|
متابعة - فاطمة الرومي
النقيب سعود السحيمي رافق الأمير سلطان - رحمه الله - على مدى 35 سنة وكان شاهدا على الكثير من المواقف الإنسانية التي كان الأمير سلطان يحرص على بقائها طي الكتمان حيث يقول السحيمي:
لو أردت الحديث عن مناقبه رحمه الله لطال بي الحديث لكنني سأذكر بعض القصص والمواقف الإنسانية التي عايشتها وكنت شاهدا عليها ففي بداية عملي وكنت وقتها في العشرينات من عمري خرجت برفقته رحمه الله في إحدى رحلاته البرية وقد كنت مكلف ببعض الأمور فدخلت عليه رحمه الله في خيمته الخاصة لأستشيره في الأمر الذي أشكل علي كانت الساعة وقتها الثانية والنصف ليلا وكانت المفاجأة أنني وجدته -رحمه الله- في سريره وهو يبكي طبعا كانت صدمة لشاب في مثل سني وفي مكاني هذا كانت دموعه عزيزة علي فقد كنت أعتقد أن الدموع لا تعرف طريقها سوى لأعين الناس البسطاء فحرت في مكاني فهل أرجع إلى الوراء أم أدخل إليه ولكنه تنبه لوجود وسألني: سعود هل تريد شيئا؟ فتجرأت وسألته ماذا بك طال عمرك؟
فأجابني بود قبل أن أتنبه لوجود القرآن الكريم بين يديه: كنت أتدبر هذه الآيات والإنسان يظل ضئيلا أمام خالقه جل وعلا، يقول سعود: فنسيت ما جئت من أجله وخرجت.
كما كان -رحمه الله- يجلس لاستقبال الناس وسماع حاجاتهم وكان ذلك الوقت له أهمية قصوى بالنسبة له ولكن كثرة مشاغله وتعدد مسؤولياته كانا يمنعانه من ذلك في بعض الأحيان فكون لجنة لاستقبال طلبات الناس والنظر في حاجاتهم كافة ثم عرضها عليه وقد جعل ذلك أمانة في أعناق أعضاء تلك اللجنة وأنهم سيتحملون مسؤولية أي تقصير أمام الله ثم أمامه، ومن المواقف التي حضرتها في مجلسه رحمه الله أن رجلا حضر هو وبعض خصومه إلى المجلس وكان ذلك الرجل مدين لهم بمليون وثمان مائة ألف ريال وبين أنه عاجز عن السداد كان ذلك بعد صلاة العصر ولم يؤذن لصلاة المغرب إلا وقد قضى الله جميع ديونه على يدي الأمير سلطان رحمه الله.
ومن ذلك أيضا أن رجلا حصل له حادث سيارة وتوفي معه عدد من الأشخاص وتراكمت عليه الديات حتى بلغت 450 ألف ريال ولم يكن لديه القدرة على دفع تلك الأموال وقد لجأ ذلك الرجل إلي لإيصال أمر قضيته إلى الأمير سلطان -رحمه الله- ففعلت وقد وكلني الأمير سلطان بمتابعة القضية ودفع كل المبالغ المستحقة على ذلك الرجل وإنهاء المعاملة بأسرع وقت وعلى أتم وجه وهذا ما حدث بالفعل.
ومن المواقف التي لا تنسى أنه رحمه الله كان في رحلة قنص في جنوب المغرب وكان من عادته أن يتصدق على من يجده من الفقراء في تلك المناطق ويجلب لهم ما يحتاجونه من طعام وغيره ولم يكن أولئك البسطاء يعرفون من يكون ذلك الرجل الكريم سوى أنه أحد الأثرياء وقد جاءت إليه في أحد الأيام مجموعة من سكان تلك المناطق يشكون إليه حاجتهم إلى الماء وأنهم لا يجدون القدرة على حفر بئر تفي بحاجتهم فبادر رحمه الله إلى حفر 15 بئراً في عدة مناطق حتى يسهل على الجميع الوصول إليها ووضع على كل بئر مضخة تعمل بالطاقة الشمسية كما أمر ببناء غرفة للحارس وساقية كبيرة حتى تشرب منها الدواب..
ومن القصص المؤثرة أيضا أنه وقع حادث سيارة على طريق القصيم وقد توفي جميع أفراد العائلة المكونة من 11 شخصا ماعدا طفلة في التاسعة من العمر وعندما علم بالخبر دمعت عينيه حتى بللت وجهه ثم قال هذه البنت بنتي وأنا المسؤول عنها من هذه اللحظة وبالفعل تم إحضار الطفلة إليه وقد عهد بتربيتها لابنته الأميرة نوف هذه القصة حدثت قبل 11 عاماً تقريباً.
ويستطرد السحيمي: أتذكر أيضا أنه في إحدى المرات كنا معه رحمه الله في الطريق إلى مزرعته وكان ذلك في عهد الملك خالد رحمه الله وفي الطريق شاهدنا شاحنة كبيرة محترقة وهناك رجل بالقرب منها كان يبكي بحرقة واضحة فأمر رحمه الله بالتوقف للنظر في حال ذلك الرجل ونزل وسأله لماذا تبكي هل تشكو من شيء؟
فقال الرجل وكان في حال يرثى لها: أبكي على حالي لأنني اشتريت هذه الشاحنة قبل ثلاثة أشهر بالدين وقيمتها حوالي تسع مائة ألف ريال والآن احترقت الشاحنة وبقي الدين فكيف لا أبكي، وقد قام رحمه الله بسداد قيمة الشاحنة المحترقة كاملة واشترى للرجل شاحنة جديدة.
ويضيف النقيب سعود السحيمي هذا الموقف: كان لأحد خاصة الأمير سلطان حاجة حيث إنه يريد إكمال بناء منزله وقد نقصه بعض المال وكان هذا الشخص قد كتب معروضا ليقدمه لسموه وأثناء حديثه مع الأمير أدخل يده ليخرج المعروض لكنه بدلا عن ذلك أخرج ورقة مالية من فئة خمس مائة ومدها لسموه فمد الأمير سلطان يده وأخذ الخمس مائة وشكر ذلك الشخص باسما، فقال الرجل: أنا أخطأت وأراد أن يعطي الأمير سلطان المعروض، لكنه رحمه الله رفض استلامه، وقال: لا أريد المعروض بل أريد الخمس مائة فأنت أول شخص يعطيني مالا وبعد قليل نادى على ذلك الشخص وناوله شيكا بخمس مائة ألف ريال.