تأتي ذكرى اليوم الوطني هذا العام في ظل مجموعة من التحديات الخارجية والداخلية والمملكة لا تزال ترتقي بخطوات واثقة نحو مزيد من التنمية والتطوير في مختلف مجالات الحياة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية؛ حيث تميزت مسيرة الوطن منذ عهد المغفور له المؤسس الملك عبدالعزيز بالعزيمة والجهد المتميز لولاة الأمر في السعي الحثيث على الدوام لبناء الوطن والإنسان على حد سواء على أُسس ثابتة ومتكاملة من الإيمان والعلم والتنمية.
وقد تبلورت مع الأيام والسنين معالم ثابتة ومبادئ راسخة في السياسات الخارجية والداخلية التي تنتهجها المملكة، والتي أثبتت صحة الرؤية وسلامة الموقف؛ ما أعطاها القدرة على تجاوز الأزمات والنهوض بالتزاماتها على مختلف الصعد الوطنية والعربية والإسلامية.
إنَّ التقدم الحاصل في مسيرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والتحولات والإنجازات التي شهدتها المملكة على مختلف مراحل التأسيس جاءت في ظل ثوابت وأولويات الحكومة من خلال تكثيف الجهود في الحفاظ على أمن الوطن والتركيز على الوحدة الوطنية وترسيخ مفهوم الولاء والمواطنة لدى المواطنين، وهذه الأولويات هي نفسها اليوم تظهر بوصفها مطلباً وطنياً يشكل الاهتمام الرئيسي للقيادة والمواطن على حدٍّ سواء.
لقد تميَّزت النهضة الإدارية التي تشهدها المملكة ومتابعة خطوات التطوير والتحديث لمختلف القطاعات اعتماداً على احترام وسيادة النظام الذي يشكّل المرجعية الأساسية للعمل، ويمثل ضمانة للابتعاد عن الممارسات غير القانونية، ويجعل العملية الإدارية عملاً مؤسسياً له قواعده الثابتة التي تضمن حُسْن وسلامة الأداء واستمراريته، وهو ما ينطبق على عملية التطوير التي تشهدها وزارة العدل في ظل مشروع الملك عبدالله لتطوير مرفق القضاء بوصفه أحد أهم محاور مسيرة التطوير والتحديث التي أعلنها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز على المستوى الوطني؛ حيث شكَّل خطاب البيعة أولى خطوات هذا المشروع التطويري من خلال تعهده بإحقاق الحق وإرساء العدل، وتم إعلان صدور هذا المشروع التاريخي متزامناً مع تخصيص ميزانية سخية تساعد على تنفيذ بنود وخطوات هذا المشروع في سبيل تطوير مرفق القضاء وتحسين بيئة العمل القضائي وتوفير ضمانات تحقيق العدالة ومواكبة التغييرات المتلاحقة على جميع الصعد الاقتصادية والاجتماعية في المملكة.إن عملية الحراك السياسي والاجتماعي التي تشهدها المملكة، خاصة الانتخابات البلدية المقررة خلال هذه الأيام، تمثل أحد أهم ملامح التطوير والإصلاح المنشود الذي يشكّل جزءاً لا يتجزأ من المنجزات التي نعيشها في مختلف مناحي الحياة في هذا الوطن، والتي تمثل ثمرة من ثمار كفاح الملك المؤسس - رحمه الله - وأبنائه البررة، والمحافظة على هذه المنجزات وتطويرها وتحديثها تستوجب من الجميع المحافظة على وحدة الوطن ولحمته وتماسكه والسعي لترسيخ أكبر لمفهوم الولاء وتعميق الانتماء.
لقد سعت الخطط التنموية المتعاقبة لاستثمار ثروات الوطن التي أنعمها الله علينا وإدارتها لتحقيق أهدافها في مختلف المناحي، وجاءت النتائج في ظل قيادة الأسرة المالكة الكريمة لتلبي طموحات جميع المواطنين وتحقق مستويات مرتفعة من الحياة الفردية، وفي الوقت نفسه تؤسس وتبني الكثير من المنجزات الاقتصادية والتعليمية التي نفخر بها ونهضت بواقعنا إلى مصاف الدول المتقدمة، فكان إنشاء المدن الاقتصادية الضخمة وإحداث الجامعات في مختلف مناطق المملكة وغيرها من المشاريع الوطنية، وكان للقرارات التاريخية التي أصدرها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بمناسبة عودته سالماً معافى من رحلته العلاجية الأثر الاجتماعي والتنموي الكبير؛ حيث لامست حاجات المواطنين وعالجت الكثير من الأمور الحياتية للمجتمع بمختلف فئاته، وركَّزت على تحسين مستوى المعيشة وتقديم الخدمات الاجتماعية والارتقاء بالبرنامج التعليمي الموجَّه لأبناء الوطن الدارسين في الخارج؛ ما يعزز خطط التنمية ويُكرِّس مسيرة البناء والتطوير ومشاركة الجميع في تفعيل تلك المسيرة الخيرة.
إن قدوم ذكرى العيد الوطني هذه الأيام وفي هذه الظروف تدلل بصورة كبيرة على أن مسيرة المملكة تتواصل في ظل قيادة الأسرة الكريمة والمنجزات تتلاحق في كل المستويات؛ ليبقى هذا الوطن عنواناً للسلام والتسامح والأمن والأمان، ويزداد المواطنون كل يوم التصاقاً بقيادتهم وتمسكاً بقيمهم وحباً لهذا الوطن الذي تلتقي عنده كل مشاعر الولاء والانتماء.
katebalshammry@hotmail.com