{إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}..
وإنّا على فراقك سلطان الخير لمحزونون..
يعجز النثر ولو كان تبراً، والشعر مهما كان دراً أن يفي بما يستحقه من كلمات الثناء والرثاء رمز الخير والوفاء، سيدي صاحب السمو الملكي الأمير الشهم الوفي سلطان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع والطيران (تغمده الله بواسع الرحمة وعظيم الرضوان) ونعجز جميعاً عن التدوين الحق لما تميز به -طيب الله ثراه- من خصال حميدة ورؤى سديدة ومبادرات مفصلية رشيدة في جميع مراحل مسيرة البناء والنماء لبلادنا السعودية المجيدة في ظل رعاية الله وتوفيقه ثم رعاية وتوجيهات الملوك الأشاوس الميامين منذ عهد جلالة والده المؤسس العظيم لهذا الكيان الكبير الباهر إلى هذا العهد المبارك الزاهر للملك عبدالله بن عبدالعزيز -أدام الله عزّه- حيث كان سلطان الخير -رحمة الله- ولي عهده وساعده المخلص الأمين.. و تقصر كل قصائد الرثاء عن توضيح مدى الحزن والأسى الذي امتلأت به قلوب أبناء أمته وما كان في أعماقهم من العناء طيلة فترة مرضه؛ ذلك المرض الذي عانى منه سنوات طويلة نسأل الله العلي القدير أن يكون أجراً وثواباً و طهوراً ورفعة لدرجاته في الآخرة.
لقد تلقيت النبأ الحزين عن وفاته -طيب الله ثراه- وأنا خارج المملكة فازدادت النفس على فراقه ألماً وحسرة.. وجال بالخاطر الكثير من مواقف ونفحات العطاء في حياته وما قدّمه لأمته وبلاده من أيادٍ بيضاء، وما أسهم به من مواقف بنّاءة، ومبادرات معطاءة، كانت من أهم ركائز ازدهار الوطن وإسعاد أبنائه وبناته.. وتذكرت ابتسامته المشرقة الدائمة، واهتماماته الأبوية والتربوية الحانية، وحرصه العظيم على الإعداد العلمي والمستقبلي لأنجاله وبناته وأحفاده منذ كانواعلى مقاعد الدراسة ومتابعته الجادة -طيب الله ثراه- لأنشطتهم المدرسية وواجباتهم العلمية رغم مشاغله العديدة الرسمية.. لقد تشرّفت بمعرفة ذلك الاهتمام الأبوي الحكيم عن كثب أثناء تشرّفي بالعمل في إدارة مدارس الرياض للبنين وبالمتابعة التعليمية والدراسية لبعض أنجال وأحفاد سموّه الكريم حفظهم الله وأحسن عزاءهم وجبر مصابهم في الفقيد العظيم.. وآمل أن يكون في الأبيات التالية ولو النزر اليسير مما يستحقه سمو الفقيد الغالي الكبير من الامتنان والعرفان والتقدير -رحمه الله وأسكنه جنات النعيم-.
المجدُ يبكيكَ ياذا المجدِ والحَسَبِ
يا سيّدَ الشَّعْبِ يا ابنَ القادةِ النُّجُبِ
والجودُ يبكيكَ قبلَ الناسِ أجمعِهِمْ
فأنتَ فارسُهُ يا عاليَ النَّسَبِ
سلطانُ خيرٍ قلوبُ الشَّعبِ تحملُهُ
ذُخْراً وعوناً وإخلاصاً لدى النُّوَبِ
أبو المساكين في الّلأْواءِ مُنقذُهُمْ
وكافِلٌ لِيَتامى العُجْمِ والعَرَبِ
أَهْدَيْتَ شعبَكَ فخراً أنتَ صانِعُهُ
حِلْمَاً وعدْلاً على حبٍّ وفي حَدَبِ
ستُّونَ عاماً من التاريخِ ناصعةٌ
بعيدةٌ عن معاني الشَّكِّ والرِّيَبِ
ستُّونَ عاماً عطاءاتٌ لها أَلَقٌ
منقوشَةٌ بِمِدادِ المِسْكِ والذَّهَبِ
ستُّونَ عاماً جُهُودَ الخيرِ تَبْذِلُهَا
من دونِ مَنٍّ ولا كَلٍّ ولا تَعَبِ
مَرَاكِزُ الخيرِ تَبْنِيْهَا وتَدْعَمُهَا
كراغبٍ لرضى الرَّحمنِ مُحْتَسِبِ
* * *
سلطانُ ياسَيِّدي نَبْكِيْكَ مِنْ أَلَمٍ
على فِرَاقِكَ مَحْزُوْنُوْنَ في نَصَبِ
سلطانُ حبُّكَ في الأعماقِ يَسْكُنُهَا
وثابِتٌ دائِمٌ يا صادقَ الأَرَبِ
إنَّ القلوبَ قلوبَ الشعبِ قاطبةً
ترجو لكَ اللهَ مَنْجَاةً مِنَ الكُرَبِ
تَدْعُو لكَ اللهَ إحساناً ومَغْفِرَةً
ورَحْمَةً مِنْهُ في فِرْدَوْسِهِ الرَّحِبِ
* عضو مجلس الشورى - واشنطن