بيروت - خاص بـ (الجزيرة)
أشاد فضيلة الشيخ الدكتور محمد علي الجوزو مفتي جبل لبنان، بالنهج الثابت للمملكة ومواقفها الثابتة والداعمة لمختلف القضايا العربية والإسلامية، ونصرة الإسلام والمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، وتقديم مختلف الخدمات المتطوّرة والمتنوّعة لخدمة ضيوف الرحمن الذين يفدون للمملكة على مدار العام للعمرة والحج والزيارة، كما نوّه فضيلته بالتزام المملكة الراسخ والثابت بالشريعة الإسلامية منهجاً وسلوكاً في جميع شؤونها، والقفزات الحضارية التي حققتها في جميع المجالات مهتدية بهذا الالتزام، ومتمسكة بهذا النهج.
وقال: إن المملكة في تطوّرها ونموّها جمعت بين الأصالة والمعاصرة، فاهتمت اهتماماً واسعاً بالإحاطة بالثقافة الإسلامية التي تقوم على فهم عميق للإسلام ومنطلقاته ومبادئه وقيمه، حيث كان الجهد المتواصل من علماء المملكة لتنقية الإسلام، مما علق فيه من بدع وخرافات، فتخلصت من الدخيل على العقيدة الإسلامية، وعادت إلى الجذور واستلهمت ذلك كله من الكتاب والسنّة، دون تحريف ولا تجديف، واستمدت ثقافتها الدينية من العصر النبوي الأصيل، وما نقله إلينا الصحابة ـ رضوان الله عليهم ـ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قولاً وعملاً فتأسست مدرسة سلفية وسطية، بعيدة عن الزيادات والإضافات التي طرأت على الإسلام وشوّهت صورته، والتي تأثرت بالفلسفة الإغريقية، وخلافها من الأفكار الدخيلة على الدين.. ولذلك ظلت المملكة قلعة الإسلام الحصينة، تواجه الهجمات والتخرصات دون أن تقع فيما وقع فيه الكثير من المدارس الإسلامية التي تعدّت ركن الأصول والجذور، ودخلت في متاهات التحريف، والتي أساءت إلى الإسلام إساءات بالغة، فلم يكن هناك جمود وتصلب، بل كان هناك تمسك قوي بالكتاب والسنّة، بنقائهما وطهرهما وصفائهما، لكي يظل الإسلام إسلام الأولين الذين عاشوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ونقلوا عنه هذه الرسالة العظيمة بحرفية ودقة متناهية.
وبشأن خدمة ضيوف الرحمن قال الدكتور الجوزو: إن المملكة وضعت كل إمكاناتها وثروتها النفطية، في خدمة الحرمين الشريفين، والنهوض بهما، والحفاظ عليهما، وتأمين الأمن والأمان لهما، حتى يكون الحج إلى بيت الله الحرام، رحلة إيمانية صادقة، يستمتع بها كل الحجاج حيث يصلون إلى الديار المقدسة آمنون مطمئنون يشعرون بحماية تواكبهم في جميع المراحل، وأثناء أدائهم للشعائر في راحة ويسر.
وعاد فضيلته ليؤكد أن المملكة لم تقم نهضتها على الجانب المادي فقط، بل على الجانب الديني أيضاً، وأصبحت قبلة المسلمين تستمع بالهدوء النفسي، والجسدي، والمالي، فلا عدوان على أحد، ولا مصادرة لحرية أي إنسان وهو يؤدي هذه الفريضة.
وأضاف قائلاً: لقد كانت الثروة النفطية خيراً وبركة على جميع المسلمين، فعمّ الرخاء المملكة، وامتد هذا الرخاء إلى كثير من الدول الإسلامية التي كانت تنعم بجزء من هذه الثروة إما عن طريق المساعدات، والمشروعات، والمؤسسات الدينية، والمساجد والمراكز الإسلامية التي أقامتها المملكة في شتى أنحاء العالم، وإما عن طريق الدعم المالي لهذه الشعوب لمساعدتها في معرفة دينها، ومحو الجهل والتجديف من ساحاتها، وكان العلماء من كافة بلاد المسلمين يفدون إلى المملكة ويجدون منها كل عون على القيام بدورهم في الدعوة إلى الله، ونشر الإسلام الصحيح على أيديهم.
ونوه مفتي جبل لبنان بالمشروعات التي أنجزت في مكة المكرمة، والمدينة المنورة ومنطقة المشاعر المقدسة للتيسير على ضيوف الرحمن، من ذلك التوسعة التاريخية للمسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف، ومشروع جسر الجمرات ـ وتوسعة المسعى، قطار المشاعر المقدسة، حيث يسّرت تلك المشروعات على الحجاج أداء عباداتهم.
وقال الدكتور الجوزو: إن إنجازات المملكة والقفزات النوعية والعصرية الرائعة التي حققتها، ليس مقتصراً نفعها على المملكة فقط، بل عاد ويعود نفعها على الأمة الإسلامية جمعاء، فإذا ذكرنا ما كان للثروة النفطية من فضل كبير على مجيء الملايين من المهندسين والاختصاصيين والعلماء والأدباء للإسهام في نهضة المملكة وتطورها وتقدمها، فإنّ الحديث يطول في هذا المجال، وكان الإقبال على العمل في المملكة من كل حدب وصوب، فاستفادت أعداد ضخمة من الفئات المثقفة والفئات الفقيرة من عملهم في المملكة.
وفي نهاية حديثه، وجّه مفتي جبل لبنان الشكر للمملكة، على مواقفها الثابتة تجاه القضايا العربية والإسلامية منذ عهد الملك المؤسس عبد العزيز ـ رحمه الله ـ إلى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز ـ وفقه الله ـ ، وقال: سيظل لبنان أسير المكرمات التي قدمتها المملكة في إنقاذه من الحرب، وإعماره وبنائه، والمساعدات التي تقدمها المملكة لكل أبناء لبنان دون تفرقة ولا تتميز بين طوائفه وأطيافه.