الديمقراطية لا تنجح إلا في بيئتها، ولدى الشعوب الديمقراطية التي احتضنت هذا المفهوم منذ قرون وتبلور في وعيها وتفكيرها، وتوافرت لتطبيقها في تلك البيئات كل المقومات التي تضمن نجاحها وتحقيقها لغايات ومتطلبات تلك الشعوب، الاجتماعية، والسياسية، والاقتصادية، والتنموية.
ولما كانت الغاية النهائية من أي نظام لإدارة شعب من الشعوب هي تحقيق العدالة والمساواة والتنمية.. فإن أي شكل من أشكال الأنظمة ينجح في تحقيق ذلك. فهو النظام المطلوب، لاختلاف البيئات والثقافات بين أمم الأرض. لذا فإن الديمقراطية إذا كانت ناجحة في بعض البيئات والمجتمعات، فإنها ليست ناجحة بالضرورة لدى شعوب وفي بيئات أخرى. ومن هذا فإن الفيلسوف الإغريقي - سقراط - وهو من أقدم وأعظم فلاسفة اليونان، وهذه البلاد هي منظرة الفكر الديمقراطي ومنطلقه.. يقول وقد رأى الناس من حوله ينساقون في اختيار مرشحيهم وراء عاطفة القرابة والتوجهات والشللية. في حين أن كفاءة المرشح وأهليته هي آخر ما يفكرون فيه. يقول سقراط (بئست تلك الديمقراطية التي يقدم فيها العدد على الكفاءة) أي أن أصحاب الأصوات الكثيرة على جهلهم يفوزون على حساب الأكفاء وأصحاب الأفكار الخلاقة، ولذا فإن الديمقراطية في هذه الحالة من عدم الوعي تكون حائلاً دون وضع الشخص المناسب في المكان المناسب، وسلما لتسلق غير الأكفاء إلى مواقع المسؤولية، وإلى أماكن لا يحسنون العمل فيها وذلك بفضل العدد.
هذه الحال هي ما نلمسه من خلال انتخابات المجالس البلدية في بلادنا. حيث تطغى النظرة الأسرية والقبلية والأيديولوجية على كل اعتبار. مفرزة ما نراه من ترشيح غير الأكفاء، ومن فوز أكثر من مرشح واحد من أسرة واحدة أو قبيلة واحدة بمقاعد المجالس البلدية في المدينة الواحدة، وذلك بفضل العدد لا بفضل الأهلية، وهو ما يجب أن يتنبه له المسؤولون. وعلاج هذه الإشكالية في رأيي يكون برفع درجة المؤهل للمرشح، وبسن قانون ينص على اختيار مرشح واحد فقط من بين المرشحين الفائزين لأي أسرة أو قبيلة، لاسيما وقد أثبت قرار عدم تصويت الناخب لأكثر من مرشح واحد نجاحه في هذه الدورة من الانتخابات. وذلك لكي يتحقق التوازن المطلوب بين شرائح المجتمع ويدخل هذه المجالس الشخص المناسب.. إنه لولا تدخل الدولة وفقها الله بتولي اختيار النصف الآخر لشاغلي مقاعد المجالس البلدية لبان من عوار هذه الانتخابات في مجتمعنا ما لم يكن في الحسبان.
أخيراً أبارك لمجتمعنا قرار خادم الحرمين الشريفين بدخول المرأة مجلس الشورى، والمجالس البلدية. وقد تكون بنات حواء أكثر وعياً وإدراكاً للمصلحة من معاشر الكثير من الرجال.
والله الموفق.
- المجمعة