وقع خبر وفاة صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز على مجتمعنا والمجتمع الإسلامي صاعقا لكل محب لهذا البلد المبارك.
إن الحديث عن إنجازات سلطان الخير رحمه الله حديث ذو شجون، حيث آثاره وبصماته شملت جميع مناحي الحياة. وخدمت مختلف طبقات المجتمع ولقد كان من هذه الفئات العسكريون.
لقد شرفت بالعمل بجائزة الأمير سلطان الدولية لحفظ القرآن الكريم للعسكرين في عدة دورات، ولقد رأيت كيف كان لها الأثر البالغ في النفوس، هذه الجائزة خصصت للعسكريين في الجيوش الإسلامية للتنافس في حفظ كتاب الله، بالإضافة لعدد من الأنشطة والبرامج وزيارة مكة المكرمة والمدينة النبوية.
إن الحديث عن أثر هذه الجائزة في نفوس المشاركين والعاملين باللجان المشاركة، وسواء متسابقين أو رؤساء وفود لهو نابع مما رأيته وعاشرته بنفسي، فأذكر أحد رؤساء الوفود وهو برتبة عقيد منذ وصوله للمملكة وهو في فرح وسرور حتى إذا حطت الرحال بالمدينة النبوية في الصباح الباكر توجه لمسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وخر باكيا وكأنه غير مصدق بوصوله للمسجد النبوي، ولم يخرج منه إلا لطعام.
وفي كل دورة من الدورات يتم التنظيم لزيارات عدة من أهمها مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الكريم بالمدينة النبوية وكنت ألاحظ في كل الوفود انبهارهم من العمل المبذول لخدمة كتاب الله واستشعارهم لجهود هذه الدولة المباركة في خدمة الإسلام والمسلمين مما يعزز وجودها في نفوسهم.
وعند الزيارة للمشاعر والخدمات التي تقدم للحجاج والمعتمرين وأعمال البناء الجبارة في الحرمين الشريفين، يرى المشاركون بالجائزة الجهود المبذولة في ذلك فيزداد انتماؤهم لهذا البلد ولقادته وشعبه.
لقد بلغ عمق الأثر لهذه الجائزة في بلدان شتى من العالم الإسلامي وليس محصوراً على المشاركين في المسابقة فقط، بل أصبح في كل بلد مسابقات محلية مؤهلة لهذه الجائزة المباركة، ويشهد لذلك حرص الدول الإسلامية على المشاركة بالجائزة، حيث بلغ في عدد من الدورات أربعا وعشرين دولة.
إن هذه الجائزة تركت انطباعاً مميزاً لدى العسكريين في البلدان الإسلامية، فأي شرف لرجل تبنى هذا العمل الجليل، حيث شحذت الهمم للعناية بكتاب الله وتطورت وسائل التعليم، ولقد رأيت إحدى الدول الإفريقية تغير أسلوب التجهيز لهذه الجائزة، حيث كانت النماذج المشاركة في الدورة الثالثة ضعيفة وعند الدورة الرابعة حققت نتائج مذهلة من جميع المتسابقين من هذه الدولة المشاركة، وعند الاستفسار في هذا التغير أوضح لنا المشاركون كيف بدأ الإعداد لهذه الجائزة قبل بدايتها بسنة تقريبا، وعمل منافسات لمن يستحق المشاركة.
فأي أجر وخير لمن قدم هذه الجائزة وأي أثر لهذه الجائزة في بلدان شتى.
لقد بدأت أعمال الجائزة في دورتها الأولى عام 1422هـ، وتقام كل سنتين في المملكة العربية السعودية، يتنافس فيها العسكريون من مختلف البلدان الإسلامية، وتبلغ الجوائز النقدية قرابة 800 ألف ريال موزعة على أربعة فروع، ويقوم المشاركون بعد انتهاء الفعاليات بزيارة لمكة المكرمة والمدينة المنورة. وأن من أهم ما تتميز به هذه الجائزة أنها خاصة للعسكريين وفي أشرف كتاب.
فرحمك الله سلطان الخير على كل ما قدمت ورحمك الله على هذه الجائزة المباركة.
*كبير مدرسي - كلية الملك فيصل الجوية