|
الجزيرة – ماجد إبراهيم :
استحوذت النقاشات الاقتصادية على فعاليات منتدى الشباب السعودي الصيني الذي اختتم أعماله مؤخرا بالمملكة، حيث تم طرح العديد من الأفكار والمقترحات من شباب البلدين في سبيل تعزيز التعاون الاقتصادي والثقافي بين المملكة وجمهورية الصين الشعبية، والمنتدى الذي نظمته وزارة الخارجية السعودية يعد المرحلة الثانية التي تعقد بالمملكة بعد أن استضافت الصين المرحلة الأولى في شهر سبتمبر من العام الماضي، ويأتي المنتدى في سياق عدة منتديات تنظمها وزارة الخارجية بمشاركة شباب وشابّات المملكة تجسيداً لمبادرة حوار الأديان والثقافات التي أطلقها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، والتي خلُصَت إلى أن الحوار بين الشعوب ذات الثقافات والأديان المختلفة ضرورة مُلحّة لتحقيق السلام والتآلف في العالم.
«الجزيرة» رافقت أعضاء الوفدين من الشباب السعودي – الصيني طيلة أيام المنتدى التي انقسمت بين الرياض وجدة، وتخللتها زيارتان إلى حقل الشيبة في الربع الخالي وجامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية في ثول، قبل أن يختتم المنتدى فعالياته في ضيافة لجنة شباب الأعمال بغرفة جدة، حيث قدم أعضاء الوفدين أوراق عمل وتوصيات بالإضافة إلى رسالة ختامية حصلت «الجزيرة» على نسخة منها، شملت كل المحاور التي اتفق عليها المنتدون من شباب المملكة والصين.
الدكتور يوسف بن طراد السعدون وكيل وزارة الخارجية للشئون الاقتصادية والثقافية، والذي رافق أعضاء الوفد خلال أيام المنتدى، أكد خلال كلمته التي ألقاها في الحفل الختامي على أن أهمية المنتدى تنبع من تأكيده على مبدأ الحوار والتواصل والتفاهم وتأسيس علاقات نموذجية مبنية على الثقة والاحترام المتبادل، والتي تمثل روح وأسس مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز لحوار أتباع الأديان والحضارات، وأضاف: «يأتي هذا المنتدى استكمالاً للخطوة الأولى في مسيرة منتديات الشباب السعودية التي انطلقت العام الماضي، من قلب الأرض.. المملكة العربية السعودية إلى مشرقها.. أرض الصين الصديقة، تلك الخطوة المباركة كانت بذرة الخير التي فتحت أوسع الآفاق لهؤلاء الشباب والشابات للتعرف على الآخر ومشاركة بعضهم البعض فكره وعلمه، حضارته وثقافته، ماضيه وحاضره، إبداع وطموحاته، تلك الخطوة أبرزت جلياً أهمية الجهود التي يبذلها هؤلاء الشباب والشابات لاستمرار الحوار والتواصل والتفاهم بينهم، وإيمانهم الصادق بضرورة العمل المشترك لإيجاد آلية مشتركة للتعاون في صنع مستقبلهم الواعد وبما يلبي أحلامهم وطموحاتهم».
من جهته أكد خه جونكي نائب رئيس اتحاد الشباب بجمهورية الصين الشعبية، ورئيس الوفد الصيني على سعادته بزيارته للمملكة وبما رآه من تفاعل الشباب السعودي والصيني خلال هذا المنتدى، وأبدى جونكي حماسه للتوصيات التي أصدرها أعضاء الوفدين في ختام المنتدى، مشدِّداً على أهمية تنمية العلاقات بين شباب المملكة والصين وتوفير كافة السبل لتعزيزها بما يخدم المصالح المشتركة بين البلدين.
مركز أعمال للشباب
السعودي – الصيني
أبرز التوصيات التي طرحها أعضاء الوفدين في ختام المنتدى، تمثَّلت في المطالبة بتأسيس مركز الأعمال السعودي الصيني الذي يعنى بتنمية الشراكة الاقتصادية بين البلدين، ومساعدة المشاريع الصغيرة والمتوسطة لرواد الأعمال الشباب، من خلال جذب المستثمرين في هذه المشروعات من كلا البلدين، والمساهمة في تنويع أنشطة الاستثمار، وإعطاء الشباب الفرصة لاختيار مجالات أعمالهم التي يملكونها، وعقد أعضاء المنتدى بعد انتهاء نقاشاتهم حول سبل التعاون الاقتصادي للمشروعات الصغيرة والمتوسطة لروّاد الأعمال من شباب البلدين اجتماعاً في غرفة جدة وضعوا خلاله خطة عمل لمركز أعمال الشباب السعودي – الصيني ارتكزت على عدد من المهام، وهي: استحداث برامج تدريبية تتيح الفرصة لتبادل الخبرات من خلال تدريب مجموعة من الشباب السعودي في المصانع الصينية مقابل تدريب مجموعة من الشباب الصينيين في المملكة، في مختلف القطاعات التي تتميز فيها كل دولة عن الأخرى، وفقاً للتخصصات التي يحتاجها سوق العمل في كلٍّ من البلدين، إعداد وتصميم شبكة تواصل اجتماعي على الإنترنت لتسهيل جمع المعلومات عن رواد الأعمال الشباب من المبتدئين وأصحاب الأعمال الصغيرة والمتوسطة في كلا البلدين، مما يتيح المزيد من التقارب والوضوح بين كلا الجانبين، توفير الاستشارات لرواد وشباب الأعمال الراغبين في معرفة الخطوات التي يتطلبها فتح مشروع صغير يقوم على التبادل التجاري بين البلدين، إقامة معرض سنوي للمنشآت الصغيرة والمتوسطة بالتناوب بين البلدين، لعرض مشروعات الشباب في البلد المستضيف على المستثمرين من البلد الضيف، لجذب المزيد من الاستثمارات المتبادلة بين البلدين، مما يخلق تعاون مستدام ومشترك على أسس قوية تدعم اقتصادات البلدين، وتحويل الشباب من باحثين عن فرص عمل إلى صانعين لهذه الفرص، ويتخلل هذا المعرض إقامة ورش عمل على هامش المعرض السنوي لرواد الأعمال المبتدئين وتوعيتهم، وتعزيز معلوماتهم حول الأنظمة والقوانين لتأسيس المشروعات والاستثمارات في كلا البلدين.
دعم التواصل الثقافي والتبادل التكنولوجي
إلى ذلك عقدت مجموعتان أخريان من أعضاء الوفدين الذي انقسم إلى ثلاث مجموعات، اجتماعاتهم بشأن التعاون والتواصل الثقافي والحضاري بين البلدين، إضافة إلى دعم التقدم العلمي والتكنولوجي بمبادرات جديدة، حيث أصدر أعضاء الوفدين توصياتهم بشأن تأسيس مجلس الشباب السعودي الصيني الذي يعنى بتنظيم برنامج تبادل الطلاب والنشاطات الشبابية مثل: التطوع، برامج القيادة، المهرجانات الفنية، والتي من شأنها تنشئة علاقات الصداقة القوية بين البلدين، حيث يعمل هذا المجلس من خلال التواصل عبر موقع على شبكة الإنترنت، ويقوم بتسليط الضوء على أبرز المشروعات الشبابية في البلدين، كما سيقوم المجلس بالإشراف على إقامة حدث سنوي صيفي بالتناوب، يتضمن فعاليات ثقافية تجمع شباب البلدين لمشاركة العادات والموروث الثقافي والحضاري من مختلف أنواع الفنون، وسوف يتضمن المجلس معرضاً سنوياً لعرض الأعمال الفنية السعودية – الصينية من لوحات تشكيلية وفوتوغرافية ولوحات الخط العربي واللغة الصينية، مثل رسم لوحة أو تأليف أغنية مشتركة تحمل رسالة السلام، بالإضافة إلى ذلك عقد لقاءات عن طريق شبكة الإنترنت أو زيارات متبادلة قد تسهم في إشعال روح المنافسة لإيصال صوت المشاركين لأكبر عدد ممكن من الشباب، وطالب الشباب من أعضاء الوفدين بضرورة رعاية ندوات ومخيمات صيفية لدعم التقدم العلمي والتكنولوجي تسعى في دعم المشروعات العلمية والتكنولوجية من خلال إقامة مسابقة سنوية، وتشجع الاختراعات والأفكار المبتكرة المقدمة من الشباب، مؤكدين على أن هذه المسابقة سوف تمنح الفرصة للعلماء الشباب لإبراز أعمالهم والحصول على التقدير العالمي، وأشار أعضاء الوفدين في رسالتهم الختامية إلى أن رعاية هذه الندوات والمؤتمرات سيدعم توسيع دائرة المستفيدين من هذه المشروعات بالاطلاع على آخر وأحدث الابتكارات العلمية وطرق استخداماتها، وإقامة المخيم الصيفي للشباب السعودي والصيني للاحتفاء باختراعاتهم وابتكاراتهم وسط مجموعة من الموهوبين، وتبادل البحوث لإكمالها من كلا الجانبين ووضعها في مشروع واحد يحقق أفضل النتائج.