كثيرة هي التطلعات والآمال التي يعلّقها المواطن على الشخصيات التي نالت ثقة المليك ومن بعده الشعب باختيارها للمواقع المهمة الجديدة التي حددتها الأوامر الملكية؛ إذ إن وزارة الدفاع وإمارة منطقة الرياض والهيئة العامة للطيران المدني وديوان سمو ولي العهد تعني من الأهمية ما تعنيه في مسؤوليتها عن خدمة الشعب والدفاع عن الوطن ورسم خريطة تحدد الأهداف والرؤى والأفكار لمواصلة العمل البناء وبذل المزيد والكثير من الجهد؛ لتكون المملكة بكل مؤسساتها وقطاعاتها -كما هي دائماً- جديرة باسمها ومكانتها وهيبتها وتأثيرها.
* * *
وهذه الآمال تأتي من منطلق ثقة الشعب بهؤلاء الرجال، ومن معرفة كل مواطن بما يتميّزون به من قدرات وخبرات، ومن أنهم قد أثبتوا في مواقعهم السابقة - على مدى سنوات- ما تأكد للجميع أنهم خير من يقود هذه المواقع في المرحلة القادمة، بنفس الروح والإخلاص والجدية التي كانوا عليها في مواقعهم السابقة وقبل أن يتم اختيارهم للأماكن الجديدة.
* * *
وهذه التقديرات، أو القراءات، لما هو متوقع ومنتظر منهم، إنما هو حصيلة مراجعة واستعراض لما أثمرت عنه جهودهم من نجاحات خلال سنوات طويلة خلت، وهي فترات ليس أمامنا إلا أن ننظر إليها على أنها تمثل القياس الحقيقي للقدرات الإدارية في إدارة كل منهم لعمله السابق، وبالقدر الذي هيأهم للوضع الجديد لمواصلة مشوار العمل وخدمة المواطنين وبذل كل جهد ممكن من أجل وطن نتحمّل جميعاً معهم مسؤولية حمايته والدفاع عنه.
* * *
وهذا الفيض من مشاعر الترحيب المصاحبة لصدور الأوامر الملكية، إذ تصدر بهذا الانتشاء من أفراد الشعب، وتقابل بهذه الروح، وتعبِّر عن موقفها بمثل ما قيل أو كُتب عنها، إنما ينمُّ عن مستوى العلاقة الممتازة التي تربط المليك بمواطنيه، وقد جاءت هذه المناسبة للتأكيد عليها، وإظهار ملامحها وصورها بما يلغي أي تصوُّر يخالف هذا الانطباع، وهو ما يعني أنّ هذا التلاحم والتكاتف والتعاون بين القيادة والشعب، لا يمكن أن يُنظر إليه إلاّ على هذا النحو من الفهم والتفاهم نحو دور كل منهم في بناء الدولة وتنميتها وتطويرها وحماية مكتسباتها، وصولاً إلى الأهداف المرسومة لتحقيق ذلك.
* * *
ولا أحسبني في حاجة إلى تأكيد ما هو مؤكَّد، أو تعريف ما هو معرَّف ومعروف عن هذا النسيج الاجتماعي الذي يربط بين أفراد الشعب من جهة وبينهم وبين قيادتهم من جهة أخرى، فهذه من الثوابت ومن المسلَّمات ومن التاريخ المضيء والبهيِّ لشعب المملكة، ومن المكتسبات التي عزّزت من قوّتنا ومكّنتنا من أن نكون بهذا المستوى من القوة والثقة والاعتماد على الذات حيث نحن الآن، دون أن ندَّعي أدواراً أو مواقع ليست لنا أو لسنا مؤهّلين لها.
* * *
هذه ومضات اقتضت المناسبات التي مرّت بها المملكة - حلوها ومرها - بأن نبوح بها، وأن نعبر في أجوائها عن شيء من خلجات النفس، وكلُّنا أملٌ وتطلُّع وتفاؤل بأنّ قافلة الإصلاح ماضية، وأنّ مسيرة التجديد مستمرة، بما يبني ولا يهدم، ووفق الرؤية السعودية النابعة من الداخل، دون أن يكون ذلك له علاقة بإملاءات خارجية، أو له صلة بالضغوط الدولية المعتادة على بعض الدول، فقيادتنا وشعبنا أدرى وأعرف بالمصلحة التي تلبِّي وتستجيب لآمالنا وتطلُّعاتنا، والتغيير بين الأشخاص في مراكز القيادة، وهيكلة بعض القطاعات، وإعادة النظر في بعض الأنظمة والقوانين، تمثِّل بعضاً من حركة التغيير والتجديد نحو الأفضل، وملامح التجديد الحالية اقتضتها الظروف والمستجدات، فجاءت على هذا النحو الذي قوبل بهذا الزّخم من الترحيب.
* * *
ومن الواضح أنّ هناك حركة إصلاحية دائمة يقودها خادم الحرمين الشريفين، متلمِّساً من خلالها ما يحقق المصلحة لشعبه، حيث المزيد من الأوامر الملكية والمراسيم الملكية، كلّما كانت هناك حاجة للتجديد، وفق ما يراه ويقدِّره الملك عبد الله بن عبد العزيز بنفسه، بمعنى أننا في مرحلة تحوُّل دون أن يكون ذلك على حساب التخلِّي عن الثوابت ومقومات البناء والتأسيس التي قادها وأرساها الملك عبد العزيز، وإنما هي الامتداد الطبيعي لروح وفكر ومنهج الملك المؤسِّس، ولشخصية الدولة السعودية المتميِّزة، التي ارتضاها المواطنون وبايعوا ملوكهم اعتماداً على استجابتها لآمالهم وتطلُّعاتهم.