ترجل، ورحل.. بعدما كان مع الجميع، وبين الجميع أخا وأبا وسندا، لم يفته موقف إنساني، ولم يتغيب عن استجابة حاجة، وكان المبادر دائما تدفعه قوة الإيمان، وعزيمة الرجال، وقلب إنساني أبيض، رضي أن يتحمل مسؤولية جاوزت الحدود والخرائط، واستلذ التعب لأجل راحة المستضعفين.
كان المغفور له بإذن الله الأمير سلطان بن عبدالعزيز لمن عرفه عن قرب، رجل المواقف والمهمات الصعبة، ورجل الدولة بكل ما تحمل الكلمة من معان في حروفها، عسكري محنك وحازم، وإنسان كبير في خلقه وتواضعه وغيرته على قضايا وطنه وأمته.
صنع سلطان للإنسانية فكرا جديدا عماده المبادرة، وبنيانه البذل، وأساسه الرحمة، وشيّد عليه الإنجازات التي أضاءت في كل بقعة، ودفع بكل ما أوتي من قوة للنهضة الإنسانية في الرعاية والتأهيل والحقوق، وكان يرى واجبه وفق رؤية المسؤولية، فيقدم العطاء على أنه حق لمن قدمه له.
لقد تحرر المغفور له من قيود الكبر والاستعلاء، و انطلق مواطنا بين أبناء شعبه،مصرّا على أنه خادم لهم، وانطلق أخا بين العرب، وسندا لقضايا الإسلام والمسلمين، فمن فكر الإسلام شيّد صروح الإنسانية والعطاء، نابذا غنى الدنيا وطامعا بغنى الآخرة من الأجر والثواب، وكان قبل كل هذا وذاك إنسانا واثقا من رسالته في إعمار الأرض، كل الأرض، فقدم هنا وهناك برضا النفس التي كان يغبطه عليها الجميع.
لقد مثّل سموه - يرحمه الله - أنموذجا حيا ندر أن يعيده التاريخ في عطائه و سعة قلبه، كما مثل أنموذج العين الإنسانية التي ترقب الهم فتتصدى له، وتشعر بآلام الغير وتتعايشها، وتقوم لها بالدعم والمساندة، لم يعرف قاموس سلطان الخير كلمة المواساة بالكلام، فقد كانت المواساة عنده فعل إيجابي لإحقاق حق أو نصرة محتاج.
واليوم إذ نودع الراحل الإنسان، معزين أنفسنا و معزين خادم الحرمين الشريفين وكل أسرة آل سعود الكرام، ورثة راية التوحيد، ليبقى لنا من جميل العزاء مآثره التي تحيي فينا ذكراه، وثقة بأن الركب الذي كان فيه المغفور له، هو ركب هداية يقوده خادم الحرمين الشريفين، ونسير فيه في هذا الوطن لمزيد من البناء، وفي ذاكرتنا سلطان الخير و العطاء.
رئيس مجلس العالم الإسلامي للإعاقة والتأهيل