لم يُجانب - سمو الأمير - مشعل بن عبد العزيز، الصواب في تحليله، عندما ذكر تحت العنوان الرئيس في حديثه عن البيعة: «وما يميز بلادنا عن غيرها مرونة، وسلاسة إشغال مناصب الحكم - لدينا -، وهذا ما لمسه الجميع - بحمد الله - «. فالبيعة الشرعية بين التأصيل الشرعي، والجذور التاريخية للدولة السعودية، باعتبارها الركن الأهم لقيام الدولة، هي ضمان استقرار، وأمن البلاد، بعيدا عن الانشغال بالإشاعات، وإرجاف الناس، وإثارة النفوس، وتهييج القلوب، وإذكاء الفتنة. كما أنها تأكيد واضح على أن لا خلافات داخل الأسرة الحاكمة، بعد أن وافق جميع أعضاء هيئة البيعة على ترشيح خادم الحرمين الشريفين - الملك - عبد الله بن عبد العزيز، - للأمير - نايف لهذا المنصب.
تُعتبر البيعة الشرعية، الضامن الرئيس لوحدة البلاد، واستقرارها، وبناء حضارتها. كما أنها الميثاق الذي يربط المواطن بولي أمره، - وبالتالي - انتظام شؤون العامة، وأحوالهم. بل هي ميثاق الولاء للنظام السياسي الإسلامي، وهي أصل الأشياء - كلها -، إذ تعني البيعة: المبايعة، والطاعة من الراعية للراعي، وإنفاذ مهمات الراعي على أكمل وجه.
بعيدا عن البروتوكولات الرسمية، فقد تقاطرت الوفود الرسمية، والشعبية من كل مكان - حبا، وولاءً -، تبايع لولي العهد - الأمير - نايف، في مشهد أسر العالم معاني الوحدة، وتوطيد دعائم الحكم، والحفاظ على ما تحقق لهذا الوطن من عزة، ومنعة. فالبيعة على الطريقة الإسلامية، يحصل بها الاجتماع، والائتلاف، ويتحقق بها الأمن، والاستقرار، دون مزايدات، وشعارات فوضوية، تكلّف الأمة مشقة، وعنتا، وسفك دماء، وغير ذلك. حتى كتبت صحيفة «فاينانشيال تايمز»، في تقريرٍ لها: «إن الاحترام، والانضباط، سمة الأسرة المالكة السعودية، - سواء - عند استقبال، أو توديع عضو كبير»، مشيرة في الوقت نفسه، إلى أن: «السن لها احترامها، دون الالتفات إلى المناصب، أو المواقع الحكومية». وهو - أيضا - ما أكدته تقارير غربية، من أن التفاهم، والتعاضد بين أفراد الأسرة المالكة في السعودية، سمة بارزة للأسرة الحاكمة.
ومع أننا نعيش في عالم يموج بالحروب، والانقلابات، والتفجير، والاغتيالات، وانفلات الأمن، إلا أن هذا البلد - ولله الحمد -، ينعم بلزوم إمام المسلمين، والاجتماع معه على الحق، وترك التفــرق، أو التشــغيب علــيه، أو نشــر مثالبه، وتتبع زلاته؛ ولأن النوايا بدأت حسنة، فقد وصلنا بتوفيق الله إلى بر الأمان عبر قيادة حكيمة، يقودها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله، حين أثبتت الأسرة الحاكمة في منظر مهيب، تكاتفها، وترابطها، ووفاءها، فسطرت أروع صور التلاحم بين الشعب، وقيادته.
drsasq@gmail.com