لا أجد بين يدي وفي ذاكرتي ثنائياً متناغماً في التعاطي مع العمل بروح الفريق الواحد، وعلى مدى ما يقرب من خمسة وأربعين عاماً بين مسؤولين كبيرين وبامتياز، كما أجده في الأميرين سلمان بن عبد العزيز وسطام بن عبد العزيز، إذْ على مدى عملهما معاً، الأول أميراً لمنطقة الرياض والثاني نائباً له، كان التفاهم السائد بينهما، واحترام كل منهما لوجهة نظر الآخر، وتحمُّل المسؤولية بالتكامل، وتوقير الأخ الأصغر للأكبر بالعمر وموقع المسؤولية واحترام الأخ الأكبر للأخ الأصغر، هي السِّمات التي ميّزت إمارة منطقة الرياض وشخصية أميرها ونائبه، وأعطت أعظم الدروس للغير في أهمية التفاهم والتعاون وإنكار الذات خدمة للوطن والمواطن.
***
وبالتأكيد فإنّ الأمير سطام قد تعلَّم كثيراً في مدرسة الأمير سلمان واستفاد منها الاستفادة التي ستكون زاده ورصيده يضيفهما إلى كفاءته وإخلاصه وخبرته وتعليمه العالي، في خدمة الموقع المهم الذي تركه له الأمير سلمان، بكلِّ ما هو عليه من تميُّز ونجاحات وتوسُّع في الصلاحيات والمسؤوليات، ما يعني أنّ الأمير سطام هو الأكثر تأهيلاً ليكون الخلف لسلفه الذي أعطى على مدى ما يقرب من ستين عاماً، من وقته وصحته وجهده، ما جعل إمارة منطقة الرياض بكل هذا البهاء والتنظيم والخدمات المتميّزة التي تمثِّل شخصيتها المتفرِّدة.
***
وبقدر ما خسرت إمارة منطقة الرياض أميرها سلمان بن عبد العزيز، فقد كسبت الإمارة نائبه أميرها الجديد سطام بن عبد العزيز الذي لم يأت اختياره وثقة المليك وولي عهده به، إلاّ من خلال النجاح الذي حققه والمسؤوليات التي قام بها إلى جانب توجيه أخيه الأمير سلمان، والتطلُّع من سموه إلى مزيد من الإنجازات المستقبلية تتحقق على يديه، وأقرب من يشهد على كفاءته وقدراته وجدِّيته وقد أيّده وكان في موقف المثني عليه دائماً هو سلمان بن عبد العزيز.
***
لكن إمارة منطقة الرياض وإنْ خسرت الأمير سلمان - أيضاً - فقد كسبته وزارة الدفاع، إذْ ليس هناك من هو أجدر وأقدر من سلمان يملك القدرة لأنْ يملأ الفراغ الكبير الذي تركه الأمير سلطان بن عبد العزيز، وليس هناك من هو في تأهيل وجدِّية الأمير سلمان لتولِّي هذه المسؤولية بكلِّ أهميتها ومسؤوليتها والدور المطلوب منها في السِّلم والحرب، ولذلك فإنّ ثقة المليك باختيار سموه وزيراً للدفاع مع إعادة هيكلتها لتتفرّغ لمهامها الأساسية، هو دفعة قوية لتفعيل العمل والاستمرار في تطويره والإفادة أكثر من خبرات وقدرات الأمير سلمان في موقعه الجديد.
***
ولعلّه من حسن الطالع والتوفيق أن يختار خادم الحرمين الشريفين الأمير خالد بن سلطان - وهو العسكري الخبير المجرّب - نائباً لسمو وزير الدفاع، وأن يكون الأمير محمد بن سعد الذي كان نائباً لأمير منطقة القصيم فمستشاراً لسمو وزير الداخلية، نائباً لأمير منطقة الرياض، وأن توضع الثقة بالأمير فهد العبدالله - بما هو عليه من تأهيل وكفاءة - لتولِّي مسؤولية الطيران المدني والخطوط السعودية، التي تحتاج إلى مزيد من الجهد والكثير من العمل، لتبلغ ما بلغته مطارات وخطوط طيران الدول المجاورة من مستويات ناجحة، وأن يتولّى ديوان سمو ولي العهد الأمير سعود بن نايف، وهو شخصية فاعلة تولّت مسؤوليات كبيرة في الداخلية وإمارة الشرقية والسلك الدبلوماسي، ما يعني أنّ لديه الكثير من الخبرات المتراكمة التي ستسهل إنجاز حركة المعاملات، وبخاصة ما يتعلّق منها بالمواطنين.
***
أخلص من كلِّ هذا إلى أننا أمام نمط جديد من العمل في شأن التطوير والتجديد والإبداع، وبما يلبي التطلُّعات المعقودة على ولي الأمر، ومن المؤكّد أنّ القافلة سوف تستمر نحو مزيد من الإنجازات، وصولاً إلى الأهداف التي رسمها خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين، وأكدا دائماً على أنها لخدمة الشعب ومن أجل الشعب، وهكذا هو الربيع السعودي، إنجازات متواصلة، ونجاحات مستمرة، وعمل لا يتوقف من أجل الإنسان السعودي، ولخيره ومصلحته.