ببالغ الأسى والحزن ينعي خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود أخاه وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز آل سعود، ولي العهد ونائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران، والمفتش العام. «بهذه العبارات البسيطة المعبرة نعى المقام السامي خبر وفاة ولي عهد بلادنا ووزير الدفاع سمو الأمير سلطان بن عبد العزيز الذي توفي فجر يوم السبت الموافق 24-11-1432هـ خارج المملكة إثر مرض عانى منه لفترة ليست قصيرة، جعل الله ما عاناه تكفيراً له ورحمة به، فالله يبتلي المؤمنين من خلقه ليطهرهم ويزكيهم في الدار الآخرة.
و سيصادف نشر هذا المقال موعد الصلاة على سموه ومواراة جثمانه للثرى، تغمده الله بواسع رحمته، فالمملكة قيادة وشعباً تؤمن بالله واليوم الآخر، وأن الموت حق، وأن الآخرة حق. وهذا اليوم بلا شك سيكون يوم حزن وألم لفقدان شخصية مؤثرة، وقائد ملهم من قيادة البلاد، مما أسهموا بلا حدود في ما نرفل فيه اليوم من أمن ورخاء.
فعزاؤنا جميعاً لأخيه خادم الحرمين الشريفين، ولأصحاب السمو الملكي من الأمراء والأميرات من أقارب وذوي الفقيد من الأسرة الكريمة خاصة، ولنا كافة الشعب السعودي عامة، ألهم الله الجميع الصبر والسلوان برحيل روحه الطاهرة المطمئنة التي رجعت لباريها راضية مرضية.
فقد كانت روح الفقيد ابتسامة كبيرة تظلل عموم البلاد، وعينا بصيرة تسهر على رعاية شئونها، وبغياب تلك الإشراقة المضيئة والابتسامة الحانية ستتبدل المملكة أجواء التفاؤل التي كانت تشعها في أيام اليسر والعسر لتحل محلها أجواء مفاجئة من الحزن والأسى، فلم يكن أحد يتصور أو يتخيل فقدان شخصية بحجم سموه، ولكن العزاء هو أننا ندرك أن كل نفس ذائقة الموت، وهذه سنة الله في خلقه ودرب سيطرقه الجميع.
ولا شك أن قلة من الرجال هم من يبقون معنا وهم في حضرة ربهم، يبقون معنا بإنجازاتهم، وبأعمالهم الخيرة، وبما قدموه من دنياهم لآخرتهم. ولا سبيل لإحصاء إنجازاته أو أعمال الخير التي قدمها سموه طيلة عمره المديد من أعمال معلنة وأخرى غير معلنة. فقد كان رحمه الله خيّراً جواداً كريماً ليس مع القريبين منه فقط ولكن مع من يعرفهم ومن لا يعرفهم في داخل المملكة وخارجها. ولذلك فقد أطلق عليه الشعب بشكل عفوي لقب سلطان الخير لما عرف عنه من محبة للبذل غير المحدود في سبل الخير.
وللفقيد خدمات جليلة للبلاد في جميع المناصب التي تقلدها ومواقف مشهودة في الأزمات المختلفة التي ألمت بالبلاد، فقد كان رحمه الله حازماً وقت الحزم، رفيقا وقت الرفق. وله جهود مشكورة في عدة مجالات حيوية تولى مسئوليتها، منها تطوير القوات المسلحة السعودية، وتطوير الجهاز الإداري السعودي، وتطوير التعليم العالم والعالي، وكذلك الحفاظ على المياه والحياة الفطرية في المملكة. هذا بالإضافة لعدد كبير من اللجان على مستوى الدولة مما يصعب حصره ناهيك عن الحديث عنه.
كما أن للفقيد دوراً مهماً في إعلاء كلمة المملكة على المستوى الدولي، وصداقات ممتدة مع معظم قادة العالم، وقد نعته جميع دول العالم تقريباً صغيرها وكبيرها. فقد كان صديقا للجميع، وكان لبنة راسخة من لبنات السلام الإقليمي والدولي.
وقد شاهد الجميع الفقيد رحمة الله عليه يعمل بكل جهد وإخلاص متحاملاً على نفسه حتى في أيام مرضه، حيث كان يراه الجميع يعمل في مكتبه آخر أيام حياته رغم مرضه بابتسامة لم تكن تفارق محياه.
اللهم اغفر له وأسكنه فسيح جناتك وحرم جسده على النار إنك أنت العزيز الرحيم الجبار. وألهم أبناءه وذويه الصبر والسلوان واخلف عليهم، واجمعهم معه في جنات الخلد.
latifmohammed@hotmail.comTwitter @drmalabdullatif