مشهد مراسم مبايعة - الأمير - نايف بن عبد العزيز في قصر الحكم، وإعلان خادم الحرمين الشريفين - الملك - عبد الله بن عبد العزيز - حفظه الله -، تعيين - الأمير - نايف بن عبد العزيز، - ولياً للعهد نائباً أول لرئيس مجلس الوزراء -، خلفاً للراحل الكبير - الأمير - سلطان بن عبد العزيز - رحمه الله -، - إضافة - إلى بقائه في منصبه وزيراً للداخلية، دليل على وضوح العلاقة بين ولاة أمر هذه البلاد، ممن اجتمعت عليهم، وبُسط بهم الأمر، وبين مواطنيها. فالبيعة الشرعية من الواجبات الدينية، والأمور الهامة المقررة فِي الكتاب، والسُّنَّة، والَّتِي تنتظم بها مصالح العباد، والبلاد. بل إن أعظم أسباب السعادة، بيعة ولاة الأمور عَلَى الكتاب، والسُّنَّة.
لا يشك عاقل، في أن موازين القوى طيلة فترة الأحداث التي واجهتها الدولة، كانت لمصلحتها، بفضل قوة، وثبات نظام الحكم، التي زادتها تمكينا، وثباتا، وقوة، ورسوخا. فالتعامل مع الأحداث، - سواء - كانت داخلية، أو خارجية، كانت تتم بحرفية عالية، ودبلوماسية هادئة، وهي دلائل على تحكيم العقل، والمنطق، وسعة الأفق السياسي، وسيادة الحكمة، وقوة الحكم، وصلابته، ووعي الشعب وتماسكه. وهذه - لا شك - نعم عظيمة، لا يقدرها إلا من فقدها، تستدعي شكر مسديها، وحمد باريها.
هذا الالتفاف الشعبي، والاصطفاف الوطني الذي رأيناه حول القيادة، قلّ أن تجد نظيرها - اليوم -، هو خيار إستراتيجي، يُنبأ عن قوة الوحدة الوطنية، وتلاحم الجبهة الداخلية، بشكلهما، ومضمونهما الحقيقي. كما يُنبأ عن مشهد حضاري للعالم، تجسد فيه قيم الانتماء الوطني، والبناء الاجتماعي.
ونظرا؛ لما يتمتع به علماء المملكة العربية السعودية من ثقة لدى ولاة أمر هذه البلاد، وعامة جمهورها، فقد جاء تأكيد سماحة مفتي عام المملكة - الشيخ - عبد العزيز آل الشيخ على شأن البيعة؛ لما لها من أهمية مركزية في النظام السياسي، فلزوم منهج أهل السنة، والجماعة من سمات الفرقة الناجية من عذاب الله، وهو - مطلب مهم -، إذ لا جماعة بلا إمارة، ولا إمارة إلا بسمع، وطاعة. ولذا جاء في كلمة المفتي، بأن: «بيعة صاحب السمو الملكي - الأمير - نايف بن عبد العزيز آل سعود، - ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية -، بيعة شرعية، وتؤكد على الجميع الالتزام بها، والمحافظة عليها؛ لأنها بيعة شرعية؛ لأن لولي الأمر أن يختار من يعلم أهلا لها، وهذه مهمة عظمى، إذ هي أمانة، ويجب أن يختار لها من يغلب عليه الظّن - إن شاء الله -، ويؤمّل فيه القيام بحق هذه الأمانة».
هي حكاية عظيمة تُثير الإعجاب، أن نرى مشهدا شعبيا، ملتفا حول قيادته، ومتمسكا باستقلالية قراره، ينشد الخير، والإصلاح، ويقف صفا منيعا ضد كل أشكال التدخلات الخارجية، أو الممارسات الأقلية التي اتخذت من الفجور السياسي سبيلا لها، - ومثلها - بعض وسائل الإعلام التي شنتها قنوات فضائية مأجورة؛ لسرقة الأنظار عن المشهد الجديد في عملية بناء البيعة، ممن تشاءموا بالخلاف، وانفراط عقد الاجتماع، والائتلاف.
drsasq@gmail.com