وقف معلم بدين أمام تلاميذ الصف الأول الابتدائي وأشار إلى كرشه العامر بالصحة والعافية، زاده الله من نعيمه, وسألهم: أتدرون ماذا في بطني المنتفخ؟! قالوا: ماذا هناك؟ قال: إنه طالب من فصل آخر لم يحفظ الواجب فابتلعته!! وفي اليوم التالي, كان طفل من هذا الصف في عداد الغائبين، وبالاتصال بذويه أجاب والده انه أوصله بنفسه لداخل المدرسة, بحثوا عنه فوجدوه مختبئاً داخل أثاث مستعمل في ناحية قصية من فناء المدرسة, سألوه: لماذا أنت هنا أيها الصغير اللطيف؟! قال:حتى لا يأكلني المعلم (الدب) حسب تعبيره, طفل آخر في روضة للأطفال وفي الأسبوع الأول من الدراسة كلما أقبل به والده إلى باب المدرسة يرفع عقيرته باكياً, وعجزوا عن معرفة السبب حتى وعده والده بألعاب محببة فإذا به يفصح بأن السبب هو خوفه من ذاك البواب الضخم مفتول الساعدين والشوارب الذي يصرخ بالأطفال, وقصة ثالثة من سلبيات التربية أن احد أطفالي اخبرني ان معلماً في صفه يسب أبناء منطقة من مناطق المملكة ويصفهم بصفات غير لائقة دون إبداء السبب أو ما يوحي بردة فعل عنده تجاههم, توجهت في اليوم التالي (دون علم الطفل) وأبلغت مدير المدرسة الذي استغرب أن يحدث هذا من رجل تربوي ووعد بمعالجة الأمر, لم أورد لكم إلا حقائق, ومنها أن طفلا آخر في سنوات مضت كان يروي قصة مدير المدرسة مع احتفالية احد الفصول الدراسية بمعلمهم الذي خرج من عارض صحي بأن احضروا (الكعك) وأثناء التكريم في وقت الفسحة شاهدهم المدير فتوجه إليهم ناهراً بدعوى أن هذا مخالف للأنظمة، وكان يجب إشعاره, وعقاباً لهم التقط الكيك من بين أيديهم وتوجه لمكتبه بعد أن استدعى اثنين من أطفاله كانوا يدرسون في المدرسة وأقفل الباب والتهم معهم الوليمة في مشهد كان مثار السخرية من التلاميذ والمعلمين وتناقلته الألسن تندراً به كسلوك غير تربوي في نظرهم, هذا المدير الآن في عداد المتقاعدين، وكنت ذات صباح شتوي شديد البرودة وأنا أنزل ابني الصغير أمام باب المدرسة أسمع ذات المدير يصرخ بالتلاميذ ويوجه لأحدهم كلمة نابية غير تربوية حتى ان الطفل أسرع للدخول فسقط أرضا، وقد يكون الطفل في حالة اجتماعية كاليتم أو نحو ذلك جعلته مهزوزاً يرتبك من أي تقريع أو صوت مرتفع, وسعادة المدير لم يكن في إدراك تربوي يرقى لفهم مثل هذه المعاني التي جعل من اجلها وكل ما يفهمه انه (مدير)، وكل ما يفهمه من فن الإدارة انه يمكن أن يقول ما يريد أمام التلميذ الصغار, هذه الصور والوقائع أردت منها تأكيد ان العملية التربوية التعليمية تسير في (بعض) المدارس أو لنقل عند بعض التربويين بصورة نمطية تقليدية مغلفة بمفاهيم وسلوكيات عنترية تبرأ منها التربية وينأى عنها التعليم, وفي المجمل - ومع التقدير لمدارس ومعلمين ليسوا على هذه الشاكلة - فإن وضع كثير من المدارس وما تحويه من أثاث وفصول وما ينتمي لها من معلمين وإداريين تحتاج لنظرة تصحيحية تتواءم مع الأهداف التربوية التعليمية ابتداءً من باب المدرسة حتى قمة إدارتها مع شمول المبنى والمرافق بهذه النظرة.