كشفت الأيام الماضية الروح الاجتماعية التي يتمتع بها المجتمع السعودي وهو يروي الحكايات والمواقف التي عاشها مع سمو الأمير سلطان يرحمه الله رحمة واسعة ... حكايات تغوص في النسيج الاجتماعي لبلدنا تروى لأول مرة، رغم أنها تصب في الترابط وتعزّز الولاء والانتماء. فقد كان الأمير سلطان يحمل مشعل التراحم والتآخي والترابط ويتلمّس حاجات الناس... والرصيد الهائل من روايات الناس يؤكد أهمية الدور الاجتماعي للمسؤول مهما تعاظمت مسؤولياته وزادت... وكثير من الإجراءات التي اتخذها الأمير سلطان كانت مبادرات شخصية لتحقيق رغبات الناس ومعالجة خلل إجرائي يقف دون وصول أبناء المجتمع إلى غاياتهم... هذه الشخصية التي تميّز بها الأمير سلطان وأصبحت سمة من سماته العامة تمنينا نقلها إلى فئتين هما: أولاً: المسؤول
ثانياً: الأجيال الناشئة.
بالنسبة للمسؤول فقد تشكّل في الآونة الأخيرة أسلوب الجفاف والتعنيف في تطبيق الأنظمة والتعامل الحاد مع المراجعين، وساد اعتقاد أنّ تطبيق الأنظمة لا يمر إلاّ من خلال الخشونة والرعونة وتعسف الآخرين...
أما الأجيال الناشئة فلابد من نقل الأسلوب والمنهجية التي تعامل بها الأمير سلطان مع المجتمع، حتى وصل إلى هذا الاحترام والمحبة المتبادلة بينه وبين الناس. وهذا يتطلّب رصد مواقفه وأعماله وجعل المحللين الاجتماعيين يفسرون ويفلسفون تلك المواقف ويشرحونها، حتى يكون هناك تواصل مع الجيل المؤسس الذي بنى الدولة في ظرف سياسي صعب...
يلاحظ على المظهر العام لتعاملاتنا اليومية، اختفاء روح التعاون ومحاولة التباعد والتمايز والتمادي في التجاوزات دون مبرر إداري ومهني... ونخشى من المنزلقات وتضخيم الذات والحدية في تطبيق الأنظمة واللوائح...
بلادنا تتجه للدخول في مرحلة جديدة بعد الشفافية العالمية ودخول العرب في ربيعهم، وبعد أن اهتز العالم أو انتفض ضد القطب الأمريكي الأوحد، وضد محاولة عودة النفوذ الأوروبي من جديد، بعد أن احتفل العالم العربي برحيل المستعمر، لذا يتطلّب أن نعي هذه المرحلة ونتعامل معها بشكل جيد من خلال حرصنا على بلدنا والمحافظة على مكتسبا...
نحن في مرحلة خطرة وحساسة ولا تحتمل المجازفات أو المزايدة، لذا لابد من إشراك هذا الجيل في شؤونه وعدم عزله حتى لا يحدث فراغ بين الأجيال يكون سبباً في التباعد والقطيعة... وتحقيق ذلك يتطلّب إعادة النظر ببعض الإجراءات الإدارية التي لا تتناسب مع جيل يتغذّى على الثقافات العالمية ولا يرى فيها تغريباً.
a4536161@hotmail.com