قد تتعامل مع «البلطجي» المخرب، وقد تهاب أفعاله غير المنضبطة التي يتبعها في تنفيذ الأعمال الإرهابية والتخريبية فتقدم له تنازلات محسوبة، وفي التعامل مع الأنظمة قد تشركه في المنظومة الإقليمية لتضمن سلاسة تنفيذ إجراءات التعامل الدولي، إلا أنك في النهاية تحتقر هذا النظام البلطجي وتنتظر أقرب فرصة للتخلص منه بل وحتى الإجهاز عليه.
هذا بالضبط ما يحصل في تعامل الدول مع بعضها البعض، ومع القادة في تعاملهم مع نظرائهم، وقد كان الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي صادقاً وهو يترجم مساحة الإحباط في التعامل مع رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو: «لقد سئمت منه ولم أعد أحتمل رؤيته إنه كاذب». فيرد أقوى رئيس دولة في العالم أوباما: «أنت سئمت منه لكنني أنا مضطر للتعامل معه كل يوم».
هذا بالنسبة لشعور وموقف رئيسين لدولتين مهمتين من أكبر الدول وأهمها في وقتنا المعاصر، في تعاملها مع رئيس حكومة لكيان صنعوه وفرضوه على المنطقة العربية فأصبح عبئاً عليهم وعلى النظام العالمي.
في العالم العربي يزخر المشهد بكثير من الذين أصبحوا قادة لدول عربية يحتم على نظرائهم الآخرين الذين يختلفون عنهم سلوكاً وثقافة أن يتعاملوا معهم يومياً. كان القادة العرب في مؤتمرات القمة يرسمون الابتسامة على وجوههم، وفي داخلهم مواقد موقدة وهم يتحدثون مع آخرين هم أقزام مقارنة بقاماتهم العالية التي تحتفظ بها شعوبهم لهم. لنا أن نتصور كيف يكون الموقف حينما تضطر إلى محاورة من تعلم يقيناً بأنه كاذب ومحتال ومناور لا يهتم إلا بمصالحه الشخصية ومصالح الطائفة التي ينتمي إليها.
لا حاجة بنا لإيراد أسماء من تسلقوا السلطة في الكثير من الأقطار العربية فهم كثر وإن نقص عددهم ثلاثة، واثنان يترنحان.
ممارسة الحكم وسياسة إدارة البلاد، قبل أن تكون «فهلوة» كما يمارسها بعض الحكام، هي قبل ذلك أخلاق ومبادئ وقيم تظهر صورها في تجسيد ذلك الحاكم للحكم الرشيد، وبجهد قليل يمكن فرز الحكام الذين يسأم كل من تجبره الظروف على التعامل معهم عن البقية القليلة التي لا يرتاح الإنسان ليس للتعامل معهم فحسب بل وحتى النظر إليهم.
jaser@al-jazirah.com.sa