عندما نتتبع سيرة الأمير الراحل/ سلطان بن عبدالعزيز - رحمه الله - ونسمع حديث المقربين وهم يتحدثون عن أفعاله - نُدرك أننا بالفعل خسرنا رجلاً نبيلاً، يصعُب تكراره!
توقفتُ كثيرًا عند مقولة الأمير/ سلمان بن عبدالعزيز عندما وصف الأمير (سلطان) بمؤسسة خيرية تمشي على قدمين، وهو وصفٌ مختَصَر ومعبِّر يدل على حُسن سيرة - سلطان الخير - ومدى حبه للأعمال الإنسانية؛ لهذا كانت الدنيا في عين كلِّ مُحبيه حزينة، وكان وَقْعُ الخبر عظيمًا في النفس.
منذ نشأته - رحمه الله - وهو سبَّاق لفعل الخير، يبحث عن الأيتام والأرامل والمحتاجين، ويقدِّم لهم يد العون، كان مبتسمًا بشوشًا، يشجع من حوله على الخير، ويتقدمهم في فعله، كان مُعلمًا فاضلًا، قدم لمحات رائعة في العطاء والتضحية، صاحبَ ابتسامةٍ ووجه بَشوش، يتسابق الجميع للقائه والحديث معه.
قصصٌ كثيرة سمعتُها وشاهدتها من خلال الإعلام في الفترة الماضية، لم تكنْ لتظهر في حياته؛ لأنه كان يرفُض ذلك.
قدم الأمير (سلطان) للأمتَيْن العربية والإسلامية أعمالاً جليلةً كثيرة على الصعيد السياسي والإنساني، فقد عاش حياةً عملية طويلة في خدمة الوطن والمواطنين، تقلَّد المناصب المهمة والحساسة، وكان أهلاً لها، لم يتوانَ لحظةً في خدمة الوطن.
يُعَدُّ سلطان الخير - رحمه الله - رجلًا عمليًّا، وقائدًا محنكًا، أسهم في نجاح الكثير من المؤسسات التي كانتْ تحظى بأمن وسلامة الوطن والمواطنين؛ عمل على تطوير وزارة الدفاع والطيران، واكب التطوُّر في كل أرجاء العالم وفي كل الاتجاهات، عمل على نقل ما يفيد الوطن من خبرات وتقنيات حديثة، كان شغله الشاغل أن يجعلَ المملكة العربية السعودية - من خلال القطاع العسكري - دولة مُهابة، يَخشاها كلُّ طامع!
لن ينسى التاريخ - سلطان الخير - رجل الكرم والجود، والمواقف النبيلة.
تعرِضُ بعض القنوات من حين لآخر بعض الصور والمشاهِد المؤثرة، خصوصًا عندما تراه يُداعب الأطفال المعاقين، ويحملهم ويسألهم عن حاجتهم، ومن كان منهم في حاجةٍ لعلاج يصدر أوامره بعلاجهم على الفور، ومن كان منهم معسرًا يُبادر بمدِّ يد العون له.
ومن مَواقفه التي سطرها في حياته والتي تُنْحَتُ في الذاكرة نحتًا، والتي لا ينساها إلا جاحد مكابر: عندما شاهده العالَمُ بأسره وهو يقبِّل رؤوس الجرحى والمصابين الذين شاركوا في المعارك ضد الحوثيين على الحدود الجنوبيَّة، وهو ما يزال تحت العناية الطبية، يقوم من مرضه ويأبى إلا أن يزور البواسل، ويطمئن عليهم فردًا فردًا!
لم يفكرْ في كلام الأطباء، ولم يخشَ على نفسه؛ لأنه رجل مبادئ، ومن مبادئ - سلطان الخير -: تقديسه للواجب، والقيام بدوره على أكمل وجه.
في هذا الموقف نحتاج وقفة نتعلَّم فيها معنى الوفاء والعطاء من رجل الإنسانية.
إن سيرة سلطان الخير - رحمه الله - يصعب اختزالها في مقال؛ فالكلمات تتوقف عنده، ويصعب أن تجود لرجل الجود ما يستحقه من إطراء ومدح، رحل وترك إرثًا من الأعمال تحكي عنه.
سيكتب التاريخ - يا سلطان الخير - أروع العبارات، وسيسطر أجمل القصص عن حياتك، ولن تقرأ الأجيال القادمة عن رجل يفوقك كرمًا وعطاء ومروءةً، فهنيئًا لصفحات التاريخ؛ فقد ذكرت بين طياتها - سلطان بن عبدالعزيز!
هكذا هي الدنيا، وهذا هو حالها، وأمر الله فوق كل شيء، وما يقدمه المرءُ من خير فسيجده عند الله، وفي حياة - سلطان الخير - ما يجعلنا نذكُره بالخير، ونكثر الدعاء له، ونطلب من المولى - عزَّ وجلَّ - أن يرحمه، وأن يسكنه فسيح جناته.
Zaidi161@hotmail.com