|
تقرير - وليد العبدالهادي
من خلال هذا التقرير ترصد (الجزيرة) تاريخ القطاع العقاري وحتى الوقت الحاضر مع محاولة محاكاة ما يحدث في مسلسل أحداث الذهب في العالم، والتي من خلالها يتضح وجود علاقة إرتباط قوية بين العقار السعودي والذهب وعلى أساسها يتم استشراف مستقبل هذا القطاع الهام كعنصر هام من عناصر تكوين الاقتصاد السعودي.
كان الذهب يثمن بحوالي 20 دولاراً للأنصة منذ عام 1920م وحتى عام 1933م، وكان هذا السعر هو قاع القرن الماضي، وفي العام 1929م حدث الكساد العظيم في شهر سبتمبر هبطت حينها معظم الأصول، وأبرزها الأسهم ومع حلول شهر يناير من العام 1933م تخطى الذهب حاجز 20 دولاراً للأنصة، وبدأ رالي المشترين على الرغم من ارتداد أسواق الأسهم الأمريكية -تماماً كما حدث في الفترة 2009- 2011م- لتنتهي الحرب العالمية الثانية 1945م، ويخترق الذهب مستوى 34 دولاراً للأنصة لأسباب كثيرة أبرزها تدهور العملة الملكية (الجنيه) بعد إنهاك بريطانيا التي لم تعد عظمى بعد هذا التاريخ، وقامت الدول بتزويد خزينتها بالذهب، في هذه الفترة لم يكن الاقتصاد السعودي يعتمد على دخل سوى (الحج) حينها لم يتم البدء بإنتاج النفط حتى القطاع العقاري لم يكن لاعب في الاقتصاد، بل كان شبه معدوم ولا يمثل شيئاً يذكر في الناتج المحلي.
قام الرئيس الأمريكي (نيكسون) في العام 1971م باتخاذ قرار تاريخي بفك ارتباط الذهب بالدولار وبدء رالي التخفيف الكمي الذي نشهده حتى الآن، وفي هذه الفترة أعلن عن أول خطة خمسية للمملكة في عهد الملك فيصل رحمه الله، أما عام 1973م اتخذ الملك فيصل القرار التاريخي بقطع إمدادات النفط أمام القوى العظمى ليصل الذهب إلى أعلى مستوى له بالتاريخ عند 100 دولار للأنصة بسبب الشلل الذي أصاب الدول الصناعية وتحوط المستثمرين في الذهب، ومع قدوم 1975م تولى الملك خالد -رحمه الله- الحكم في البلاد وانطلقت الخطة الخمسية الثانية بقيمة 500 مليار ريال وتم تأسيس العديد من مشروعات التنمية وتفعيل القطاع العقاري ببدء التمويل الفعلي من (صندوق التنمية العقاري)، وبدأت في عهد الملك خالد الخطة الثالثة الخمسية بقيمة 783 مليار ريال كان التضخم حينها لا يتعدى 6% والنمو الاقتصادي وصل 12% ومع تصاعد الإنفاق الحكومي للأعوام (1979-1981م) والتمويل الضخم للصندوق لغرض الإسكان وصل القطاع العقاري أول ذروة تاريخية.
ونال اهتمام المواطن ورجل الأعمال والحكومة ليحتل القطاع المرتبة الثانية في الأهمية بعد النفط حينها كان الذهب قد حقق ذروة تاريخية جديدة عند 835 دولاراً للأنصة عام 1980م، وبعد وفاة الملك خالد -رحمه الله- عام 1982م وتولي الملك فهد -رحمه الله- مقاليد الحكم تم توجيه القطاع العقاري لإشباع متطلبات هامة لتأسيس ودعم القطاع الصناعي بعد إشباع قطاع الإسكان ليتحول الاهتمام إلى تقديم تسهيلات ضخمة من أراضي ورؤوس أموال وغيرها لدعم القطاع الصناعي، وما يهمنا هنا قطاع الإسكان الذي بدأ يأخذ منحى هابطاً تدريجياً تصحيحياً استمر إلى نهاية حرب الكويت 1991م لتشهد أراضي على سبيل المثال عملية تصحيح أسعار في الرياض لأحياء أشهرها (حي الملز)، ومع هبوط أسعار النفط إلى 8 دولارات عام 1998م أصيب سوق الأسهم بتصحيح حاد ومعظم قطاعات البلاد بما فيها العقار ليصل سعر الذهب متزامناً مع هذه الأحداث إلى 251 دولاراً للأنصة وإنتعاش الاقتصاد العالمي، وبعد أحداث سبتمبر 2001م خرجت السيولة من العقار وعادت الاستثمارات الوطنية المهاجرة للبلاد وتم إحداث أكبر فقاعة في سوق الأسهم السعودية عام 2006م.
نأتي هنا لأهم المشاهد وهي اختراق ملفت للذهب لحاجز تاريخي 1000 دولار للأنصة مرتين الأولى عام 2007م والثانية مع اندلاع أزمة الرهن العقاري تزامن ذلك مع تصحيح الأسهم السعودية وبدء ارتفاعات سريعة في القطاع العقاري (أراضي – وحدات سكنية وتجارية) حتى يومنا هذا متزامنة أيضاً مع ذروات تاريخية للذهب وصلت إلى 1920 دولاراً وهي آخرها، وفي شهر مارس 2011م أعلن الملك عبدالله -حفظه الله- عن مجموعة من الأوامر الملكية تستهدف إشباع احتياجات المواطن من الإسكان والإعلان عن 2.5 مليون وحدة سكنية ورفع سقف صندوق التنمية العقاري إلى 500 ألف ريال وفتح المجال لتمويل آلاف من المتقدمين للصندوق العقاري والعديد من الأوامر مثل إنشاء وزارة الإسكان وغيرها ليعود لنا نفس السيناريو الذي حدث في عهد الملك خالد رحمه الله وبزخم أكبر؛ وكل هذه القرارات يرجح أن تستهدف تصحيحاً بطئاً للقطاع لا يقل عن خمس سنوات، والمدهش أن التحليل الفني للذهب يتطابق مع هذا السيناريو حيث أعطى إشارات قوية لقرب بدء الاتجاه الهابط على المدى الطويل وأن حاجز 2000 دولار هو أبعد ما يمكن مشاهدته كما أن خطط قمة العشرين من 2009م وحتى الآن لا تزال مثمرة وبحلول 2015م و2018م يتم استكمال أهدافها وأبرزها تطبيق تام لمعايير بازل 3 والتخلص تماماً من الأصول السامة.
انتهج هذا التقرير البحث عن أبرز الأحداث التاريخية للذهب والعقار في المملكة ولوحظ تطابق غريب ومدهش في السلوك (قمم وقيعان الأسعار) بسبب صعوبة التحوط في الذهب داخل المملكة والعقار هو البديل الأسهل وعلى هذا الأساس تم استشراف المستقبل لخمس سنوات قادمة عن الاتجاه، وللأسف لا يوجد أرقام رسمية للقطاع كما هو موجود للقطاع المصرفي والنفطي في البلاد.