|
الجزيرة – سعود الشيباني
عبّر عدد من أصحاب السمو الأمراء عن حزنهم العميق لوفاة صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز - رحمه الله - وعدّدوا كثيراً من مآثره ومناقبه وصفاته الطيبة التي ميّزت سيرته العطرة، مشيرين إلى أعماله الوطنية ومواقفه السياسية ومؤسساته الخيرية، وبروز الجانب الإنساني كسمة أساسية في حياته - رحمه الله -، وأكدوا أنّ نبأ وفاته كان صدمة كبيرة وفاجعة لكلِّ محبيه في الداخل والخارج.
بداية تحدّث صاحب السمو الأمير الدكتور نايف بن ثنيان آل سعود قائلاً:
لقد كان صدى الفقيد مجلجلاً في كل أركان الوطن، وساد حزن عميق تداعت مساحته بطول البلاد وعرضها لدى سماعنا نبأ وفاة صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران المفتش العام - رحمه الله - وكان الخبر مؤلماً للجميع، فالموت حق، و{كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ} (57)، لكن سلطان الخير اختار لنفسه مكانة عظيمة في نفوس كل الناس، وزرع لنفسه محبة في كل القلوب داخل الوطن وخارجه بروحه الطيبة المحبوبة وقلبه الرحيم الرقيق، وبعطائه وأياديه البيضاء، وحبه للوطن والمواطن وخدمته للبلاد على مدى عقود من الزمان بكل إخلاص ووفاء.
وقال الأمير نايف: حقاً لقد فقد السعوديون قيادة وشعباً، بل العالم الإسلامي افتقد قامة لا تعوّض، ورجلاً بمواصفات خاصة، وإنساناً اتسم بكل ما هو إنساني، وكسب بأفعاله قلوب الناس وستظل ذكراه عالقة بالقلوب، وعزاؤنا أنّ ما تركه من أعمال خيرية وإنسانية تحوّلت إلى مؤسسات منظمة تؤطر العطاء عبر أوعية التكافل سيظل محفوراً في صفحات التاريخ وذاكرة الأجيال، ونبراساً يضيء طريق العمل الخيري والإنساني عبر الزمان.
ونعزّي القيادة الحكيمة وأنفسنا وكل مواطن سعودي وكل مسلم وإنسان في وفاة رجل الإنسانية وسلطان الخير، كافل الأيتام، وعون الضعفاء ومعين العاجزين، ومعطي الفقراء، وسند ذوي الحاجات، الذي فجعت البلاد بفقه أيما فجيعة، ألا رحم الله الأمير سلطان بن عبد العزيز رحمة واسعة، وأنزله منزل الصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقاً، إنا لله وإنا إليه راجعون، ولا حول ولا قوة إلاّ بالله.
صاحب العطاء
والأيادي البيضاء
وتحدث صاحب السمو الأمير سعد بن عبدالله بن مساعد آل سعود بقوله: فقدت البلاد برحيل صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز - رحمه الله - ركناً مهماً من أركانها، ورجلاً صادقاً من بناة نهضتها الحديثة، وفقدت الأمة الإسلامية والعربية أحد رجالها الذين كانت لهم مواقف مشرفة، وصولات وجولات، وبصمات ناصعة في مجال السياسة والدبلوماسية والعمل الخيري والإنساني، وأحد رموز الوطن الأوفياء الذي أمضى حياته وفاء وإخلاصاً، وبناءً وتنمية وحباً للوطن الغالي.
وتسأل الأمير سعد قائلاً: كيف لا يعترينا الحزن العميق بفقد سلطان الذي أعطى الوطن عشرات السنوات من العمل الدءوب فكراً وتخطيطاً ونهضة وتطوراً، خصوصاً في مجال بناء درع الوطن «القوات المسلحة» والارتقاء بها تسليحاً وتقنية وتأهيلاً وتنمية لكوادرها البشرية، وكذلك جهود سموه - رحمه الله - في بناء علاقات متميزة للمملكة مع مختلف دول العالم. وتساءل أيضاً الأمير سعد كيف لا نحزن لفقد سلطان الخير، ورجل الإنسانية، فهو الوطن وهو الحب وهو العطف والحنان، وهو القلب الرقيق، وهو صاحب العطاء والأيادي البيضاء الذي ما رأى دمعة تنزل من خد صغير أو كبير إلا وسارع - يرحمه الله - لمسحها وإزالة سبب نزولها، وما نمى سمعه أنين إنسان، إلا وسارع لنجدته والوقوف بجانبه حتى يزول ألمه، وما من يتيم أو محروم إلاّ وكان سلطان الخير أباً له وسنداً له من بعد الله.
اللهم ارحم سلطان وأدخله فسيح الجنان، وأسكنه الفردوس الأعلى من الجنة، وألزمنا جميعاً قيادة وشعباً، وذويه على وجه الخصوص، الصبر الجميل وحسن العزاء ولا حول ولا قوة إلا بالله.
بصمات نابضة مع القلوب
من جانبه تحدث صاحب السمو الأمير عبدالعزيز بن سعود بن محمد آل سعود «السامر»، عن مشاعره برحيل الأمير سلطان بن عبد العزيز - رحمه الله - فقال: فجعت البلاد وصدمت حقيقة بنبأ وفاة صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز - رحمه الله -، ورغم إيماننا بأنّ الموت سبيل الأولين والآخرين، وتسليمنا بقضاء الله وقدره، فقد كانت الصدمة عنيفة وصدى الفقد مدوياً، والحزن عميقاً لكل الناس، ولا يوجد أحد يعزّي أحداً فالكل يعزّي والكل يتقبّل العزاء في هذا الفقد العظيم.
نعم رحل الأمير سلطان، ولكن بقيت آثاره منتشرة بطول البلاد وعرضها، بل على امتداد البلاد العربية والإسلامية، وفي كثير من أنحاء العالم، وبقيت بصماته التي لا تمحوها الأيام تنبض في قلوب الضعفاء، وفي نفوس المحبين، وفي وجدان اليتامى والمحتاجين والأرامل وذوي الحاجات في كل مكان.
وقال الأمير السامر: ولكن عزاءنا الكبير هو أنّ السيرة الناصعة الزاخرة بالأعمال الإنسانية لأمير العطاء ستظل باقية مضيئة، وتظل كل أعماله الخيرية والإنسانية وغيرها تعيش بين الناس، ورغم الحزن والأسى الذي أصاب كل محبي الأمير سلطان - رحمه الله -، سيظل المشروع الخيري الإنساني لسلطان الخير ماثلاً أمام الأجيال، يرفد الحياة بكل ما كان يعمله ويسعى إليه سموه - رحمه الله - ويكون بإذن الله عملاً موصولاً بصاحبه ومؤسسه وصدقة جارية، وهناك ما تركه من العلوم التي يُنتفع بها، وحفظ الله أبناءه الصالحين الذين يدعون له وكل أبناء الوطن هم أبناؤه ولن يكفوا عن الدعاء لسموه - رحمه الله -، ونسأل الله أن يتقبّل الأمير سلطان في عباده الصالحين، وأن يجعل روحه في أعلى عليين، وأن ينزله منازل الشهداء والصديقين إنه ولي ذلك والقادر عليه.
الوطن والجرح النازف
أما صاحب السمو الملكي الأمير بدر بن فهد بن ناصر آل سعود، فقد ابتدر حديثه معبراً عن حزنه العميق، وصدمته الشديدة لدى سماعه نبأ وفاة الأمير سلطان - رحمه الله - فقال: تعجز الكلمات، ويقف التعبير حائراً، عن الأسى والحزن والألم الذي ألمّ بنا وبالأمة جمعاء بفقد رجل بقامة الأمير سلطان - رحمه الله -، لقد فقده كل السعوديين، بل كل العرب والمسلمين، وفقده الضعفاء والمحتاجون قبل الأغنياء والموسرين، لأنه عُرف بالبذل والعطاء والكرم والجود، وحب الإنفاق، وتلمُّس حاجات الناس والتوجيه بسدها، ومساندة كل ذوي الحاجات، والمبادرة والسعي لتفقّد أحوال الناس المادية والصحية والتعليمية وغيرها، والعمل على توفير الاحتياجات ويجد راحة في ذلك، وما يتوجّه إليه شخص، قريباً كان أو بعيداً، سعودياً كان أو غير سعودي، رجلاً كان أو امرأة، إلا ويخرج منه وهو مسرور ومرتاح البال وخالٍ من الهموم.
وأضاف الأمير بدر بن فهد قائلاً: لقد رحل سلطان الخير بجسده، لكن أعماله ومناقبه ومآثره ومشاريعه الخيرية والإنسانية ومنظماته وجمعياته ومؤسساته باقية بيننا، شامخة ماثلة أمام الأعين تؤدي دورها كما لو كان سموه - رحمه الله - موجوداً بين الأحياء، لأنه أعماله تحوّلت إلى مؤسسات منظمة تنمو وتتضاعف وتسد الحاجات، وتتطوّر وفق منظومة إدارية دقيقة قصد منها الاستمرارية والاستدامة والقيام بتنمية المجتمع بمفهوم حديث، ولا تتوقف عند حد معين بل تواكب وتعايش وتتجدد وفقاً لوسائل العصر ومتطلّباته.
وقال الأمير بدر إذا كان جرحنا كأفراد نازفاً بفقد الأمير سلطان - رحمه الله -، فإن جرح الوطن أكثر عمقاً وأكثر نزفاً، لأنّ البلاد فقدت أحد رجالها الذين كان لهم دور أساسي وفاعل في بناء نهضتها الحديثة، والعمل على تطويرها وحمايتها، والإسهام في تخطيط تنميتها وبناء اقتصادها المتين، وبفقده خسرت البلاد خسارة كبيرة، وخسرت الأمتان العربية والإسلامية خسارة لا تعوّض، لأنّ سلطان الخير - رحمه الله - لم يكن جهده وإخلاصه وعطاؤه قاصراً على الوطن وحده، بل كانت عطاياه وأياديه البيضاء تطول كثيراً من البلاد العربية والإسلامية وغيرها، لذا كان الفقد ممتداً بطول كل تلك المسافات والمساحات، رحم الله سلطان العطاء وأجزل له الأجر والثواب وأدخله الفردوس الأعلى إنه رحيم قريب مجيب.