المتمعِّن في صورة الحجيج وهو من بعيد يقرأ الصورة مشاهد متحرِّكة..

وأصواتاً ناطقة..

وحركة دؤوبة من القائد, للطالب المتعاون.. من الفرد للفريق..

يدرك كم هي مسؤولية هذه البلاد في خدمة شعيرة فرضها الخالق على العباد..

الأمر لا يستوعب المجاملات، ولا الكلام الملوّن، ولا كذلك الرأي المحمول على توجُّهات شخصية، أو مشاعر ذاتية..

الموقف شهادة في زمن كثرت فيه امتدادات شعاب الآراء، وتكهُّنات النوايا، ولعب الأدوار السياسية في عقول كلِّ من خضع لمعسول الكلام، أو لتخيُّلات الأغراض..

غير أنّ مكة والمدينة وهما تتحوّلان إلى منظومة في بوتقة من المكان، والمضمون، والخطط، والترتيبات، والتنظيم، والتهيئة، والاستعداد, لتستوعب ملايين البشر في يوم واحد.., في مكان واحد..

وتفرد صدرها مرتعاً لهم بالطرق العديدة، والمسارات المديدة، والوسائل المختلفة، ..

وتوظّف لهم الأمن، والمرور, والمؤسّسات، والأفراد, والمطارات, والقطار, والناقلات,..

بل المخيمات، في بيئة صحية تجنّد لها الأطباء، والأدوية، والإسعافات، ..

تمكن لهم فيها الغذاء، والراحة.., لهي عملية بالغة الأهمية، تحتاج ليس للتمعُّن فقط, بل للتقدير، والامتنان, والدعاء العريض..

مكة في موسم الحج, والمدينة.., تجعلان المملكة أُمماً في أُمّة، وأفراداً في قلب.., وحياة في وريد...

نحن لا نحتاج للشكر..

لكن نحتاج لمن يتفكّر، في كيف تنهض أُمّتنا في هذا المجتمع على قدم واحد، وساق، ..

تطوي آلام فقدها، وأفراح عهدها.. في كف صبرها، لأداء واجبها نحو أن تبقى خير أُمّة أُخرجت للناس..

هذه الخيرية, تتضح في الجهر بالعبادات، والسعي للطاعات، والعمل على الفرائض، لكي تبقى قِبلَة المسلمين وجهة يرضونها, ونبراساً يقتدون به..

اللهم اجعله حجاً، ونجاة لكلِّ من يقف بين يديك في مشعر عرفات..

واجعله ثواباً مضاعفاً, لكلِّ عين سهرت، وقلب خفق، وقدم سعت، وفكر تجنّد, وروح بذلت..

اللهم وتمِّم على الأمم من المسلمين ههنا إيمانهم..,

وحقق رجاءهم.., وانصرهم على ضعفهم.., ولا تخرجهم من هذه الأرض لبلدانهم إلاّ قد محوت ذنوبهم.., وغسلت أدرانهم.., وبيّضت وجوههم...

حجاً مبروراً هذا اليوم.., لمن يحج..

وسعياً مشكوراً لمن يحمي.., ويخدم.., ويسهر..

فاليوم مشهد الوطن..

يوم أم الأمم...