نظرية « ثورة ولاية الفقيه» تـُذكّر بنظرية «الثورة العالمية الدائمة» في الأدبيات الماركسية التروتسكية الستالينية في الاتحاد السوفياتي.. المنتحر.
إن نظرية « ولاية الفقيه «، منذ الثورة الخمينية العام 1979م، بنت وأنشأت، على صعيد الواقع العملي، سياسات إقليمية لا تختلف، في نتائجها العملية، عن سياسات القومية العنصرية أو الشوفينية، عندما ادّعت لنفسها « الدولة ـ الإقليم «، أو «الدولة ـ المركز»، أو « الدولة ـ القاعدة « (و كلها مسميات تتشابه معانيها في حقل الجغرافيا السياسية)، وبالتالي تعاملت مع دول العالم على أنها مركز لاتخاذ القرار « نيابة !» عن الآخرين، أو وصاية عليهم، وإن كانت عملية اتخاذ القرارتتموّه بآلية فقهية دينية عبر صيغة « نائب الإمام « أو» الولي الفقيه «، إذ ما تلبث، في السياق العملي وتحت وطأة الأحداث ومجرياتها، أن صارت نظرية « ولاية الفقيه « ـ وهي اجتهاد شيعي من ضمن اجتهادات أخرىـ إلى مركز مُنتج لخطاب سياسي ـ ديني تخترقه وتؤثر فيه اعتبارات الدولة الإقليمية ومصالح الجغرافيا الاقتصادية والإستراتيجية، كما صُيّرت «السياسة الشرعية» غطاء تمويهيا ذرائعيا للصراعات السياسية الداخلية والخارجية.
العبثية أن ادّعاء فهم الإسلام دينا عالميا وسياسة أممية، مُتقنعا بنظرية «الولي الفقيه»، يتبدّى سياسات إقليمية ومركزية حيال الجوار، وسياسات استبدال وإلغاء لإرادة الآخر، كلّ آخر، واختراقا لداخل مجتمعات أخرى مختلفة، بحجة ما سُمي في أدبيات «ولاية الفقيه» بـ»تصدير ثورة إمام الزمان» إلى كل بقاع الأرض.
إن دولة» ولاية الفقيه « تـُرسّخ نفسها في الأذهان، وعلى صعيد الواقع العملي، على أنها دولة قومية شوفينية تحمل عنصرية آرية، لا تكتفي، عمليا، بإلغاء الإسلام، أو إغفاله من مشهد أربعة عشر قرنا من التاريخ، بل هي تجعل القومية الآرية ايديولوجية توسّعٍ وتعصّبٍ وهيمنةٍ حيال الجوار الجغرافي والثقافي والإثني.
نعرف أن المال والقوة، هما اللذان يصنعان لعبة « الولي الفقيه « العقائدية، وبالطبع مع الإفادة من الفجوات العربية الثقافية والاجتماعية والنفسية المُروّعة: اقتل! فيقتلون!.
إن الإحساس الأقلوي الذي تُنمّي دونيته في نفوس الضعفاء، نظرية تصدير ثورة «الولي الفقيه»، يجعل مقاتلي أقليته الأكثر وحشية في التعامل مع الضحايا.
لا أريد أن اُسمّي الأشياء بأسمائها، وإن كان واضحا أن العرب لم يكونوا يوما وراء المشكلات الكبرى التي تواجهها وتعاني منها الأقليات في العالمين العربي والإسلامي.
من بين الأطراف «الإسلامية» التي فعّلت وتفعّل ذلك نظرية «ولاية الفقيه» ربما بدوافع عنصرية تاريخية معينة. تكفي العودة إلى كتاب الدكتور جورج قرم «جيولوليتيكية الصراع اللبناني» - باللغة الفرنسية، لمعرفة الدور الذي سبق أن لعبته، ولا زالت، بعض الأقليات لتحطيم الشخصية السياسية والثقافية للعرب.
Zuhdi.alfateh@gmail.com