.
وقد استفحل أمر التهريب وتنوع وتطور بما لا تحمد عقباه حينما بات من قبيل تهريب المخدرات التي صنفت بأنها الخطر الأكبر قبل أخطار تهريب البشر والسلاح، حيث تهدد الشعوب على وجه الأرض كاملة، لذلك بدأت نذر حرب طويلة وغير مجدية وربما تأتي الغلبة في مثل هذه المواجهات لهذه الجماعات المخيفة التي تتاجر بمثل هذه السموم.
ومن تقرير الأمم المتحدة نستشف أن جهود محاربة التهريب لم تتمكن من القضاء على هذه الظاهرة رغم تجنيد الدول للكثير من طاقاتها وكوادرها وتدريب الأشخاص والحيوانات وامتلاك الطائرات والأسلحة، لأن الدافع في أمر تهريب المخدرات هو المال مما يجعل الأمر مقامرة للمهربين العتاة.
نوع آخر من التهريب هذه الأيام يتكاثر وهو تهريب الوثائق والمخطوطات واللوحات النادرة، والتماثيل والحلي، حيث ثبت أن هذه المهربات كثيراً ما يختفي أثرها ويتعمد إخفاؤها، وهي حالة تواجه العالم، إلا أن الأمم المتحدة -كما أسلفنا- كثيراً ما تحذر قبل وقوع مثل هذه الجرائم، ولا تملك في النهاية إلا أن تظهر مثل هذه التقارير في الأرقام والإحصاءات.
hrbda2000@hotmail.com