«مات عمر الحريري»..!!
وتقفز مدرسة المجانين لمتصفح الذاكرة..
التلفاز الأسود والأبيض،..
نشرة الأخبار, ومعها وجبة العشاء في ليالي الإجازة..
المسرحية ما بعدها، ثم النشيد الوطني, وحان وقت النوم..
الفول والتميس وعصير الرمان..
الوالد المشغول بتوقيع الأوراق، ودراسة الميزانية..
الأم وهي تعد أقداح الشاي..
المشي حول السور المعبق بزهور الياسمين، والأحواض المزينة بأشجار عباد الشمس, والفل، والورد الجوري..
استعداداً للاختبارات في الصباح...
تلك الليالي الوحيدة التي تنفرج فيها مساحة السهر..
وإلا فالهدوء يعم حين تكون السابعة والنصف..
لا نفَس إلا صوت هدير آلة، أو دعس قدمي الأم تتفقد أبناءها..
أو حنين أب لم يرهم في النهار, فيمرر يديه على رؤوسهم، يطبع قبلته على جباههم.. ثم يترك لهم بجوار أسرتهم مصروف الغد.. وكتاباً ابتاعه لهم، أو قلماً وقرطاساً.. ويغادر حجراتهم مطمئناً..
بعض الأسماء حين تعبر بك في زمن لا يمكن أن ينتهي بانتهائه...,
تعود إليك حروف اسمها، تسقط في أذنيك، أو تشع في عينيك، تعيد لك مخزون الذاكرة..
هذه التي انطوت على ما انتهى.. لكنها لم تصمت عن مفقود...
قدرة الله تعالى فينا..
نعيش ونموت.. لكن الحياة ماضية..
التلفاز بشاشته البيضاء والسوداء، وبرامجه التي تغلق في العاشرة.. زمن انطوت عليه الذاكرة وبما فيه...
أو هو في هذا الزمن، بألوانه ومخيلاته, وصخبه وعبثياته، وقرفه، وهدره، ولا توقيت له, ولا ساعات في جدوله..
لن يترك عنه في زمنه الراهن في الذاكرة، ما تركه فيها، عندما كان صندوقاً سحرياً لفرحة الصغير, والكبير.