إذا كانت المؤسسات التجارية الكبرى لم تعد بتلك الأهمية في هذا القرن, حيث توصل الاقتصاد الحديث إلى استبدالها بما يعرف بالمؤسسات الصغيرة انطلاقاً نحو التنمية المستمرة التي يشارك بها الجميع, إذا كان هذا على مستوى المال والأعمال، فماذا يمكن أن نقول عن المؤسسات المركزية الحكومية الكبرى، كالوزارات مثلاً.
مازالت الدوائر الحكومية الكبرى: تربوية وثقافية واجتماعية وإعلامية ودينية ترزخ تحت هيكل إداري ضخم بحجم مساحة المملكة, ففي كل منطقة ومدينة فرع ومدير ومكاتب، لا ينفع معها حل ولا عقد ولا تقسيم, ولم يحدث بها تغيير ملموس وواضح رغم تغير الوزراء والوكلاء ومديري العموم.
الكيانات الاقتصاديات الكبرى في طريقها للتلاشي، وسيتم استبدالها بما يعرف بـ(ريادة الأعمال) إحدى أهم الخطوات باتجاه مجتمع المعرفة, وتأتي فلسلفة ريادة الأعمال، من كونها كيانات اقتصادية صغيرة، يمكن أن يتصدى لها جميع أبناء المجتمع، وهي أكثر قدرة على الاستمرار وأقل تأثراً إذا ما هبت عليها العواصف الاقتصادية العالمية المدمرة، وهي قناة أكيدة توصل لمجتمع المعرفة, وتكسر حدة المركزية وتغير مفهوم المدير العام الواحد الذي لا يتحرك أحد إلا بإمرته.
أما المؤسسات الثقافية الكبرى فما زالت غير قادرة على التحرك وفقاً لمفاهيم العصر وغير قادرة على فهم ما يدور حولها، غير قادرة إلى تقسيم نفسها إلى كيانات ثقافية صغيرة مستقلة يشارك بها أبناء المجتمع الواحد وغير قادرة على تحول منتجها إلى منتج إبداعي يجلب ثروة مالية، ولم تفكر بتطوير نفسها بما يتوافق مع التحولات الجديدة, وهي الأخرى في طريقها للتلاشي, مقارنة ببروز الإعلام الجديد الذي أصبح ندا قويا لها، فأصبح جيل الإعلام الجديد يقدم مادته الثقافية والإعلامية بالشكل الذي يراه، ولم يعد بحاجة إلى خدمات المؤسسات الثقافية والإعلامية الكبرى، فهو ينتنج مادته وفقاً للعصر الراهن وبصورة اقتصادية وبدون هيمنة مدير أو رئيس قسم أو رقابة, بصورة تهدد مستقبل المؤسسات المركزية الكبرى التي لم تحرك ساكناً حتى هذه اللحظة.
عندما نتحدث عن ريادة الأعمال فإننا لا يمكن أن ننسى الدور التأسيسي الذي قامت به جامعة الملك سعود عندما أنشأت مركز ريادة الأعمال, والذي كان له دور كبير في تأسيس وعي شامل بهذا المفهوم، وكانت خطوة موفقة عندما وقّع معالي الأستاذ الدكتور عبدالله بن عبدالرحمن العثمان مدير جامعة الملك سعود عقد توأمة مع جامعة كنت ستيت الأمريكية صباح الثلاثاء (4-12-1429هـ)، وذلك لتدريس ريادة الأعمال في السنة التحضيرية بالجامعة وتطوير مناهج ريادة الأعمال، وذلك لمدة ثلاث سنوات.. فخلال السنوات الثلاث التي مضت أصبح لدينا أرضية متماسكة عن ريادة الأعمال وأسماء بارزة في هذا التخصص مثل: البروفيسور أحمد الشميمري رئيس جمعية ريادة الأعمال وعدد آخر من رجالات هذا التخصص الحيوي.
nlp1975@gmail.com