العين تدمع والقلب يخشع وإنا على فراقك يا سلطان لمحزونون لا نقول إلا ما يرضي ربنا {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}. إنه لخطب جلل ففقد صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز ولي العهد وزير الدفاع ليس بالأمر الذي يحزن عليه الإنسان فقط من ناحية عاطفية أو إنسانية مثلما يحزن على غيره من البشر، ذلك لأن ثقله السياسي المحلي والدولي وتاريخه الحافل بالأعمال الجليلة على مدار السنين التي عمل بها في الدولة، حيث تولى مناصب عدة منذ مقتبل عمره، عين أميراً على منطقة الرياض ثم وزيراً للزراعة والمياه فوزيراً للمواصلات ثم وزيراً للدفاع والطيران والمفتش العام، وتوج ذلك بولايته للعهد في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله امتداداً لسيرته العملية منذ توحيد المملكة على يد والده المؤسس الملك عبدالعزيز وبعده الملك سعود والملك فيصل والملك فهد رحمهم الله، وكان الأمير سلطان متفانياً فيما ترأسه من أعمال وعرف عنه حبه للعمل وجلده عليه.. على الجانب الإنساني اشتهر رحمه الله بحبه للخير وكرمه حتى سمي سلطان الخير، وكرم سلطان ليس سخاء جوداً بالمال فقط بل إن أخلاقه وتواضعه والابتسامة التي لا تفارق محياه كان لكل ذلك أثره العظيم عند من عرف الأمير سلطان أو تعامل معه من قريب أو بعيد.
على المستوى الشخصي أذكر أني ضمن مقالات أسبوعية كنت أكتبها في هذه الصحيفة كتبت مقالاً ثم علمت أن لسموه رحمه الله بعض الملاحظات عليه، وخشية من التباس الأمر، بسطت الفكرة ووضحتها وتوسعت فيها في المقال الذي تلاه، فما كان منه رحمه الله إلا أن اتصل بي مشيداً بما كتبته بكلمات أبوية توجيهية حنونة، لم أنس تلك الكلمات بل كنت استمتع بإعادتها في ذاكرتي كلما جاء ذكره رحمه الله. بعد ذلك بمدة كان في زيارة للملك فهد رحمهما الله، وكان من حسن حظي أني شرفت بحضور ذلك اللقاء، فما كان من سموه إلا أن أثنى على مقالاتي المتواضعة أمام الملك فهد رحمهما الله، فكانت هذه اللفتة الكريمة - وستظل - وسام شرف أضعه على صدري ما حييت، كيف لا وقد نلتها من سموه الكريم وهو من هو قامة ومقاماً، وبين يدي خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز رحمهما الله، إن ما انطبع في قلبي من محبة لسموه الكريم انطبع مثله في قلب كل من التقوه، ووجدوا منه ما وجدت من تواضع وأريحية وعطف ومحبة، وهذا غيض من فيض مكارم أخلاقه، تغمده الله بواسع رحمته وأسكنه فسيح جناته، وجزاه عنا خير الجزاء.
* المستشار في الديوان الملكي