عـقـد ديـوان المراقبة العامة ندوة ليبحث فيها أسباب تعثر المشروعات الحكومية ويقدم للجهات الحكومية المعنية الحلول الجذرية فإذا به يرتكب نفس الفعل في التعثر والتأخر وربما أسوأ فالندوة عقدت في24-25 /5 /1431هـ ووردت توصياتها للوزارات المعنية الواقعة في الشارع المجاور لديوان المراقبة في21 /9 /1432هـ.
(احسبوها معي الله لا يهينكم) وإذا كانت مهاراتي الحسابية جيدة فأعتقد أنها استغرقت من نهاية الندوة وحتى وصولها للجهات ذات العلاقة سنة وثلاثة أشهر وستة وعشرين يوما هذه المدة الزمنية الطويلة جدا استنفذت لتبليغ توصيات مكونة من صفحتين ونصف فقط. يحدث هذا التأخير غير الطبيعي في عصر التقنيات المتعددة والإنترنت وضغطة الزر وعملية إرسال الملفات المخزنة في الجهاز في جزء من الثانية فماذا عن بقية الإرساليات؟ وكم تستغرق الإرسالية الواحدة من الزمن؟ وماذا كان يفعل ديوان المراقبة العامة قبل عصر التقنية؟ وهل كانت المعاملات تصل إلى الجهات الحكومية في عشر سنوات؟
الوزارات تقع في الجهة المقابلة لمقر الديوان ولو أرسلت التوصيات على ظهر سلحفاة لوصلت في يوم واحد فما بالكم وتوصيات الندوة قد تم إرسالها بالبريد الرسمي لكن يبدو أن سيارات البريد قد طافت بها بين أكثر من مسؤول لأخذ تواقيعهم عليها قبل أن تستقر في مثواها الأخير!
يكشف التأخر في وصول التوصيات سر التنفيذ البطيء جدا في أغلب مؤسسات الدولة بسبب الروتين وطول الإجراءات وتعقدها والمركزية والتسلسل الهرمي الطويل الذي يستدعي أن تمر المعاملة على عشرات المكاتب وعشرات الموظفين وعشرات المسؤولين ثم عليك أن تحسب المدة الزمنية التي تقضيها في كل مكتب هذا سر تعثر المعاملات والمشروعات وحتى الأوامر الملكية الكريمة كم تستغرق الأجهزة الحكومية من الزمن حتى تنفذها وهو أمر يؤكد أن القيادة العليا سريعة الاستجابة وسريعة التفاعل لكن الخلل موجود وساكن في المستوى التنفيذي!
ليت توصيات الندوة المشار إليها أعلاها ذات قيمة عالية ومردود مجزٍ وتحمل حلولاً عملية وجذرية لمشكلة تعثر المشروعات لو كانت التوصيات بتلك الصفات لهان الوقت ولو طال الزمن وفداها خمس سنين، لكن التوصيات الاثني عشر جاءت صادمة ومخيبة تحمل طابع العمومية وفي جمل كانت بداياتها بالكلمات والجمل الفضفاضة المعتادة مثل «ضرورة تفعيل الأدوار- الحرص على سرعة تطبيق القرار- وجوب اهتمام الأجهزة الحكومية- الحد من عدم الالتزام- الإسراع في تنفيذ ما ورد».
أما مضمون التوصيات بطيئة الحركة فكان بعيدا عن أساس مشكلة تعثر المشروعات وتطرق إليها من بعيد وركز على تفعيل دور لجنة مناقشة المشروعات ودعم الأجهزة الرقابية للوقوف ميدانيا على مواقع المشروعات للتأكد من تنفيذها والاهتمام بما تكشفه من مخالفات ورفع سقف الغرامات على المقاولين المتأخرين وتصنيف المقاولين والمكاتب الاستشارية ووضع ضوابط للحد من إسناد تنفيذ المشاريع من الباطن.
التوصيات رغم أن الجدوى المنتظرة منها محدودة أغفلت أسباباً تمثل حقيقة تعطل المشروعات وتعثرها وتوقفها وفي انسحاب المقاولين وترك المشاريع لعدم قدرتهم على المواصلة.
من أهم الأسباب طرح المشروعات على مراحل كثيرة وفي أكثر من ميزانية وتأخر وزارة المالية في صرف المستحقات وبيروقراطية الإجراءات التي تمر بها عمليات الصرف والتي قد تستغرق سنوات طويلة تؤثر على استمرار المقاولين في العمل وهي مشكلة تحتاج إلى حل سريع وعملي.
shlash2010@hotmail.com