هناك حقائق لا يمكن تجاهلها دفعنا ثمنها غاليا، عندما رفع ملف الإسكان على الرفوف لوقت طويل... هذا الإجراء الذي تم بدراية أو غير ذلك أوصلنا إلى أزمة إسكان حقيقة. كان بالإمكان تفاديها لو أن المخططين تعاملوا بوعي مع مشروع الإسكان بالمملكة...
الملك فيصل رحمه الله حكم البلاد وبيوتها غارقة بالحجر والطين وجذوع الأشجار ورسوبيات البر والبحر فأطلق عام 1394م الخطة الخمسية نتج عنها إنشاء صندوق التنمية العقاري بلغ قيمة القرض (300) ألف ريال وكانت شبه كافية لبناء مسكن مناسب و(محترم) للمواطن كون الدولة تمنح الأرض السكنية مجانا داخل المدن والنطاق العمراني... فالدولة تمنح الأرض والقرض ويحصل المتقدم على القرض خلال سنة من تقديمه ونتيجة لتلك التسهيلات بنيت مدن وقرى المملكة حتى عام 1405هـ. خلال (10) أعوام تقريبا تغير وجه المملكة وخريطتها الاستيطانية. بعدها دخل صندوق التنمية العقاري في شبه توقف حتى تولى الملك عبدالله مقاليد إدارة وحكم البلاد العام 1425-1426هـ وضخت الدولة المليارات لتحريك وتسريع القروض... ففي فترة شبة التوقف 1405هـ -1425هـ زاد عدد سكان البلاد وارتفعت أسعار الأراضي والعقارات وأصبح من المستحيل على الشباب والعائلات الحصول على مسكن في عواصم المناطق والمدن الكبيرة رغم زيادة القرض إلى (500) ألف ريال, لأن قيمة الأرض قفزت إلى أسعار خيالية وزادت أسعار مواد البناء، وتكلفة المعيشة الباهظة وتنمية ورعاية الأطفال والأسر وأعباء الحياة ومتطلباتها, إذن حدث أمران هما: شبه توقف صندوق التنمية بحيث أصبح الانتظار يصل إلى (15) عاما، وإيقاف منح الأراضي السكنية...
أسوق هذا العرض التاريخي لا ذكر معالي وزير الإسكان د. شويش الضويحي وأعضاء مجلس الشورى بالسجل العمراني. إما لماذا وزير الإسكان د. الضويحي لأن الوضع لا يحتمل التأخير فالمواطن الذي ساهم منذ عام 1394هـ في تغيير وجه المملكة العمراني ونقلها بإذن الله ومساعدة الدولة من إحياء طينية وبيوت حجرية وشوارع ترابية إلى مدن حديثة ومعمار إسمنتي ورخامي بطرازات متعددة أمريكية وأوربية وآسيوية رشيقة في وقت مبكر من تاريخنا الحضاري زمن الملك فيصل يرحمه الله ومن جاء بعده من ملوك هذه البلاد أصبح المواطن عاجزا عن تأمين مسكنا له ولأطفاله. أما أعضاء مجلس الشورى فالسؤال: لماذا تراجع الأعضاء وقبة المجلس عن مناقشة وطرح قضية إعطاء بدل السكان للموظف الحكومي، لماذا أجل النقاش هل لأن موظف الدولة القطاع العام لا يستحق بدل سكن في حين جميع منشآت القطاع الخاص وشبه الحكومي وأصحاب العقود والمؤسسات الحكومية يحصلون على بدل سكن...
الملك عبدالله يحفظه الله من الأيام الأولى اهتم بملف الإسكان ووضعه على الطاولة لكن هناك من المسؤولين ممن أطال كثيرا بالإجراءات والبيروقراطية السلبية التي حرمت المواطن تملكه السكن، والجميع يعلم أن تباطؤ قروض صندوق التنمية العقاري كانت وراء ما نعيشه اليوم من أزمة إسكان خانقة. وبدل السكن بمثابة تعويض عن أخطاء وقعت بسبب التخطيط والإجراءات وأيضا لدعم استقرار الأسر.
a4536161@hotmail.com