ها هو الوعد الحق يتحقق في هذه البلاد، الناس من حولها يموتون جوعاً، ويتخطفهم الخوف والهلع، وهي في أمن وأمان، استقرار واطمئنان، هناءة عيش ورغد وسلام، إنه وعد الله سبحانه وتعالى بأن تظل هذه البلاد آمنة مطمئنة، تجبى لها الخيرات والثمرات من كل بلاد الدنيا، ويهنأ أهلها في أنفسهم ومعاشهم، ويهنأ كل من يفد إليها حاجاً أو معتمراً أو طالباً للرزق، إنها الصورة البهية، والواقع الذي يصدقه الكثير من الشواهد والدلائل، فلله الحمد والشكر على نعمه، ونسأله المزيد والمزيد لهذه البلاد الخيرة لتبقى منارة للخير وشاهدة عليه.
ومن دلائل نعم الله على هذه البلاد، هذه الألفة والسكينة، والمحبة والمودة، التي أنزلها الله على قلوب أهل هذه البلاد وقادتها فلمّت شملهم، ووحدت كلمتهم، فضربوا بذلك أروع الأمثلة وأصدقها على متانة التلاحم والتآزر والتآلف، مثل الجسد الواحد يتداعون جميعاً لمافيه الصالح العام، بعيداً عن أنانية الذات وانحرافاتها، وشهوة النفس في الاستزادة من مكاسب الدنيا ومغرياتها، هذه الألفة نعمة من الله ومنّة، فلو أنفقت كل أموال الأرض لما تحققت الألفة بين القلوب، لكنها إرادة الله وحكمته وقدرته هي التي صنعت هذه الألفة لتبدو القلوب جميها على قلب رجل واحد، هذه من مبشرات وعد الله لهذه البلاد بأن تكون واحة تنعم بالأمن والسلام، فلله الحمد والشكر أولاً وأخيراً.
ومما زاد من الشعور بالأمان، واستشعار الوحدة والألفة، أن يمكن الأمير نايف من ولاية العهد، وهي من المسؤوليات العظمى التي يجزم كل من عرف الأمير نايف أنه الأقدر إن شاء الله على التعامل مع ما يتطلبه هذا المنصب وهذا الاختيار والتكليف من أدوار وممارسات ترقى بالمهمة إلى المستويات العليا في الإنجاز.. لقد حبى الله الأمير نايف سمات شخصية، وخبرات عملية سوف تمكنه وتساعده على تحقيق الآمال والطموحات التي تنتظره في موقعه الجديد، فمن سمات سموه الشخصية التي تحظى بالتقدير والإعجاب، «حسن الإنصات»، ولهذه السمة قيمتها في تمكين الآخرين من عرض وجهات نظرهم وشرح مواقفهم وبيان مرئياتهم بكل وضوح وشمول، وقد يطول العرض ومع ذلك عرف عن سموه الإنصات التام حتى يفرغ المتحدث من عرض ما يريد، ولهذا ميزتان، الأولى: تمكين المتحدث من القول دون مقاطعة، وبهذا يعرض كل ما يعن له، ولا مجال لدعوى عدم التمكين من شرح وجهة النظر.. الثانية: أن سموه وهو ينصت للقول يستطيع أن يتفهم كل الظروف والملابسات التي يراد بيانها، وبالتالي يتمكن من استيعاب الفكرة، والتعليق عليها وبيان وجهة نظره حولها بقول مسدد موفق مقنع، وبهذا الخلق الرفيع «حسن الانصات» لا يملك كل من يتحدث مع سموه إلا الإعجاب به والدعاء له بالسداد في القول والعمل.
إن المتغيرات الحادة التي تعصف بالعالم العربي، تحتاج إلى حكمة نايف وهدوئه، وإلى حسن إنصاته الذي يعي به الأسباب والظروف التي صنعت هذه المتغيرات، ودفعت بها بهذه الصورة الحادة، الملاحظ أن الدوافع لهذه المتغيرات مختلفة من بلد لآخر، لكن الواضح أن المحرك لها هو الشعور بالظلم والتعدي على كرامة الإنسان وهدر حقوقه، لهذا ليس من الحكمة مصادمة هذا الشعور، بل تقتضي الحكمة اتخاذ مواقف عادلة، وتصرفات حكيمة، وقرارات مسددة، لرفع هذا الشعور عن النفوس وجعلها تتنفس بحرية تتوافق مع ما كفله لها الإسلام من حقوق وواجبات، وتنفس عن مخزوناتها النفسية المكبوتة التي تطالب بحرية العبادة، وتيسير سبل الحياة الكريمة وحفظ الضرورات الخمس التي كفلها الإسلام لكل إنسان.
لقد سعد منسوبو وزارة التربية والتعليم بأن التقوا سموه في أكثر من مناسبة ولقاء، وكانت لقاءات حافلة بطرح الكثير من وجهات النظر وتحليل الأحداث وبيان المواقف منها، وكان الأجمل في هذه اللقاءات تلك الردود من سموه والتي تنم عن استيعاب تام وإحاطة شاملة ومعرفة بكل المتغيرات والظروف المحيطة بالعمل التربوي والدور المأمول من رجال التربية في تعزيز الأمن الفكري والاجتماعي، وهذا مما عزز الثقة في النفوس وأوقد الحماسة إلى المزيد من الإخلاص والصدق في القول والعمل، زاده الله توفيقاً وسداداً، وأعانه على أمانة ولاية العهد التي هو الأقدر على تحمل مسؤولياتها وإنجاز مهماتها باقتدار.
ab.moa@hotmail.com