هل يقابل مايطرحه الكتاب في الصحافة المحلية بالاهتمام الذي يستحقه من المسئولين الحكوميين أم أنهم ينفخون في قربة مشقوقة؟ سؤال جدير بالطرح فمواصلة الكتابة في قضايا الشأن المحلي دون أصداء أو ردود أفعال إيجابية أمر محبط للكتّاب والقرّاء! توقفت طويلا أتأمل في عبارة كتبها أحد القراء المتابعين، يقول في عبارته التي صوبها بدقة لتضرب في العمق «مارس نقدك بحرية مطلقة بعيدا عن الجمود الكتابي المؤطر وبدلا من النفخ في قربة مشقوقة نهايتها اللهاث حتى الكفن» وكأنه يكتب عن حالة يأس عامة تستدعي الاتجاه الإجباري لممارسة حرية النقد في قنوات مفتوحة لا تخضع للتقييد. هذه العبارة الجريئة أعادتني لربطها بعبارة دارجة عند القراء يرددونها في تعليقاتهم على المقالات. يقولون «لا حياة لمن تنادي» يعني يا كاتب يا حبيب لا تتعب نفسك وتجيب اللي وراء أذانك ترى ماحولك أحد في إشارة إلى أن المسئولين لا يتفاعلون مع ما يكتب ولا يهتمون بالنقد ولا يثمنون دور الإعلام. تكرار ترديد هذه العبارات يصور حالات الإحباط واليأس من تعديل الحال المايل فمئات المقالات التي تنشرها الصحف يوميا وتمس هموم المواطنين وتناقش قضايا جوهرية وتقدم بعضها حلولا جاهزة لا تحظى باهتمامات جادة من معظم المسئولين التنفيذيين المباشرين للعمل في أجهزة الدولة ومصيرها غالبا «التطنيش» لأن غالبية المسئولين المتنفذين يؤمنون بالحكمة الشعبية «طنش تعش تنتعش» وهي حكمة تدعو إلى الابتعاد عن كل ما «يوجع الراس» ويعكر الجو ويطبقونها بدقة تثير الدهشة ولولا الملامة لوضعها المسئول المطنش في برواز وعلقها في صدر مكتبه. سياسة التطنيش المريحة لدماغ المسئول تطبق في صور مختلفة, فإذا كان المسئول مسنودا فهو أساسا يسخر ممن يكتب ويرى أن صرف دقائق معدودة لقراءة مقالة عن أخطاء إدارته غير مجدي والرد على الجريدة وكاتبها غير مهم وقد يقابلك باستخفاف ويحدثك بلغة استعلائية كريهة عندما تجمعك به الصدفة وتناقشه عن مقالة كتبتها فيرد عليك أصلا أنا ما أقرأ جرايد يقول هذا الكلام في إطار الحرب النفسية التي يجابه بها كل من ينتقد سياساته وأخطاء إدارته المتكررة، أما إن كان لدى المسئول بعض الحرص فيكلف المسئول الإعلامي للرد على مانشر أو يتنازل ويرد بنفسه من باب تأدية الواجب، وفي بعض الأحيان قد تصل رسالة عتاب للكاتب أو اتصال مفاجئ لإيضاح الموقف طمعا في كتابة مقال تصحيحي يرضي المسئول ويعيد هيبته أام الناس, وتتزايد وتيرة تفاعل المسئول وترتفع درجة اهتمامه ويأتي رده سريعا حين يكون المقال موجها لمدحه والثناء على إنجازات إدارته.
فارق كبير بين تفاعل القيادة العليا واستجابتها السريعة لما يطرح وبين تباطؤ المسئولين التنفيذيين وضعف تجاوبهم مع الإعلام والذي يصل إلى حد الإهمال المتعمد, وما يؤكد هذه الحقيقة الأمر السامي الكريم رقم 42283 في 27-9-1432هـ والموجه لجميع أجهزة الدولة بعدم إهمال ما تطرحه وسائل الإعلام سواء كان سلبيا أوأيجابيا والرد بالمعلومات الصحيحة وإيضاح الحقائق لأن السكوت كما ورد في ثنايا الأمر يعني الإقرار بما ذكر في وسائل الإعلام وتأكيد له, ومنح الأمر الملكي كافة أجهزة الدولة حق المطالبة لدى الجهات المعنية في حالة طرح مغالطات واعتبر هذه قواعد يتم العمل بموجبها اعتبارا من تاريخه.
الخلاصة هل سنشهد بعد هذا الأمر السامي تغيرا إيجابيا في طرق تعامل المسئولين التنفيذيين مع مايطرح؟.
shlash2010@hotmail.com