نعى المليك أميراً كان يضوينا
كالبدر يسطع في أدجى ليالينا
أبا الكرام وما تخفى ابتسامته
يوماً ولم نفتقد من قلبه اللينا
طوى القضاءُ صباحَ السبت صفحتَه
عنّا وذلك حكم الله يرضينا
فالموت حقٌ وما صدّقت في خبرٍ
كالحلم حتى تفشّى نَعيُه فينا
ببالغ الحزن منّا والأسى ذرفت
كلُّ العيون وما هذا بأيدينا
سلطان في الناس لم يُفقد كسائرهم
فغيبةُ الشمس تسترعي الملايينا
وما تمرّ ليالٍ بعده أبداً
إلا تُجرّعنا حُزناً وتَسْقينا
وكلما قلت للعين التي ذرفت
ولا تزال كفاك الدمع تعصينا
يستغني الناس عن فقدان سيّدهم
وعن أبي خالد لا شيء يُغنينا
وكيف ننساه لا نبكي له أثراً
وكل شيءٍ له في الكون يبكينا
نعم الوفي ونعم الأبُّ شيمتُه
طِيْبٌ يُجسّد في أخلاقه الدينا
مضى وقد بقيت بالعِطْر سيرتُه
وبالتواضع قد زادته تزيينا
إن الفراق لأمثال الأمير لنا
خسارةٌ أَنقصت منّا الموازينا
ما أصعَب الحزنَ لولا ما نؤمله
من احتسابٍ عن الشيطان يُقصينا
إن قلت أنساه لم أصدقْ وأين لنا
شخصٌ أياديه بيضٌ عنك يُلهينا
يُعطي الأرامل والأيتامَ يكفلُهم
وكم له سائلاً لم يعدُ مسكينا
وكم رقابٍ له في عتقها كرمٌ
قالت له الفضل بعد الله يُحيينا
لقد رحلت ولم ترحل أياديكم
لما تركت فراغاً دون ماضينا
تبقى مدينةُ سلطانٍ لكم شرفاً
حققت في صرحها أغْلى أمانينا
كم من مراكزَ للإسلام شيّدها
حيناً ويكمل ما تحتاجه حينا
وفي العروبة ما أسمى مواقفَه
فانظر لجيراننا واسأل فلسطينا
وزاد للجيش بالأبطال هيبتَه
وأمّن الدرع بالتسليح تأمينا
غطّى البلاد نسوراً في قواعدها
أقوى الأسود كما تدري أعادينا
وما تلاحَم شعبٌ مع قيادته
إلا ويزداد بعد الحبّ تمكينا
لقد تقلد تاج الجود منفرداً
وكل يومٍ نرى للجود تدشينا
بنى مدارس للتعليم فانتشرت
مجمعاتٌ له لبّت مساعينا
وشجع الشعر حتى طاله شرفٌ
وزاد من حُسنه للشعر تحسينا
بكاه قُلت وما يُبكيك قال لنا
تدفّنت بعد سلطانٍ سواقينا
ما في القصائد رمز من مآثره
لو أنها جُمعت أمست دواوينا
قد جاءنا العيد يا سلطان كيف لنا
فيه الهناء بلا أبٍّ يُهنينا
وكيف نفرح في عيدٍ وليس له
طعمٌ بفقدان ركنٍ من أهالينا
يا سابقَ العيد كان العيد يجمعنا
فيكم وصوتك بين الأهل يكفينا
واليوم تحت الثرى يا عيد ليس له
إلا الدعاءُ فقل يا عيد آمينا
اللهُ يرحمُهُ كلٌّ إلى أجلٍ
يجري إليه وما أرداهُ يردينا
يا سيد الجود هذا العيد حل بنا
من بعدكم أول الأعياد يأتينا
فهل يُخفف أحزاناً تزيد بنا
أم أنه قادم فيكم يُعزّينا
يا عيد قبلك كم جاءتنا تعزيةٌ
وما وجدنا بها حرفاً يواسينا
فالخطب أعظم من تعبير تعزية
بالنثر والشعر لو زادوه تضمينا
وما دخلت مكاناً كان يدخله
إلا وقال بحُزنٍ مَن يُسلّينا
لما بكيت بكى مثلي فقلت له
ما هذا؟ قال كما يعنيك يعنينا
أفضى إلى ربه يرجوه مغفرةً
في ظِلّه يوم لا ظلّ سيحمينا
في جنة الخلد يا رحمنُ تجعله
ممن تُنادي له يوم المنادينا
ينجو ويشرب من حوضٍ لسيدنا
محمدٍ عنده يجني البساتينا
صلوا عليه فإن الله يأمركم
بأن تصلوا على خير المصلينا
عبدالعزيز سليمان الزهيري