من حكم الله عز وجل أن يتوفى الأمير سلطان بن عبدالعزيز بعد عددٍ من الثورات العربية ورحيل عدد من الزعماء العرب الذين ثارت عليهم شعوبهم وما صاحب ذلك من احتفالات شعبية عارمة في تلك البلدان وكان آخرها ليبيا. وعلى النقيض عم الشعب السعودي والمقيمين بل وأنحاء من الوطن العربي حزناً وألماً شديدين لفقد رجل من ولاة أمر هذه البلاد المباركة ألا وهو سلطان الخير والجود، وقد خيم الحزن والأسى على الجميع لما لهذا الرجل من سجل حافل بالأعمال الوطنية والخيرية والإنسانية طيلة العقود الماضية ولما له من مكانة خاصة وكبيرة في قلوب الناس كمثل بقية قادة هذه البلاد المباركة لنهجهم السليم وسياستهم الرشيدة في التعامل مع كل المواقف والظروف.
لقد عمت مشاعر الأسى والحزن أرجاء الوطن بهذا المصاب الجلل حيث ظهر ذلك على الجميع حيث أقبلوا صباح السبت الحزين يعزون بعضهم بعضاً بل وانعكس ذلك على مواقع التواصل الاجتماعي ورسائل الجوال وتعليقات المواقع الإخبارية وتناقل الكثير صوراً ومقاطع للفقيد الغالي وبادر الجميع بدون مبالغة بالدعاء له والترحم عليه.
إنها رسالة للعالم بأسره بمدى الحب الذي يكنه الشعب وجزء كبير من العالم العربي والإسلامي والإنساني لهذا الأمير الفذ العملاق «الأمير سلطان» الذي يمثل بإنجازاته وعطائه امتداداً لأسرة مُلك حكمت البلاد لعقود وأرست معايير في أخلاقيات التعامل وأدب التواصل مع الداخل والخارج.
إن مثل هذه النوازل تؤكد مدى نجاح هذه الأسرة الكريمة في كسب حب الجماهير والتأسيس لقاعدة متينة من الولاء والإخلاص، كيف لا وهم أصحاب مدرسة رفيعة وفلسفة خاصة في كيفية خدمة ورعاية المواطنين بجميع فئاتهم وشرائحهم وقاصدي بيت الله الحرام ومع عمارة المدن المقدسة وبناء نهضة تنموية شاملة والارتقاء بالوطن والمواطن على مختلف الأصعدة بل تمتد حنكتهم في هندسة العلاقات الخارجية مع الدول والبلدان المجاورة وغير المجاورة.
فعلاً لقد كان الأمير الراحل «سلطان الخير» امتداداً لأسرة الكرم والجود والقيادة.... فقد عاش قريباً من صنع القرار بل مشاركاً فيه أهله ليكون رجل قيادة ودولة وحنكة ولم يغنيه ذلك عن الابتسامة الساحرة والمودة الظاهرة في تعاملاته وظهوره الإعلامي مما أضفى طابعاً خاصاً به، ويدعم بسخاء وكرم قل أن وجد.
إن سلطان الخير قاعدة استثنائية امتدت ظلالها إلى كل المجالات والفعاليات من خلال خليط من الحزم والود والشجاعة والكرم والسخاء والعطاء والحنكة وبعد النظر بشكل يتخطى كل التوقعات تماما مثلما تخطت كثير من الدول البروتوكولات الرسمية في استقباله والاحتفاء به.
وكما قال أحد الشعراء: (سلطان عم الحزن في كل الأقطار..الكون مظلم والأماكن حزينة)
ندعي لك الرحمن للذنب غفار...
ينزل عليك المغفرة والسكينة
مني العزا ياصل طويلين الاعمار..
اللي على الأوطان أيدي أمينة
سلطان عم الحزن في كل الاقطار..
الكون مظلم والأماكن حزينة
ونحن نودعه بقلوب حزينة.... ندعو الله أن يتغمده بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته، {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.
majeedan@gmail.com