رحل الأمير الوالد صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز آل سعود -رحمه الله-، بعد أن حفر في قلوبنا - كسعوديين - حبه بطيبته وكريم سيرته.
فعمَّ الحزن في هذا اليوم، وبان التأثر في الصغير قبل الكبير، وأضحت منازلنا تلبس ثوب العزاء بوفاة أبي خالد - رحمه الله -.
لقد كان يوم وفاة الأمير سلطان في حياة المملكة ليس كسائر الأيام؛ فقد اتشحت ملامح المملكة بالسواد وتجللت بالحزن..
رحل سلطان بن عبدالعزيز الجميع عرفه إنساناً يفيض حباً على كل مَن حوله, حتى طغت هذه الصفة على ألقابه الرسمية.
فما أن يذكر سلطان حتى تقفز أمام الخاطر كل معاني الإنسانية والرحمة والشفقة, وبشكلٍ عامٍ الأبوة التي منحها أبناء هذه البلاد دون تفرقةٍ.
لذا.. فليس غريباً أن ترى الحزن في كل الوجوه, وكل العيون تكاد تتفجر بالدموع, ومَن خرج من بيته هذا الصباح قبل أن يسمع بالخبر، فلا شك أنه قرأه في وجوه العابرين وفي القلوب المفعمة بالحزن حوله في كل مكان.
لا أحد يستطيع أن يستنطق كل هؤلاء الناس بالحزن، إن لم يكن قد حفر حبه في قلوبهم عميقاً, بأفعالٍ على مر سنوات طويلة.
إن هذه البلاد تدين لسلطان، كما تدين لإخوته، وقبل ذلك لوالده بالكثير، فهم لبناتها.. والتاريخ لا يستطيع أن يدون سطراً في كتاب هذه البلاد إلا ولسلطان فيه كلمات مضيئة راسخة. شغل العديد من المناصب وترأس الكثير من الجمعيات وغيرها, رئيساً.. ورئيساً فخرياً؛ لكن يبقى الفخر أن سلطان رغم هذه السيرة المجيدة ظل يُعرف بالكريم والإنسان الشهم.
لذا.. ليس غريباً إذا تحولت هذه البلاد على اتساعها إلى خيمة عزاءٍ كبيرة لعظم الفقد, ولأنهم عرفوا ما كان للرجل من مآثر وفضائل.
إن بلادنا التي نشأت على الدين واعتمدته ليس للعويل فيها مكانٌ، لكن لهذا الحزن الصادق الذي تكاد منه القلوب أن تتفطر.
إن مَن يريد أن يقدّم العزاء في مثل هذا الموقف ليقدّمه إلى كل مَن يجده حوله، فكُلنا في الحزن والفقد سواء.. نسأل الله أن يجزيه ما قدّم لأمته ووطنه خيراً، وأن يؤجرنا والأسرة المالكة الكريمة وهذا الشعب على صبرنا خيراً.. {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.