البارحة رحل سلطان بن عبدالعزيز.. حدقت طويلا في الخبر، بدوت شاحبا ومتعبا، رف في مقلتي الدمع، والدمع علامة تسلب اللب وتهزم القلب وتكسر الضلع، البارحة دون الآخرين اتشحت بالحزن ولم أتشح بجمال الأقحوان والنرجس وشدو البلابل وماء الجداول، البارحة ولج الضيم في صدري والحزن في أضلعي، أحسست بالجمرة والريح والبرد معا، البارحة رحل سلطان بن عبدالعزيز.. الروح والكريستال والعطر والربيع المزدان وأصابع الحلم والروح الطيبة، رحل الهامة والمنولوج وإيقاع الحداء والحاضر الغائب والزعتر والرشاد وحبة الخوخ والكرز وورق النعناع والثمار اليانعة، رحل اللوحة واللون والقماش والفرجة والفرشاة، رحل السطر والمسطرة والحلي والقلادة، رحل الغيم والديم والسحابة والمطر، رحل السلام والغمام والطير الجميل، رحل الضوء والجب الكبير والنهر والعطاء، رحل اللون والنهار وعشبه الحلم، رحل طوق الياسمين وعذق النخلة ونصوص القصيدة،، رحل مكونات النص وإضاءة المكان ودالية العنب وبستان الفاكهة، رحل التجلي والصفاء والتقرير والشرح والرؤية، رحل سيد القارات وقارع الأجراس، رحل الواقعة والتخيل والحدث، رحل رجل الزمن الجميل والبهاء الممزوج بالخلابة والوهج، رحل السناء وكوب الكوثر وصحن الخبز وجسد العافية وروح الحبور والسنبلة والدفتر، رحل بجو شحن الذاكرة بتفاصيل ترفض التوديع والرحيل، إلا أن موت الأمير الجليل وتابوته وجنازته التي ستكون جاءتني بهمهمة البكاء والنحيب المخبأ بين شفاه الصمت ولحظات البوح واللحظة التي تأتي ولا تأتي، لقد فقدت من أحب بانكسار نفسي فظيع، فقدت الأمير الجليل الذي زرع البذرة البيضاء في نفوس الناس مخلفا عشبة بهية وسنديانة وارفة كبيرة، لقد بكيته حتى أذبت المقلتين دون أن يراني أحد.
ramadanalanezi@hotmail.com